التشبع بالمياه وأثره على البيئة

اقرأ في هذا المقال


ما هو التشبع بالمياه؟

بطبيعة الحال يجب أن تمتص التربة الماء الموجود على السطح وتستعيد حالته الطبيعية، ومع ذلك في بعض الأحيان تكون التربة إما غير قادرة على القيام بذلك أو أن النشاط البشري يجعل من الصعب على المياه الجوفية الذهاب إلى أي مكان، ويؤدي هذا إلى حالة يشار إليها باسم التشبع بالمياه، حيث يتم امتصاص الأرض للماء، ومن ثم يرتفع الماء الى السطح.
على سبيل المثال خلال فترات هطول الأمطار الغزيرة أو الظروف الجوية القاسية قد تصبح التربة مشبعة بالمياه ولا تجف، وإذا كان الناس يقيمون داخل المنطقة فقد يضطرون إلى إخلاء المكان بينما تغرق محاصيلهم تحت الماء أو تجف. 

فهم التشبع بالمياه:

التشبع بالمياه هو ببساطة تشبع التربة بالماء إما بشكل مؤقت أو دائم، وعندما يكون هناك الكثير من الماء في منطقة ما فإن التربة غير قادرة على امتصاص الماء كما ينبغي عادة، حيث يمكن أن يحدث أيضًا عندما يرتفع منسوب المياه إلى حد مسام التربة في منطقة جذر المحاصيل، والنتيجة هي تقييد الإمداد الطبيعي للهواء في التربة وانخفاض مستويات الأكسجين وزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون والإيثيلين، مما يؤدي الى تقييد مرحلة الهواء التي تسود فيها الظروف اللاهوائية، مما يؤثر سلبًا على المحاصيل.
يعيق التشبع بالمياه نمو النبات وإنتاجه في الظروف اللاهوائية، مما يؤدي إلى موت بعض المحاصيل والنباتات، كما أن جذور النباتات تفشل في التنفس نتيجة المياه الزائدة في قطاع التربة، مما يجعلها ضعيفة وإما أن تموت أو تسقط، وهذا يعني أن التشبع بالمياه هو أمرًا خطيرًا لأنه لا يجب أن يتميز بوجود الماء الزائد على السطح، مما يعني أنه يمكن أن يكون مشكلة مستمرة حتى دون الحاجة إلى رؤية الماء على السطح.
لسوء الحظ ونظرًا لاختلاف كل نبات عن الأخر لا يوجد مستوى عالمي من الأكسجين في التربة يمكنه تحديد ظروف التشبع بالمياه لجميع النباتات، وبالإضافة إلى ذلك قد يختلف طلب النبات للأكسجين في منطقة الجذور باختلاف مرحلة نمو النبات، فعلى سبيل المثال في عام 2001 كان هناك حوالي 2.04 مليون هكتار من الأراضي في الهند تعاني من مشاكل التشبع بالمياه تحت أوامر الري، حيث كانت تمثل المساحة حوالي 4٪ من إجمالي المساحة المروية في البلاد، مما يجعلها مساحة كبيرة جدًا مع الأخذ في الاعتبار أن الهند هي سابع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة.

ما هي أنواع التشبع بالمياه؟

  • تشبع مياه الأنهار بالفيضانات: هو نوع من التشبع بالمياه يحدث خلال مواسم الأمطار، حيث تأتي الفيضانات إلى الأراضي المجاورة من النهر لأنها تحمل المياه الزائدة، حيث أن المياه غارقة في الأرض وتؤدي إلى موت عدد من النباتات أو المحاصيل.
  • التشبع بمياه فيضانات المحيطات يتميز التشبع بالمياه في  المحيطات بمياه المحيطات المنتشرة على الأراضي المجاورة وتسبب التشبع بالمياه، حيث يمكن أن يحدث هذا بشكل خاص عندما تكون هناك ظروف جوية قاسية تؤثر على المحيطات مثل: الأعاصير وأمواج تسونامي.
  • التشبع الموسمي بالمياه: في بعض الأحيان خلال مواسم الأمطار قد تتراكم مياه الجريان السطحي في الأراضي المنخفضة والمنخفضات، مما يؤدي إلى التشبع بالمياه.
  • التشبع الدائم بالمياه: يحدث هذا عندما تحصل المياه العميقة أو المستنقعات على مياه الأمطار، وينتشر الجريان السطحي والمياه المتسربة إلى الأراضي المجاورة، مما يتسبب في تشبع دائم بالمياه.
  • التشبع تحت التربة: إنه نوع آخر من التشبع بالمياه، ويحدث عادةً عندما ترتفع منسوب المياه في التربة خاصة خلال مواسم الأمطار، مما يتسبب في التشبع بالمياه.

