النظام القانوني للمجال الجوي والفضائي في القانون الدولي

اقرأ في هذا المقال


تنظيم الملاحة الجوية الدولية:

تقوم الدولة على ثلاث ركائز هي: المنطقة والشعب والسلطة. ووفقاً لقواعد القانون الدولي المتعلقة بالحدود والمحيطات، فإن إقليم الدولة يشمل المناطق التي تخضع للمكونات الطبيعية من البر والبحر والجو للولاية الوطنية. ومنذ اندلاع الحرب العالمية الأولى واستخدام الطائرات كوسيلة لنقل الأشخاص والبضائع بين الدول وكسلاح فتاك في الحرب، تمت مناقشة مسألة تحديد النظام القانوني للمجال الجوي للدولة بعمق.

ومع تسارع الاختراعات والتطور التكنولوجي واكتشاف الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية والصواريخ بعيدة المدى، اخترق الإنسان الفضاء الخارجي بدون هواء وجاذبية وهو السبب الذي يثير اهتمام الدول والمؤسسات الدولية والقانونية.

ومنذ بداية القرن العشرين، بعد استخدام الطائرات المدنية على نطاق واسع لنقل الركاب والبضائع بين الدول، أصبح المجتمع الدولي مهتمًا بتنظيم الملاحة الجوية الدولية، أي تلك الملاحة الجوية خارج حدود الدولة. وفي نهاية الحرب العالمية الأولى، استخدمت الطائرات الحربية لأول مرة في التاريخ.

ومن الواضح أنه بعد عدم وجود قواعد قانونية عامة وعرفية مستقرة في هذا الصدد، تولّى مؤتمر المصالحة مهمة إنشاء نظام قانوني دولي للملاحة الجوية وأبرم المؤتمر اتفاق باريس في 13/10/1919 م. وبالإضافة إلى اللوائح المتعلقة بالملاحة الجوية الدولية، حيث كانت الاتفاقية سارية المفعول منذ عام 1922، لكن معظم الدول الأمريكية لم تلتزم بالاتفاقية وأبرمت اتفاقية إقليمية مماثلة بينها وهي اتفاقية هافانا لعام 1928.

ولم تصدق جميع الدول الموقعة على اتفاقية باريس لعام 1919، لكن بعض الدول رفضت الانضمام للاتفاقية؛ لأنها تبنت مبدأ ممارسة الدول للسيادة على مجالها الجوي الوطني، وهو ما يتعارض مع آراء بعض الدول. على سبيل المثال، تميل سويسرا وهولندا إلى تبني مبدأ حرية المجال الجوي الوطني.

لذلك، أبرمت العديد من الدول اتفاقيات ثنائية تمنح بموجبها كل منها الأخرى حق استخدام مجالها الجوي؛ لأن اتفاقية باريس هي نتيجة لاتفاق تم التوصل إليه بين أطرافها وليس اعترافًا بنظام موضوعي مستقر. وأتاح التقدم العلمي لصناعة الطائرات صياغة قواعد جديدة للملاحة الجوية وعقد مؤتمر دولي آخر أدى إلى إبرام اتفاقية شيكاغو في 7 ديسمبر 1944، في نهاية الحرب العالمية الثانية.

ومع انتشار عمليات الخطف والنقل، تم إبرام سلسلة من الاتفاقيات الدولية لوقف التعديات على الطائرات والاستيلاء غير المشروع عليها. وتمامًا كما تم إبرام اتفاقية طوكيو في 14/9/1963 واتفاقية لاهاي في 16 ديسمبر /كانون الأول 1970 وتم إبرام اتفاقية مونتريال في 23 سبتمبر /أيلول 1971.

وتجدر الإشارة هنا أيضًا إلى أن القواعد القانونية المتعلقة بالمسؤولية المدنية عن حوادث الطيران قد تم توحيدها في اتفاقية وارسو لعام 1929، وقد تم تعديلها وفقًا لبروتوكول لاهاي لعام 1955 واتفاقية مونتريال الدولية للخدمات الجوية لعام 1999.

النظام القانوني للفضاء الخارجي:

إن التقدم والإنجازات العلمية غير العادية في مجال غزو الفضاء الخارجي تجبر الناس على البحث عن نظام قانوني دولي؛ لتحديد حقوق والتزامات الدول التي تدخل الفضاء والتعامل مع جميع المشاكل والتخيلات التي تفوق الخيال والمتعلقة بهذه الظاهرة.

وكان الاتحاد السوفيتي السابق أول من أطلق مركبة الفضاء، حيث أطلقت المركبة الفضائية قمرًا صناعيًا، ودارت حول الأرض على ارتفاع 900 كيلومتر فوق سطح الأرض، ثم أطلقت بعد شهر آخر وطار على ارتفاع 1500 كيلومتر. ثم سارعت الولايات المتحدة الأمريكية للرد بإطلاق ثلاثة أقمار صناعية على التوالي عام 1958.

وفي وقت لاحق، زادت الأنشطة الفضائية وأطلق الاتحاد السوفيتي مركبة فضائية تحمل أول رائد فضاء روسي غاغارين في تاريخ 13 أبريل 1961. ودارت المركبة الفضائية حول الأرض ثم هبطت بسلام في موقع معين. ومنذ ذلك الحين، استمرت الرحلة الفضائية الناجحة حتى تمكن الاتحاد السوفيتي من هبوط أول محطة فضائية على سطح القمر في أوائل فبراير 1966، ثم هبطت بعدها محطة فضائية أخرى، محققة نتائج ملحوظة الإنجاز. وبعد الرحلة، هبطت على ارتفاع 3 بوصات على سطح كوكب الزهرة وحلقت لمدة ثلاثة أشهر ونصف.
ثم سرعان ما حققت الولايات المتحدة أهم إنجاز في مجال استكشاف الفضاء. ففي تموز 1969، هبطت الولايات المتحدة المركبة الفضائية على سطح القمر وأخذت عينات منها، حتى يتمكن ثلاثة رواد فضاء من الهبوط على سطح القمر. وكانت الأدوات العلمية مثبتة على الأرض ثم إعادتها إلى الأرض بأمان كما هو مخطط لها.
ومنذ ذلك الحين بدأت الدول الكبرى في إرسال مركبات فضائية لاستكشاف الفضاء الخارجي والكواكب والأجرام السماوية وإجراء الاختبارات العلمية، كما تم إطلاق العديد من الأقمار الصناعية لتدور حول الأرض لرصد ما يحدث في العالم، وذلك من خلال التنصت أو المراقبة السرية لجمع المعلومات. وكما استغلت هذا التطور العلمي الضخم لتطوير الفضاء لأغراض عسكرية، كان أخطرها ما يسمى بـ “حرب النجوم” التي أعلنت عنها الولايات المتحدة في الثمانينيات.

شارك المقالة: