آخر الوزراء في عهد البويهيين

اقرأ في هذا المقال


الوزير أبو منصور بن صالحان:

هو ولي الوزارة للأميرين شرف الدولة وبهاء الدولة. قدم إلى بغداد في سنة (377 هجري)، ليلي وزارة الأمير شرف الدولة، فاستقبله الناس. كما خرج الأمير شرف الدولة بنفسه لاستقباله، وكان أبو منصور خيراً مُتديناً عادلاً كريماً، متمكناً من عمله، ويروي أبو شجاع عن الصابىء قائلاً: (ما رأينا وزيراً دبر من الممالك ما دبره، فإن مملكة شرف الدولة أحاطت بما بين الحد من كرمان طولاً إلى ديار ربيعة وبكر، وعرضاً إلى الأحساء والرقة والرحبة وحلوان). وكان لأبي منصور بن صالحان مجلس خاص بأهل العلم، وكان كثير الإحسان على العلماء والشعراء.

ويذكر ابن الجموزي أن هذا الوزير كان يكثر التقليد والعزل، ولا يترك عاملاً يُقيم في ناحية ما لمُدة تزيد عن عام، حتى لا يُتيح له فرصة للاستقرار في وظيفته،‏ مما قد يدفعه إلى التلاعب واستغلال منصبه.

ولمّا توفي الأمير شرف الدولة سنة (379 هجري)، وخلفه الأمير مهاء الدولة أقر أبا منصور بن صالحان في الوزارة، ثم عزله وقبض عليه في سنة (381 هجري)، بتحريض من أبي الحسن المعلم الذي كان له نفوذ كبير لدى الأمير البويهي.

وفي سنة (382 هجري)، أُعيد أبومنصور إلى الوزارة، واشترك معه فيها أبو نصر سابور بن أردشير، غير أن أبا منصور استعفى من الوزارة في السنة التالية خوفاً من الجند الذين ثاروا. للمطالبة بصرف أرزاقهم المتأخرة.

الوزير أبو نصر سابور بن أردشير:

ولي وزارة الأمير بهاء الدولة ثلاث مرات، في سنة (380 هجري)، وفي سنة (382 هجري)، بالاشتراك مع أبي منصور بن صالحان، ثم في سنة (386 هجري). وما شخص الأمير بهاء الدولة إلى فارس أنابه عنه في حكم بغداد.

ويبدو أن أبا نصر ابن أردشير قد ولي وزارة الأمير شرف الدولة في خلال عامي (375 هجري)، و (376 هجري)، بصفة مؤقتة، كما يتضح ذلك مما ذكره أبو شجاع في أحداث هذين العامين، حيث يقول: (واستدعي أبو منصور محمد بن الحسن بن صالحمان، وعول على أبي نصر بن أردشير في مُراعاة الأمور إلى أن يصل أبو منصور). ثم يقول في أحداث سنة (377 هجري): (وفيها ورد الأمير أبو منصور وانتظمت الأمور على يديه). وكان هذا الوزير عفيفاً حسن النية، إلا أنه كان يكثر الولاية والعزل.

ويصف ابن خلكان أبا نصر سابور بن أردشير بقوله: (كان من كبار الوزراء، وأفضل الرؤساء، تكونت فيه ما يكفيه وعلى درايه وكان بابه محط الشعراء). توفي أبونصر في سنة (416 هجري)، وكان عمره آنذاك يُقارب الثمانين عاماً.

الوزير أبو غالب فخر الملك:

ولي الوزارة للأمير بهاء الدولة، ويُعد من أعظم وزراء البويهيين. وهومن أهل واسط، وكان أبوه صيرفياً بها. ثم تنقلت الأحوال بفخر الملك حتى ولي وزارة الأمير بهاء الدولة. وقد تمتع هذا الوزير بنفوذ واسع في الدولة أثناء وزارته. وذلك لكفايته وحزمه، وحسن إدارته. كما كان على جانب كبير من الثراء عندما ولي الوزارة.

وقد وضح ابن الجوزي أنه عندما تولى مهام هذا المقعد مباشرة قام بإعطاء كل شخص من صغار الحاشية الأمير البويهي (100) دينار ودستا من الثياب، وأعطى حُراس دار الأمير من السودان كل واحد (20) ديناراً. وفي سنة (401 هجري)، ولّى الأمير بهاء الدولة وزيره فخر الملك الاشراف على العراق نيابة عنه، وبذلك جمع فخر الملك بين وظيفتي الوزير والحاكم الإداري.

أسهم الوزير فخر الملك في القضاء على بعض الصعاب التي واجهت آل بويه في وزارته، فسار في سنة (400 هجري)، إلى مدينة سابور خواست، مقر حكم بدر بن حسنويه الكردي، وأستولى عليها وأخذ ما عثر عليه في قلعتها من أموال بدر ابن حسنويه، وقيل كان بها أربعون ألف بدرة دراهم،‏ وأربعمائة بدرة ذهباً سوى الجواهر النفيسة والأسلحة والملبوسات. كما قضى فخر الملك على غارات أعراب خفاجة الذين طالما أوقعوا بالحجاج ونهبوهم، وقتلوا وأسروا كثيراً منهم.

ظل هذا الوزير حاكماً على العراق بعد موت الأمير بهاء الدولة،‏ بالإنابة عن ولده سلطان الدولة، ثم قبض عليه سلطان الدولة في سنة (406 هجري)، واستولى على أمواله وممتلكاته، ثم قتله في سنة (407 هجري)، بعد أن حكم العراق قرابة خمس سنوات ونصف. ويروي بعض المؤرخين أن بعض المقربين إلى فخر الملك قتل رجلاً ظل، فأستغاثت به زوجة المقتول فلم ينصفها، فلقيته مرة، وقالت له: (يا فخر الملك القصص التي كنت أرفعها إليك، ولا تلتفت إليها قد صرت أرفعها إلى الله تعالى، وأنا منتظرة خروج التوقيع من جهته)، فلما قبض عليه قال: (لا شك أن توقيعها قد خرج).

الوزير أبو محمد بن سهلان:

ولي الوزارة للأمير سلطان الدولة في سنة (407 هجري)، وبعد عامين عينه هذا الأمير نائباً عنه في حكم العراق، فوجه اهتامه إلى إخضاع قبيلة بني أسد التي كانت مسار إزعاج للأمراء البويهيين. وعندما وصل إلى بغداد كانت أمورها مضطربة بسبب الفتلة التي ثارت وقتذاك بين السنة وغير السنة وازدياد عبث العيارين واللصوص، وتسلطهم على الناس فقام الوزير ابن سهلان بإخماد تلك الفتنة، وأقر الأمن في حاضرة الخلافة، وأبعد منها عدداً من مثيري تلك الاضطرابات.

وفي نفس العام (409 هجري)، حدث صدام بين الديلم والأتراك ببغداد فاتهم الأمير سلطان الدولة وزيره ابن سهلان بأنه كان وراء ذلك، وأمره بالقدوم إليه، فخشى ابن سهلان من الأمير البويهي،‏ وخرج إلى الموصل. ومنها سار إلى البطيحة، حيث ظل مقيماً بها حتى تيسر له إزالة ما بينه وبين سلطان الدولة من خلاف، ثم لم يلبث هذا الأمير أن عزله من الوزارة.

عاد ابن سهلان لوزارة الأمير سلطان الدولة في سنة (411 هجري)،‏ ويذكر ابن الجوزي أن سلطان الدولة بالغ في إكرامه لدرجة أنه سمح له بضرب الطبل على باب داره في أوقات الصلاة، ثم سيره سلطان الدولة على رأس جيش لمُحاربة أخيه مشرف الدولة الذي خرج عن طاعته، واستولى على العراق، فكان النصر حليف مشرف الدولة،‏ ووقع الوزير ابن سهلان أسيراً في يده فسمل مشرف الدولة عينيه، وأودعه السجن، فبقى مسجوناً حتى سنة (414 هجري)، قُتل. وقيل أنه توفي في السجن.


شارك المقالة: