اقرأ في هذا المقال
يعتبر الحق في تقرير المصير أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي العام التي اتفق عليها المجتمع الدولي، وقد بدأ بالفعل بعد الحرب العالمية الثانية، حيث احتل مكانة في النصوص والاتفاقيات الدولية، ثم استمر تعزيزه أكثر فأكثر وبواسطة نص وميثاق الأمم المتحدة وقرارات محكمة العدل الدولية.
تعريف حق تقرير المصير:
يمكن تعريف حق تقرير المصير على أنه حق قانوني دولي من حيث أنه أحد أهم مبادئ حقوق الإنسان، وهو مصطلح سياسي ودولي. ويهدف الى أن لكل المجتمعات ذات الهويات الجماعية الفريدة الحق في تحديد أهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، واختيار النظام السياسي المناسب لها، سواء كان نظامًا رئاسيًا يحكمه ملك عن طريق الوراثة أو برلمانيًا، أي عن طريق التصويت وذلك للحصول على الرفاهية بعيدًا عن أي تدخل خارجي.
وتجدر الإشارة إلى أن مصطلح تقرير المصير ظهر على الساحة الدولية، وساد مفهوم سلطة الشعب في هذه الفترة، فكانت الثورة الأمريكية عام 1776 والثورة الفرنسية عام 1789. وكان الهدف من إنشائها تمكين الشعب والتخلص من نظام استبدادي، والحق في تقرير المصير مذكور فيه. والخطاب الذي ذكره الرئيس الأمريكي مونرو عام 1823، حيث جاء ذلك في سياق رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد.
ثم ورد هذا الحق في الفقرة الخامسة من الاقتراح الذي قدمه الرئيس الأمريكي ويلسون عام 1918. وفي عام 1945 ظهر حق تقرير المصير في نص الميثاق الدولي، وبعد أن ورد ذكر حق تقرير المصير في العديد من المعاهدات والفتاوى الدولية لمحكمة العدل الدولية، تم تعزيز وضعها القانوني.
مصادر حق تقرير المصير في المواثيق الدولية:
يستند حق تقرير المصير إلى الاتفاقيات الدولية والاتفاقيات الإقليمية والقرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية حيث أعطها التزامًا أخلاقيًا. وهذه المصادر هي:
الفرع الأول: الاتفاقيات الدولية:
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات تنص على حق تقرير المصير وجاءت كما يلي:
- يعتبر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 في عام 1960 المرجع الرئيسي للقرار أصله هو حق تقرير المصير، وهو قرار معروف لمنع الاستعمار، ويوفر الاستقلال للشعب. وتضم المستعمرة شعوب المغرب العربي والجزائر وتونس والمغرب ينص على حق الشعوب في تقرير المصير الخطوات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي سيتم اتخاذها لمنح الأشخاص التابعين الاستقلال الكامل، ولا تستخدم أي مبررات لتأخير هذا الأمر، وإلا فإنه يشكل حرمانًا من حقوق الإنسان الأساسية، ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة ويعيقه، والسلام والتعاون الدولي وأصبح هذا القرار الأساس لجميع قرارات الأمم المتحدة اللاحقة المتعلقة بالحقوق.
- نص “قانون الحقوق المدنية والسياسية الدولية” الصادر عام 1966 في مادته الأولى: “كل شخص لديه الحق في تقرير المصير” وفقًا لهذا الحق، فالدولة لها الحق في تقرير وضعها السياسي بحرية وكذلك الحق في متابعة تنميتها بحرية الاقتصاد والمجتمع والثقافة.
- إعلان الجمعية العمومية للقرار رقم 2625 لسنة 1970 بالإجماع في أكتوبر 1970 ومنها إعلان العلاقات الودية والتعاون بين الدول الصادر بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتمت الموافقة عليه في الإعلان مع عدة بنود وأهمها:
2- حق الشعوب في تقرير المصير دون تدخل خارجي، بما في ذلك الحق في تقرير وضعها السياسي ومتابعة تنميتها الاقتصاد والمجتمع والثقافة.
