ما هو علم الجيولوجيا البنائية؟
إن علم الجيولوجيا البنائية هو عبارة عن الزلازل التي تهز أماكن مختلفة من قشرة الأرض هنا وهناك، ويضم البراكين التي تلفظ (الماغما) ما تحتوي من غازات وصهير بصورة شبه منتظمة في أماكن محددة على سطح الأرض، بالإضافة إلى الصخور المنثنية والمتصدعة التي توجد ظاهرة فوق القشرة الأرضية.
إن جميع هذه الأشياء وغيرها تدل على أن الأرض ليست جامدة أو خامدة كما يخيل لنا، ولكنها في حالة حركة وديناميكية دائمة، ويحدث في أغوارها (باطن الأرض) عمليات داخلية غاية في التعقيد، ويصعب فهم طبيعتها وميكانيكيتها في معظم الأحيان.
ومن الأدلة على ذلك أيضاً إن التاريخ التشوهي لكثير من الصخور المنكشفة على سطح الأرض، يعكس في بعض الأحيان أنها تكونت على أعماق كبيرة من السطح، ثم تعرضت إلى انفعالات شديدة بفعل الضغوط ودرجات الحرارة فتصدعت أو انثنت، ثم ظهرت على سطح الأرض بفعل بعض الحركات الأرضية التكتونية.
وهذه العمليات عادة ما تتم بمعدل غاية في البطئ إذا ما قورنت بالتاريخ الانساني فوق سطح الأرض، ولكن بمرور ملايين السنين تعمل على تشكيل الظواهر المختلفة على سطح الأرض، فلو تخيلنا أن كتلة صخرية ضخمة تنبثق بمعدل ملي مترات بسيطة سنوياً فإنها بعد بضعة ملايين من السنين سوف تصبح سلسلة جبلية هائلة وعملاقة.
ونفس الشئ يتم أيضاً على بعض البحار الضيقة المنغلقة مثل البحر الأحمر، والتي تتسع بمعدل مليمترات بسيطة سنوياً بفعل انتشار قيعانها، فإنها بعد بضعة ملايين من السنين أو ربما أقل سوف تصبح محيطات عملاقة.
وبعض الحركات الأرضية تكون بسيطة وضعيفة جداً في مكان معين لدرجة أن هذه الحركات تتسبب في نقل الصخور من مكان إلى آخر دون ثمة تغير يذكر في شكلها أو في حجمها، وبعض هذه الحركات يكون شديداً لدرجة أنه يشوه الصخور ويغير في شكلها وحجمها ويترك آثاراً تشوهية واضحة عليها.
أهم المعلومات عن علم الجيولوجيا البنائية:
الجيولوجيا البنائية عبارة عن علم يهتم بدراسة الحركات الأرضية التي تشوه الصخور، وتلعب دوراً فاعلاً في تشكيل وتطور القشرة الخارجية من سطح الأرض، والاصطلاح الإنجليزي (structure) منحوت عن الكلمة اللاتينية (struere) والتي تعني البناء، وبالتالي يكون المعنى الصحيح لـ (structural geology) هو الجيولوجيا البنائية أو الجيولوجيا البنيوية.
أما اصطلاح الجيولوجيا التركيبية والذي نستخدمه كثيراً في المراجع العربية فهو اصطلاح خاطئ؛ لأنه يعني تركيب شيء في شيء آخر، وعلى أية حال عمل الجيولوجيين على استخدام مصطلح الجيولوجيا التركيبية عند الحديث عن البنى الجيولوجية وعند دراسة التراكيب الأرضية الجيولوجية أيضاً.
وقد حدثت طفرة هائلة في علم الجيولوجيا البنائية منذ ستينات القرن الميلادي العشرين، وتحول هذا العلم من الناحية الوصفية البحتة إلى الناحية الكمية، وبتطبيق قواعد وأساسيات ميكانيكا الكم تمكن العلماء على المستوى المعملي من محاكاة ما يحدث للصخور من عمليات تشوه في الطبيعة، ونجحوا أيضاً في دراسة المعادن المشوهة مجهرياً وهو ما أضاف الكثر والكثير من عمليات تشوه وتكوين البنى الجيولوجية (أي التراكيب الجيولوجية).
وعندما بدأ علماء الأرض بصفة عامة وعلماء الجيولوجيا البنائية بصفة خاصة يتأكدون بأنفسهم من المعطيات والفرضيات التي نادى بها ووضعوا نظرية (بنائية الألواح)، حدث تفهم شبه كامل للتراكيب الجيولوجية التي وجد على مستوى القارات والتي تفصل بين ألواح أو لويحات الأرض.
وحدث أيضاً تفهم لطبيعة الحركات الأرضية، وهذا التفهم لم يكن على مستوى قشرة الأرض فحسب، بل كان أيضاً على مستوى الوشاح الأرضي (أي بمعنى الستار والقشرة (اللحاف))، وإزاء ذلك بدأ العلماء والجيولوجيين يتكلمون عن عمليات التشوه الأرضي التي تؤثر على صخور القشرة الأرضية وعلى الوشاح أيضاً.
ومن منطلق نظرية بنائية الألواح بدأ البعثات الجيولوجية الحقلية ترسم الخرائط الجيولوجية، وبدأت توقع عليها التراكيب الجيولوجية واضعة في الاعتبار التفسير التكتوني لهذه التراكيب وكيفية نشأتها في إطار التاريخ التشوهي العام على مستوى الكرة الأرضية ككل.
ومن المهم معرفة أنه قبل نهاية القرن الميلادي العشرين حدثت أيضاً عملية تكامل بين علم الجيولوجيا البنائية وبين بعض علوم الأرض الأخرى وبشكل خاص علم الجيوفيزياء، حيث أن الدراسات الجيوفيزيائية السيزمية والمغناطيسية وغيرها قد أضافت الكثير من المعلومات عن الحركات الأرضية والتشوهات التي قد حدثت للأرض في الماضي، بل والتي ما زالت تحد في وقتنا الحاضر.
ومن أهم أفرع علوم الأرض التي تلعب دوراً مهماً في تفهم التراكيب الجيولوجية هي علم الصخور الأرضية وعلم الجيوكيمياء بالإضافة إلى علم الأحافير والمستحاثات.