اقرأ في هذا المقال
البيئة كأحد مصطلحات تعديل السلوك لذوي الاحتياجات الخاصة:
تتعامل البيئة في تعديل السلوك باعتبارها سبب السلوك الإنساني، وعندما نتكلم عن البيئة نذكر العديد من الظروف الحقيقية التي يعيش فيها الفرد وتؤثر فيه ويؤثر فيها، فعلاقة الفرد مع البيئة علاقة متبادلة باتجاهين لا باتجاه واحد، ولهذا تكون البيئة مكاناً بارزاً في علم تعديل السلوك، فالهدف الأساسي الذي يتوخى هذا العلم تحقيقه هو اكتشاف العلاقات الوظيفية بين البيئة والسلوك وفي حين تقسم السلوك إلى استجابات، فإن البيئة تقسم إلى مثيرات وتبعاً لذلك فإن مفهومي الاستجابة والمثير من المفاهيم الأساسية في ميدان تعديل السلوك.
وينبغي الإشارة إلى تصنيفنا السلوك والبيئة على هذا النحو، لا يعني أن السلوك مجرد رد فعل للبيئة، إن لفظة المثير ذات معنی عام تشير إلى حدث أي ظرف أو تغير محدد في البيئة مثل الصوت والضوء والناس، حيث يوجد أنواع متعددة فجزء منها يحصل خارج أو داخل الجسم، ويطلق عليها أسم المثيرات البيئية التي تحصل خارج الجسم بالبيئة الخارجية، والبيئة لا تشمل فقط على العالم المادي ولكنها تتكون البيئة الاجتماعية أيضاً.
ومن المثيرات البيئية ما يؤثر في الاستجابة ومنها ما لا يؤثر فيها، فإذا كان المثير لا يؤثر بالاستجابة سواء حدث قبلها أو بعدها فهو يسمى بالمثير الحيادي، فالضوء مثلاً لا يؤثر باللعاب، وبناء على ذلك فالشيء بالنسبة للعاب مثير حيادي، إلا أن معظم المثيرات الحيادية يمكن إلغاء حياديتها، وبالتالي إكسابها القدرة على التأثير على السلوك، وذلك من خلال إقرانها بمثيرات غير حيادية.
فإذا حدث المثير الحيادي مع المثير غير الحيادي بشكل متكرر يصبح قادر على التأثير في السلوك، في هذه الحالة يسمي المثير الحيادي بعد اكتسابه خاصية التأثير في السلوك المثير الشرطي ونقول المثير الشرطي لأنه أصبح يؤثر في السلوك بعد اقترانه بالمثير غير الحيادي أي بعد عملية الإشراط.
ولكن بعض المثيرات تؤثر في السلوك ليس بسبب عملية الإشراط وإنما بسبب طبيعتها، وتسمى هذه المثيرات بالمثيرات غير الشرطية إن علاقة هذه المثيرات بالسلوك لم تنتج عن خبرات سابقة ولكنها ترتبط به وتؤثر فيه بسبب البنية البيولوجية للفرد، فعلى سبيل المثال بعد أن تأخذ الأم طفلها إلى عيادة طبيب الأطفال فعلى الأغلب أنه سيبدأ بالبكاء مستقبلاً بمجرد دخوله إلى العيادة ورؤية الطبيب باللباس الأبيض لماذا يحدث ذلك؟ لماذا يبدأ الطفل بالبكاء ويتجنب دخول إلى العيادة؟
إن عيادة الطبيب بالنسبة للطفل في البداية هي مثير حيادي فيما يتعلق ببكائه لكن الألم نتيجة وخزة الأبرة مثلاً بطبيعته يؤدي إلى البكاء وخزة الإبرة هي مثير غير شرطي أي أن الطفل لا يحتاج إلى الخبرة ليشعر بالألم، ولكن الطفل تعلم أن يقرن الشخص الذي يرتدي اللباس الأبيض الطبيب بالألم ولهذا أصبح يبكي بمجرد رؤيته.
الإشراط الكلاسيكي في تعديل السلوك:
فالإشراط الكلاسيكي يتضمن التنوع بالظروف البيئية التي تتبع الاستجابة التي يطلق عليها اسم الاستجابة غير الشرطية، وما يحدث في الإشراط الكلاسيكي هو أن المحفز الشرطي مخرجاته تتزامن مع حدوثه بشكل متكرر مع المثير غير الشرطي، يكتسب القدرة على إحداث الاستجابة التي كان المثير غير الشرعلي وحده يستجدها في السابق، ويطلق على الاستجابة في هذه الحالة الاسم الاستجابة الشرطية.
والفرق بين الاستجابة الشرطية والاستجابة غير الشرطية هو أنهما يشيران إلى السلوك نفسه تقريباً، والفرق هو أن الاستجابة تسمى الاستجابة الشرطية عندما يستجرها المثير الشرطي وتسمى الاستجابة غير الشرطية عندما يستجرها المثير غير الشرطي والمحفزات البيئية، وإما أن تحدث قبل السلوك أو أن تحدث بعده، فإذا حدثت قبله فهي تسمی المحفزات القبلية فالمحفزات القبلية هي التي تتحكم بالسلوك الاستجابي، ولهذا فهي تسمى بالمحفزات الاستجرارية، أما المحفزات القبلية فهي لا تستجر السلوك الإجرائي ولكنها قد تضعف حدوثه وذلك تبعاً للمخرجات التي ارتبطت بها.
فإذا ارتبطت المحفزات القبلية بنتائج تطلق عليها اسم المحفزات التمييزية الإيجابية، فإن المحفز التمييزي هو المثير الذي يتم مكافئة السلوك بوجوده، فجرس الهاتف يهيء الفرصة لرفع السماعة، والابتسامة التشجيعية تهيء الفرصة لحدوث السلوك، إما إذا اقترنت المحفزات القبلية بنتائج سلبية في الماضي فهي تعمل على إضعاف احتمالات حدوث السلوك، وفي هذه الحالة يمكن تسمية المحفزات بالمحفزات التمييزية السلبية فوجه الأب العابس قد يدفع الابن إلى الامتناع عن طلب شيء ما منه.