ما هي أسباب التشبع بالمياه؟

  • علم وظائف الأعضاء: قد تتسبب التضاريس والانحدار والشكل وأنماط الصرف في المكان إلى مشكلة التشبع بالمياه، وبعبارة أخرى تحدد الفيزيولوجيا سرعة الجريان السطحي والوقت الذي تستغرقه التربة لتصريف المياه السطحية.
    على سبيل المثال تشهد المناطق المنخفضة مثل الوديان والمنخفضات والأراضي المنخفضة المسطحة مزيدًا من التشبع بالمياه بشكل طبيعي – نظرًا لأن التدفقات السطحية تركز على الأراضي المنخفضة، مما يؤدي إلى تشكل مستنقعات طبيعية وأراضي أخرى مشبعة بالمياه. في مثل هذه المناطق لا يمكن أن يتحرك الماء بسهولة تحت تأثير الجاذبية، مما يجعله يتراكم بمرور الوقت.
  • الأحوال الجوية وخاصة الغلاف الجوي التي تؤدي إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات: يعد الطقس سببًا طبيعيًا آخر للتشبع بالمياه، مما يعني أن المناطق التي تواجه هطول الأمطار المستمر تميل إلى أن تصبح مشبعة بالمياه إما بشكل مؤقت أو دائم، حيث تؤدي الأمطار الغزيرة والمتسقة إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية، مما يؤدي إلى التشبع بالمياه.
  • نوع التربة: التربة الطينية الثقيلة مثل تربة القطن الأسود، حيث أن هذه التربة تكون معرضة لسد الأسطح، مما تحافظ على الرطوبة لفترات طويلة، مما يعني أنها تصبح مشبعة بالمياه بسهولة.
  • الجيولوجيا: بشكل عام أن وجود طبقة غير منفذة أسفل التربة السطحية تعيق تسلل الأمطار، مما يتسبب في ارتفاع منسوب المياه الجوفية أو الجاثم، ومن المحتمل أيضًا أن تصبح المناطق ذات التربة الضحلة والصلبة القريبة من السطح وتلك ذات منسوب المياه المرتفع مشبعة بالمياه خاصة إذا كانت تتعرض لأمطار غزيرة.
  • تدفقات النضح: قد تتسبب التدفقات البينية والتسرب من المسطحات المائية القريبة مثل البحيرات وطبقات المياه الجوفية الضحلة والقنوات والأنهار في التشبع بالمياه، وعلاوة على ذلك يمكن أن يؤدي تدفق التربة الجوفية من المناطق العليا إلى المناطق المنخفضة أيضًا إلى حدوث مشكلة التشبع بالمياه.
  • الري المفرط وضعف نظام الصرف من قبل المزارعين: وهذا سبب رئيسياً من صنع الإنسان للتشبع بالمياه، وإذا لم يتم التخطيط للري بشكل جيد فقد تؤدي مشاكل الصرف إلى تفاقم المشكلة، حيث يضيف الري مياهًا إضافية إلى ملف التربة – علاوة على هطول الأمطار الذي يحدث بشكل طبيعي.
    يمكن أن يؤدي الري إلى التشبع بالمياه إذا كان هناك الري المفرط والصرف غير الكافي وسوء إدارة الري وربما عرقلة الصرف الطبيعي والتسربات من القنوات، كما هو الحال في باكستان على سبيل المثال وإذا كانت الأراضي غير ساحلية بدون منافذ.

ما هي آثار التشبع بالمياه على الإنسان والبيئة؟

  • ضعف تهوية التربة: يتسبب التشبع بالمياه في انتقال الهواء الموجود داخل هذه التربة إلى الغلاف الجوي، ومن ثم استبداله بمزيد من الماء، حيث أن عدم كفاية الإمداد بالأكسجين يؤخر أو يوقف نمو النبات، لأن تراكم ثاني أكسيد الكربون يعيق نمو جذور النبات، كما تسهل التهوية السيئة نمو السموم والمواد الضارة الأخرى، وأن هذه التربة المشبعة تقلل أيضًا من النشاط الميكروبيولوجي الذي يعد حيويًا لتكوين الغذاء النباتي.
  • يغير درجة الحموضة في التربة: في التربة المغمورة يتغير الأس الهيدروجيني ويصبح أكثر حمضية، لذلك تقل قلوية التربة وتجعل نمو النباتات أكثر صعوبة، وأن التربة الحمضية بشكل متزايد لا يمكن أن تدعم الحياة النباتية.
  • التغير في درجات حرارة التربة: يؤدي التشبع بالمياه إلى خفض درجة حرارة التربة، حيث تؤثر درجات الحرارة المنخفضة للتربة الرطبة على الكائنات الحية الدقيقة وأنشطتها، وبالتالي تقلل من معدل تثبيت النيتروجين.
  • التأثير على مغذيات التربة: بشكل عام فأن عنصر النيتروجين هو حيوي للتربة، وتعاني التربة المشبعة بالمياه من نقص النيتروجين، ولهذا فأن المناخ الناتج عن التشبع بالمياه لا يؤثر على مغذيات النيتروجين فحسب بل يؤثر أيضًا على المعادن الأخرى مثل الكبريت والزنك والحديد والمنغنيز والفوسفور والبوتاسيوم.
    تتوافر بعض المعادن بكميات زائدة، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السمية في النباتات، بينما في حالات أخرى لا يمكن للمعادن البقاء على قيد الحياة وبالتالي تموت النباتات.
  • التأثيرات على صحة الإنسان: يؤثر التشبع بالمياه على البيئة من خلال حقيقة أنه يؤوي ناقلات الأمراض مثل البعوض والرخويات والقواقع، وهم بدورهم يجلبون أمراضًا مثل الملاريا والبلهارسيا والتيفوئيد وغيرها، مما يؤثر على السكان والحيوانات والنباتات، مما يؤثر بشكل فعال على البيئة.
  • صعوبة الزراعة: هناك صعوبة في الزراعة في التربة المشبعة بالمياه، حيث تفشل جميع المحاصيل في البقاء بسبب الظروف الأساسية، وبالتالي تتأثر المحاصيل سلبًا، فقط الأرز يمكن أن يعيش في مثل هذه البيئة.
  • تراكم الأملاح الضارة: يخلق التشبع بالمياه جوًا يجلب الأملاح السامة إلى منطقة جذر المحاصيل، كما أن تراكم الأملاح تجعل التربة أكثر قلوية وتعوق نمو المحاصيل.
  • نمو النباتات البرية المحبة للماء: يتسبب التشبع بالمياه في نمو النباتات البرية التي تزدهر في البيئات المشبعة بالمياه، حيث تقتل هذه الحشائش المحاصيل المفيدة بشكل فعال والتخلص منها يعد استثمارًا إضافيًا، خاصة في الظروف الشديدة الغمر بالمياه.
  • خسارة المحاصيل النقدية: عادةً لا يمكن أن تعيش معظم المحاصيل النقدية أو يمكن زراعتها في التربة المشبعة بالمياه، وبالتالي فإنه يجعل المزارعين يتضورون جوعاً ويخسرون الأموال التي كانوا سيحصلون عليها من بيع محاصيلهم، كما أنه يجبرهم على التحول إلى الأرز على افتراض أنه يمكن أن ينمو في مثل هذه المناطق.

كما أن مشكلة التشبع بالمياه هي مشكلة تؤثر على الإنسان والبيئة ككل، ويمكن أن نقوم بحل هذه المشكلة من خلال مثلاً: السيطرة على فقدان المياه وزيادة التدفق الخارج ومنع التدفقات والتخلص من مياه الأمطار ومنع فقدان الماء وتركيب أنظمة الصرف الصحي المناسبة.


شارك المقالة: