الإمارات في عهد الخليفة الطائع لله

اقرأ في هذا المقال


الخليفة الطائع لله:

هو عبد الكريم بن الفضل المُطيع، أبو بكر، ولِدَ عام (320 هجري)، ووالدته أم ولد تُسمى (هزار).

إمارة الغزنويون:

كان من الموالي الأتراك المُفضلين عند السامانيين يُسمى البتكين، وقد عين والياً على مدينة (هراة)، ثم عزل عن منصبه فانتقل إلى مدينة (غزنه)، التي كان والده والياً عليها من قبل السامانيين أيضاً، فلمّا توفي حل محله في حكمها وناوأ السامانيين الذين أبعدوه عن حكم هراة ولكنه توفي بعد عام أي (353 هجري).

وقام ابنه إسحاق في غزنه بالدور نفسه غير أنه لم يستطع توسعة رُقعة نفوذه، وتوفي عام (355 هجري)، وقام من بعده مواليه ومنهم سبكتكين الذي آل إليه الأمر عام (366 هجري)، إذ قدمه الجند لما عرفوا من عقله ودينه ومروءته وكمال خلال الخير فيه، فقدموه عليهم وولّوه أمرهم، وحلفوا له وأطاعوه، فأحسن السيرة فيهم وساس أمورهم سياسة حسنة، وهو زوج ابنة البتكين.

بدأ سبكتكين بتوسعة رُقعة أملاكه فاستولى على (قصدار) قُرب غزنة وعلى (بست) بين هراة وسجستان، كما ساعد السامانيين فأخذ ولاية خراسان، وكذلك استولى على جزء من الهند فأخذ بعض المواقع الجبلية منها حيث مدينة كابل. وكان سبكتكين يعترف بسُلطة السامانيين عليه رُغم استقلاله.

إمارة القرامطة:

عندما حدثت فتنة الأتراك في بغداد وهزم سبكتكين ثم توفي، فرَّ موهوب العقيلي نائب دمشق للعبيديين ليأخذه فلم يتمكن فعاد، وسار الفتكين إلى دمشق فدخلها برأي كبارها، وقد وعدوه بالطاعة ووعدهم بالحماية، وأخرج نائب دمشق للعبيديين ريان الخادم، وقطع الخطبة للمعز
وخطب للطائع، ثم راسل المعز ليداريه، فشكره وأظهر سروره وطلب منه القدوم إليه على أن يُعيده إلى دمشق والياً عليها من قبله.

غير أن (الفتكين) لم يكن على ثقه تامة بالمعز فلم يقبل، فقام المُعزّ بجمع جنده، ورغب في السير إلى دمشق لكن المنية أدركته دون تحقيق مأربه فاستغل (الفتكين) موت المُعزّ وأغار على مدن الساحل الشامي التي تتبع العبيديين مثل صيدا التي كان فيها ظالم بن موهوب العقيلي.

سمع العزيز بالله العبيدي بما يفعله (الفتكين) فسيّر جيشاً إليه بإمرة جوهر الصقلي والتقى الطرفان، ودامت الحرب بينهما شهرين فاستنجد (الفتكين) بالحسين بن أحمد القرمطي فجاءه من الإحساء فلمّا علم جوهر بذلك غادر دمشق، وسار في إثره (الفتكين) والقرمطي، وحاصراه في عسقلان وضاقت عليه الحال، ثم إن جوهراً قد التقى ب (الفتكين) واتفقا، وسمح (الفتكين) لجوهر بالانسحاب إلى مصر.

وجاء العزيز بجيش إلى القرمطي والفتكين وقد رجعا إلى الرملة، والتقى الطرفان، وتمكن العزيز من أسر (الفتكين)، ببذل المال لمن يأتي به فأكرم العزيز الفتكين كثيراً وأخذه معه إلى مصر، وبقي فيها حتى مات مسموماً. وسار القرمطي إلى طبريا فطلب العزيز منه أن يأتي إليه فيُكرمه أكثر من (الفتكين)، فلما رفض أرسل له عشرين ألف دينار، وجعلها كل سنة له، فأخذها القرمطي ورجع إلى الإحساء.

وفي عام (366 هجري)، توفي مقدم القرامطة أبو يعقوب يوسف بن أبي سعيد الجنابي، وقام من بعده ستة لم يختلفوا فيما بينهم أبداً وكانوا يعرفون باسم السادة، كما توفي في العام نفسه الحسين بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي زعيم جيوش القرامطة إلى الشام، وكان يظهر الطاعة للخليفة العباسي.

وفي عام (373 هجري)، سار القرامطة إلى البصرة والكوفة ليأخذوهما وذلك بعد وفاة مؤيد الدولة بن ركن الدولة غير أنهم لم يستطيعوا ذلك. وفي عام (375 هجري)، أفسد القرامطة في منطقة الكوفة فأرسل إليهم صمصام الدولة جيشاً طردهم من منطقة الكوفة وقتل مُقدمهم وهو أحد سادتهم.

