الخليفة الظاهر بأمر لله:
هو الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن أحمد الناصر لدين الله، ولد سنة (571 هجري)، وبويع بالخلافة عند وفاة أبيه سنة (622 هجري)، فكان عُمره يومذاك اثنتين وخمسين سنة. وقد أحسن إلى الرعية وأزال المظالم، وفرّق الأموال.
إمارة السلاجقة:
زاد أمر السلاجقة ضُعفاً، وتولى أمرهم بعد أرسلان شاه بن أرطغرل ابنه طغرل الثاني، غير أنه لم يكن قادراً على تنفيذ ما يريد، وقد غدت منطقة نفوذه ضيقة، على حين كانت تتسع رقعة الدولة الخوارزمية، واستطاع علاء الدين تُكُش أخيراً أن يستولي على البلاد التى كان يُسيطر عليها السلاجقة، وأن يقتل طغرل الثاني هذا عام (590 هجري)، وينهي أمر السلاجقة.
إمارة خوارزم:
توفي إيل أرسلان بن أتسز عام (568 هجري)، فخلفه ابنه الأصغر سلطان شاه محمد، وكان صغيراً فكانت أمه وصيةً عليه، فخرج عن طاعته أخوه الأكبر علاء الدين تُكُش فاستولى على بلاد خوارزم، وقضى على السلاجقة في العراق عام (590 هجري)، إذ قُتِلَ طغرل بن ألب أرسلان، وتوسع في نفوذه في خراسان وبلاد ما وراء النهر، وكانت الريّ منطقة نزاع بينه وبين الخليفة الناصر العباسي. وبقي في الحكم حتى توفي عام (596 هجري)، فخلفه ابنه
علاء الدين محمد.
وفي عام (604 هجري)، أسر علاء الدين محمد في حروبه في بلاد الخطا شرق بلاد ما وراء النهر، فأعلن أخوه علي شاه استقلاله في طبرستان وجرجان وكان عاملاً لأخيه عليهما. وأخذ هراة وقاتل الغوريين عام (605 هجري)، وقتل غياث الدين محمود، وهُزِمَ أهل الخطا هزيمةً منكرةً.
واستولى على كرمان، ومكران، وبلاد السند عام (611 هجري)، ثم استولى على غزنة عام (612 هجري)، وحاول أن يحل محل السلاجقة فرفض الخليفة الناصر، فحاربه وقطع الخطبة له، ونصّب أحد الأشراف من سلالة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خليفة. وقُتِلَ التُجار الذين أرسلهم جنكيزخان، بل قُتِلَ رسله وهذا ما جعل جنكيزخان يُهاجم بلاد خوارزم، ولم يتمكن علاء الدين من صد الهجوم المغولي فانهزم أمامهم، فدخلوا خراسان.
واتجه إلى جهة الغرب ومات في إحدى جزر بحر الخزر عام (617 هجري)، وخلفه ابنه جلال الدين منكبرتي، فهرب إلى الهند، ثم عاد بعد سنتين إلى بلاده، وحارب المغول وهُزِمَ فرجع هارباً مع جيشه الصغير إلى الهند، فلاحقته جموع المغول فقاتلهم، وغرق أكثر جيشه في نهر السند.
وفي الوقت نفسه قام بمُقاتلة أخاه غياث الدين، وحارب الخليفة العباسي، وقاتل الحشاشين، والتركمان، وسُلطان كرمان. فرجع إلى بلاده وفتح جورجيا ودعا أُمراء المسلمين للتحالف ضد المغول، وفاجأه المغول فهرب منهم، وقُتِلَ في قرية كردية من قبل أحد الفلاحين عام (629 هجري)، وهو لا يعرفه.
إمارة الغوريون:
توسع نفوذ غياث الدين محمد الغوري، وقاتل خوارزمشاه علاء الدين محمد، واسترد منه خراسان، ثم حدث خلاف مع أخيه شهاب الدين، وهذا مما أدى بخوارزمشاه بإسترداد خراسان، وتوفي غياث الدين محمد عام (599 هجري)، وخلفه أخوه شهاب الدين فكثر غزوه في بلاد الهند، وقُتِلَ عام (602 هجري)، ولم يكن له ولد فمال وزيره والأتراك إلى تولية ابن أخيه وهو غياث الدين محمود. واختلف الغوريون على الحكم، كما كثر المتمردون عليهم، وهذا ما مكّن لعلاء الدين محمد خوارزمشاه أن يقضى على الدولة الغورية بعد أن ملكت الهند، ووصلت إلى البنغال.
إمارة آل زنكي:
سار نور الدين محمود إلى بلاد عز الدين قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان السلجوقي في آسيا الصغرى حيث يعرفون هناك باسم سلاجقة الروم وذلك عام (568 هجري)، فأصلح ما وجد من خلل، ثم سار ففتح مرعش وغيرها. وسار أيضاً نور الدين محمود عام (669 هجري)، إلى بلاد الروم، ومعه ملك الأرمن، وصاحب ملاطية فهزم الروم وحاصرهم فصالحوه. وعاد إلى دمشق فتوفي في العام نفسه، وخلفه ابنه الملك الصالح إسماعيل، وكان صغيراً فتحرك الصليبيون فصالحهم على مالٍ يؤديه لهم.
وعزم صلاح الدين الأيوبي عام (570 هجري)، إلى السير إلى الشام لِمَا ظهر من سوء الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين ومن ابن عمه سيف الدين غازي أمير الموصل، وكان من قبل لا يجرؤ أن يقوم بأي عمل أيام عمه نور الدين محمود، واستناب مكانه أخاه الملك العادل أبا بكر فدخل دمشق، وانتقل الملك الصالح إسماعيل إلى حلب.
قام صلاح الدين على دمشق بولاية أخيه سيف الإسلام طفتكين، وذهب إلى حلب، وأخذ في طريقه حمص وحماه وقاومت حلب واستنجدت حاشية إسماعيل بالقومص ريموند صاحب طرابلس الصليبي الذي أسرع لاحتلال حمص ومناصرة أمير حلب، وهذا ما أجبر صلاح الدين عن رفع الحصار عن حلب، ورجع إلى حمص فهزم ريموند صاحب طرابلس الصليبي، ورجع إلى حلب فدخلها، واعترف الملك العادل إسماعيل بسلطان صلاح الدين على بلاد الشام كلها.
توفي الملك العادل إسماعيل عام (577 هجري)، ولم يكن له ولد فأوصى الأمير الموصل عز الدين، فأصيحت حلب والموصل له. فطلب ابن عمه عماد الدين صاحب سنجار أن يأخذ حلب ويسلم عز الدين سنجار فتكون أملاكه متصلة، وقصد عماد الدين مُحاربة صلاح الدين وهذا ما أجبر صلاح الدين على العودة إلى حلب ودخولها فتنازل عنها عماد الدين مُقابل تسليمه سنجار، وأصبحت حلب ضمن أملاك صلاح الدين وآلت من بعده إلى ابنه الطاهر، وبقيت بأيدي الأيوبيين حتى جاء المغول فملكوها منهم.
أما في الموصل فقد تولى أمرها بعد وفاة عماد الدين زنكي ابنه سيف الدين غازي الذي توفي عام (544 هجري)، فخلفه أخوه قطب الدين مودود الذي استمر في حكمه لها حتى توفي عام (565 هجري)، وخلفه ابنه سيف الدين غازي الثاني، والذي بقي يسلك مسلكاً مُعتدلاً مدة حياة عمه نور الدين محمود، فلما توفي عمه عام (569 هجري)، تبدل مسلكه حتى توفي عام (576 هجري).
وخلفه عز الدين مسعود، فنور الدين أرسلان شاه عام (589 هجري)، ثم عز الدين مسعود الثاني عام (607 هجري)، ثم نور الدين أرسلان شاه الثاني عام (615 هجري)، ثم نور الدين محمود عام (616 هجري)، ثم بدر لؤلؤ عام (631 هجري)، فإسماعيل بن لؤلؤ (657 هجري)، ثم جاء المغول عام (660 هجري).
وفي سنجار تولى عماد الدين زنكي الثاني به قطب الدين مودود الأمر عام (566 هجري)، وخلفه قطب الدين محمد عام (594 هجري)، ثم عماد الدين شاهنشاه عام (616 هجري)، وخلفه ابنه محمود عام (617 هجري)، ثم دخلها الايوبيون فى عهد الملك الأشرف، ثم خربها المغول عام (628 هجري).
وفي الجزيرة تولى آل زنكي حُكمها أيضاً، وعندما توفي سيف الدين غازي الثاني عام (576 هجري)، أوصى لابنه سنجر شاه بأمر الجزيرة، وكان سيئاً، وخلفه عليها ابنه الذي قتله مُعز الدين محمود، ثم خضع مُعز الدين محمود لصلاح الدين الذي وحّد البلاد لقتال الصليبيين.