شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر التوقيع على سلسلة من المعاهدات الدولية الهادفة إلى صياغة القواعد القانونية المتعلقة بالحروب والنزاعات المسلحة. حيث تم توقيع أول اتفاقية لتحسين مصير الجنود الجرحى في ساحة المعركة في جنيف عام 1864.
وفي مؤتمر لاهاي الأول للسلام عام 1899، وقّعت الدول المشاركة سلسلة من الاتفاقيات التي تحدد قواعد قوانين وأعراف الحرب البرية، ووفرت اتفاقيات حماية للجرحى والمرضى والسفن الغارقة في الحرب البرية. وأصدرت ثلاثة إعلانات تحظر استخدام الأسلحة الفتاكة في الحرب.
أحكام حقوق الإنسان في القانون الخاص أو العام لدولة ما وأحكام حقوق الإنسان الواردة في إعلان حقوق الإنسان غير كافية لإظهار أن الدولة تحترم حقوق الإنسان وتلتزم بالمعايير الدولية في هذا الصدد، لأن الدولة قد تتعرض للإساءة من قبل سلطات متعددة في الدولة. فيجب إيجاد الوسائل لضمان حماية هذه الحقوق.
وسائل حماية حقوق الإنسان من الناحية القانونية:
فيما يلي شرح مبيسط حول الوسائل القانونية لحماية حقوق الإنسان:
الوسائل القانونية لحماية حقوق الإنسان:
الوسائل القانونية: ويعني أن الدستور هو أعلى مستوى في الهيكل القانوني للبلاد، يليه التشريع العادي، ويلعبون جميعًا دورًا في حماية حقوق الإنسان، لذلك تنقسم الوسائل القانونية هنا إلى قسمين: الوسائل الدستورية والوسائل التشريعية العادية (القوانين).
1- الوسائل الدستورية:
بما في ذلك الدساتير المكتوبة والمبادئ الدستورية الثابتة لحماية حقوق الإنسان، وهي مبدأ الفصل بين السلطات وسيادة القانون.
أ- الدستور المكتوب: عبارة عن مجموعة من القواعد التي تبين مصدر السلطة وتنظم ممارستها ونقلها، وكذلك العلاقة بين أصحاب القانون ومن هم في الدولة فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة، بغض النظر عن وجود هذه القواعد. جوهر الوثيقة الدستورية أو خارجها. وهي من أهم وسائل حماية حقوق الإنسان، خاصة إذا نصت في جوهرها على المبادئ الأساسية لهذه الحقوق.
ب- مبدأ الفصل بين السلطات: أي أن السلطة لا تتركز في سلطة واحدة، بل تتوزع على سلطات متعددة، وتتمتع كل سلطة بالاستقلالية، لأن سلطة واحدة تشرع القانون (السلطة التشريعية)، وسلطة أخرى تطبق القانون (السلطة التنفيذية)، وسلطة واحدة تطبق القانون (السلطة القضائية) وتقوم على حل الخلافات بين الأفراد (المؤسسات) لكنها لا تتمتع بالاستقلال التام، بل يقوم على التعاون والتوازن فيما بينهم، وذلك حماية لحقوق الإنسان وحريته من أي سلطة.
ج- مبدأ سيادة القانون: والذي يعني أن على كل من الأفراد والدولة الانصياع التام للقانون، لأن هذا مبدأ سيادة القانون ينطبق على جميع الناس في الدولة، سواء كان لديهم سلطة أو مواطنين عاديين، فلا فرق بين الاثنين. من ناحية أخرى، فهو صمام أمان لحماية الحقوق والحريات الفردية.
إن سيادة القانون لا تعني فقط الالتزام بالالتزام بأحكامه، بل تعني أيضًا سيادة القانون وسيادة البلاد، هذا الأمر الذي يتطلب ظهور هذه السيادة في محتوى القانون، وليس فقط الامتثال لأحكام القانون. فسيادة القانون هي الضمان الأساسي لكل مواطن لحماية حقوق الإنسان وحرياته، والسلطة هي ضمان دعم القضاء من خلال استقلاله وحصانته، وبالتالي يصبح الأساس القانوني هو التركيز المؤسسي ووقف العدوان كل سلطة.
2- التشريع العادي:
يصدر التشريع العادي بعد الدستور وفق هرمية القواعد القانونية، وفي أغلب الأحوال يصدر التشريع وفق تعليمات الدستور، ويتضمن الدستور هذا المبدأ ويطلب من المشرعين العاديين تفصيل هذا المبدأ. تعتبر تفاصيل القواعد القانونية المتعلقة بالحقوق والحريات الفردية بمثابة ضمانات. هذه الحقوق مهمة لأنها تحصل على القوة والشرعية الملزمة من النص الدستوري الذي تقوم عليه.
هناك العديد من القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته، كل منها يكفل هذه الحقوق والحريات حسب طبيعة أهدافه، مثل (القانون المدني، قانون الأحوال الشخصية، قانون الجنسية، قانون رعاية الأحداث، قانون رعاية القاصرين، قانون الإثبات، قانون الإجراءات المدنية، قانون الإجراءات الجنائية، القانون الجنائي، وغيرها من القوانين التي تنظم حياة الأفراد في المجتمع وتحمي حقوقهم وحرياتهم).
دور الدولة في حماية حقوق الإنسان:
تعتبر الدولة هي المسؤولة الأساسية عن حماية حقوق الإنسان، وعليها واجب احترام الحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتتحمل المسؤولية والالتزام لحماية حقوق الإنسان وأعمالها، لأنها تعتبر معاهدة دولية متعلقة بهذا المجال. تتدخل الدولة في حقوق الإنسان أو تقيد حقوقها، أما مفهوم الالتزام بالحماية فيشير إلى التزام الدولة بحماية الأفراد والجماعات من أي من هذه الحقوق، ويتطلب مفهوم الوفاء بالالتزامات من الدولة اتخاذ إجراءات فعالة لمساعدة الأفراد والجماعات على التمتع بحقوق الإنسان الأساسية وتعزيز هذه الإجراءات.