1- يشكل إنشاء أو إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة أو الاندماج الحر مع دولة مستقلة أخرى أسلوبًا محددًا للممارسة حق الشعوب في تقرير المصير.
- البروتوكول الاختياري لميثاق الحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1977 والذي يتضمن آلية تنفيذ لمتابعة الإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع، وإجراء مراجعة الحقوق والدولة في هذا الشأن والتحقق من التزام الدولة بتنفيذها.
- الإعلان الصادر عن المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المنعقد في فيينا من 24 إلى 25 يونيو 1993 م، للشعب الحق في تقرير مصيره والتأكيد على أن لكل الناس الحق في تقرير المصير ولهم الحق في تقرير وضعهم السياسي الخاص.
الفرع الثاني: الاتفاقيات الإقليمية:
بالإضافة إلى هذه القرارات، فإن الدول الأفريقية لديها أيضًا مواقف واضحة بشأن الاعتراف بالحق في تقرير المصير، خاصةً لأنه عانت معظم الدول العربية والأفريقية من حركات استعمارية وفقدت حقها في تقرير المصير، ومن أهمها:
- نص إعلان الجزائر الصادر في يوليو 1976 على أن لكل فرد الحق في تقرير مصيره ووضعه السياسيون أحرار تماماً، دون أي تدخل أجنبي.
- نص المادة 20 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان لعام 1981 على أن لكل فرد الحق في الحياة لكل فرد الحق المطلق وغير القابل للتصرف في تقرير المصير، والحق في تقرير وضعه السياسي بحرية وضمان تنميته الاقتصادية الاجتماعية.
بالإضافة إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية، تساهم محكمة العدل الدولية أيضًا في إصدار الفتاوى، فعندما نظرت محكمة العدل الدولية في قضية ناميبيا، اعتُبر الحق في تقرير المصير مبدأ قانونيًا ملزمًا. وفي قضية الصحراء الغربية وفي تيمور الشرقية.
الحالات القانونية لحق تقرير المصير:
هناك نوعان من حق تقرير المصير:
الفرع الأول: حق تقرير المصير الخارجي:
ما نتحدث عنه هو حق تقرير المصير الذي طالب به الشعب الاستعماري، وهو الحق المعلن في إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث تم النقاش حول مؤتمر الأمم المتحدة في عام 1960 وكان يحتوي على أوضاع مستعمرات دولة الجزائر وتونس والمغرب في قراره رقم 1514. وقد وافق أعضاء المجتمع الدولي على هذا الحق، ولم يتم إبداء أي تحفظات على الموافقة أو الممارسة.
كان حق تقرير المصير مرتبطًا إرتباطاً وثيقاً بالشعب الاستعماري حتى سقوط جدار برلين عام 1989 وتفكك الاتحاد السوفيتي. وفي العديد من البلدان، ظهر صعود حركات التحرر على أساس الدين والعرق والجنس وصعود الطوائف والجماعات الى أن ظهر ما يسمى “تقرير المصير الداخلي”.
الفرع الثاني: حق تقرير المصير الداخلي:
هذا يعني أن غالبية الناس في الوحدة السياسية التي تمثلها لهم الحق في ممارسة السلطة وفقًا الى مبادئ القانون الدولي حيث يمثل شكل من أشكال مؤسسات الدولة، ويستوفي متطلبات الأكثرية في معظم الحالات، هذا هو الحق الذي يؤدي إلى اتخاذ القرار وبالتالي يؤدي إلى الانفصال الذي يعتبر مرحلة متقدمة من حق تقرير المصير، ولم يعد يشير إلى سلطة اتخاذ القرار للشعب المستعمر. وقد جذب مصيرها انتباه مجموعة من الأقليات العرقية أو الدينية الذين يطالبون بالانفصال عن وطنهم وإقامة دولة مستقلة لهم.
ويمكننا أن ننظر إلى الوضع في جنوب إفريقيا كمثال واضح على تنفيذ الحق في تقرير المصير واختيار نظام الحكم، لأن معظم الناس يمكنهم انتقلت الدول الأفريقية من إنهاء الفصل العنصري إلى إقامة دولة ديمقراطية وإنهاء التمييز العنصري.