إمارة العبيديين:

مات المُعزّ أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل عام (365 هجري)، وقام من بعده ولده نزار الذي لقب بالعزيز، وكان المُعزّ عالم وفاضل وجواد وشجاع وجاري على منهاج والده من حسن السيرة وإنصاف الرعية وستر ما يدعون إليه إلا عن الخاصة ثم أظهره وأمر الدُعاة بإظهاره إلا أنه لم يخرج فيه إلى حدٍ يذم.

اتسعت رُقعة الدولة العبيدية أيام العزيز إذ ضم بلاد الشام كلها بعد أن فتحت له حمص وحماه وشيزر وحلب أبوابها، وبعث بجيش إلى مكة ووصلها بعد أن حاصرها وخُطِبَ له فيها عام (365 هجري)، كما خُطِبَ له في الموصل عام (382 هجري). أقرّ العزيز والي أبيه يوسف بلكين بن زيري بن مناد شيخ صنهاجة على إفريقية بل ضمَّ له أيضاً طرابلس، وسرت، وأجدابيه، فاستبد يوسف بما تحت يده، وإن بقي يظهر الطاعة والمُجاملة للعزيز.

وزحف إلى سجلماسة خزرون بن فلفول المغراوي وقتل أبا محمد المعتز إمام الصفرية وبعث برأسه إلى قرطبة عام (365 هجري)، فزالت الصفرية من المغرب نهائياً. وقاتل يوسف بلكين زناتة في المغرب، وأزال عمال الأمويين منها. وكان أمير صقلية أبو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي الحسين قد فتح عدة حصون، ثم سار إلى صقلية بردويل بجموعٍ كثيرةٍ من الفرنجة، مالطة وملكها، فخافه أبو القاسم ففرَّ منه فلحقت به الفرنجة، وأدركته.

وجرت معركة بين الطرفين عام (372 هجري)، قُتل فيها أبو القاسم، وقام مكانه ابنه جابر، وعاد إلى مُنازلة جابر فانتصر عليهم. ومات يوسف بلكين بن زيري عام (373 هجري)، وخلفه ابنه المنصور الذي سار إلى المغرب ليرد الزناتيين إلى طاعته فهُزم أمامهم. وثارت كتامة بتحريضٍ من العزيز الفاطمي فاتجه المنصور نحوها فانتصر عليها عام (377 هجري)، ولكنه خرج أبو الفرج الكتامي مرةً ثانية غير أنه هُزم أمام المنصور كما هُزِمَ سلفه. وخالف المنصور عمه أبو البهار غير أنه ندم فعاد وصالح ابن أخيه المنصور.

وكان العزيز فوق هذا كريماً مُحباً للعفو، واشتهر بتسامحه مع النصارى واليهود كما كان أبوه من قبل، وتزوج بنصرانية، وتوالى عطفه على الكنيسة القبطية وقلّد عيسى بن نسطوريوس النصراني الوزارة، كما عيّن منشابن إبراهيم اليهودي بلاد الشام.

إمارة الأمويين:

في عام (366 هجري)، توفي الحكم وهو المستنصر بالله بن الناصر لدين الله عبد الرحمن الأموي، وقد كان هذا من خيار الملوك وعلمائهم، وكان عالماً بالفقه، والخلاف، والتواريخ، مُحباً للعلماء محسثاً إليهم، توفي وله من العمر ثلاث وستون سنة وسبعة أشهر، ومدة خلافته منها خمس عشرة سنة ولخمسة أشهر.

وقام بالأعمال من بعده ابنه هشام وله عشر سنين، وسُمي بـ (المؤيد بالله)، وقد تمّ الخلافات عليه في أيامه، واختلّت الرعايا عليه، وسُجِنَ مُدة ثم أخرج وأُعيد إلى الخلافة، وقام بأعباء أمره حاجبه المنصور أبو عامر محمد بن أبي عامر المعافري، وابناه المظفر والناصر، فساسوا الرعايا جيداً وعدلاً فيهم، وغزوا الأعداء.

واستمر لهم الحال كذلك نحواً من ست وعشرين سنة. غزا الحاجب المنصور مملكة ليون النصرانية في الشمال، واستولى عليها، وهدَّم حصونها وقلاعها، وقهر برشلونة. واتخذ جُنداً من المرتزقة من المغرب ومن نصارى الشمال ليأمن جانب الجند السابقين من العرب والإسيان والصقالبة.

إمارة اليمن:

استمرت دولة بني زياد في زبيد وكان حاكمها في هذه المرحلة إسحاق بن إبراهيم، وكذلك كانت دولة بني يعفر في صنعاء ويحكمها عبد الله بن محمد بن قحطان، وقام آنذاك آل الضحاك. وأما بنو الرسّ في صعدة فكانت الإمامة للداعي يوسف الذي امتدت إمامته من (366 – 403 هجري).


شارك المقالة: