الظواهر الاجتماعية والتيارات الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


التيارات الاجتماعية هو عبارة عن مفهوم تم اكتشافه وتطويره من خلال بعض التحليلات الاجتماعية التي وجدها عالم الاجتماع أميل دوركهايم وذلك من أجل أن يتم الأشارة إلى سمات الضمير البشري الاجتماعي المسؤول عن بعض الظواهر الاجتماعية، كما أن التيارات الاجتماعية ممكن أن تشير إلى الجوانب الدينية لبعض الظواهر وجوانب التصنيع من حيث تقسيم العمل وكذلك الفردية الخاصة ببعض الظواهر الاجتماعية المحددة.

استعراض تحليلي لعلاقة الظواهر الاجتماعية والتيارات الاجتماعية

يحدد علماء الاجتماع التيارات الاجتماعية في سياق الظواهر الاجتماعية، حيث تشمل الظواهر الاجتماعية التيارات الاجتماعية والخبرات الجماعية والعواطف التي تتجاوز الفرد ولا تظهر إلا في سياق الجماعة حيث تجبر الأفراد على التصرف بطرق لم يكونوا ليأخذوها بعين الاعتبار إذا تصرفوا بشكل فردي، منعزلين عن الآخرين، فالظواهر الاجتماعية هي أحد مؤثرين على الفرد، والعامل الثاني المؤثر الذي يلاحظه علماء الاجتماع هو التيارات الاجتماعية.

ومن وجهة نظر علماء الاجتماع تعتبر التيارات الاجتماعية هي المشاعر المحفزة للظواهر الاجتماعية كالمشاعر التي تحرك ظاهرة الغوغاء بل إنها تتجاوز بعض الظواهر الاجتماعية، وخير مثال على ذلك هي المشاعر المحفزة لظاهرة الشغب التي حدثت في بعض المجتمعات، ولا سيما في الدول التي حدثت فيها الثورات والإرهاب والجريمة.

وبدلاً من إجراء إصلاح شامل من أطر تحليل الظواهر الاجتماعية الحالية لابد من إعادة معايرة بسيطة في التوازن بين الظاهرة الاجتماعية والتيارات الاجتماعية الخاصة بها أو المحفزة لها، وقد تضمن ذلك الأبعاد المتعددة للظاهرة الاجتماعية والتيارات الاجتماعية بالتساوي، وقد حدد علماء الاجتماع ثمانية عناصر رئيسية تميز أطر التيارات الاجتماعية جيدة التصميم، والتي يمكن مع بعض الاستبدالات البسيطة على سبيل المثال استبدال بناء الظاهرة الاجتماعية بعبارة التيارات الاجتماعية، والتي تتكيف مع مستوى الجانبين وتقوية التيار لرابطه مع الظاهرة، ويؤدي إلى تحليل أكثر حيوية بشكل عام.

أطر التيارات الاجتماعية التي حددها علماء الاجتماع

ومن هذه العناصر التي تميز أطر التيارات الاجتماعية التي حددها علماء الاجتماع هي:

1- تعكس أطر التيارات الاجتماعية الفهم بأن الظاهرة الاجتماعية حساسة للسياق، وأن هناك الأطر المتنافسة أي استبدال للأولويات في كل خيارات المجتمع.

2- يجب أن تحاول أطر العمل القانونية أخذ بعين الاعتبار العواقب غير المقصودة لظاهرة اجتماعية معينة، والبناء على استعياض التيارات الاجتماعية لها.

3- ينبغي لمحللي التيارات الاجتماعية النظر في أطر بديلة الانشاءات وآثارها على الحاضر أو الموارد المستقبلية المخصصة لظاهرة معينة.

4- يجب أن تدرس أطر التيارات الاجتماعية الإمكانات التي تأثر على بناء الظاهرة الاجتماعية والسياسات والمشاكل الاجتماعية والصالح العام.

ويأمل علماء الاجتماع أن تمكن هذه المعايير والعناصر الباحثين الاجتماعيين لنقل حججهم المقنعة بشكل أكثر فاعلية من أجل منظور اجتماعي لتحويل تحليلات الظواهر الاجتماعية إلى أطر تحليل التيارات الاجتماعية، فعندما تميل التحليلات الاجتماعية للظواهر التي تركز على طبيعة الظواهر الاجتماعية إلى مقاومة وتغيير التيارات الاجتماعية المحفزة لها فإن التحليلات الاجتماعية التي تركز على الظروف الاجتماعية وأسباب الظواهر الاجتماعية تميل ضمناً إلى إمكانية التغيير أو الإصلاح أو التحسين في التيارات الاجتماعية.

ويشير التركيز على الطابع الاجتماعي للترتيبات الاجتماعية إلى إمكانية إعادة ترتيب هذه الأطر، وبالتالي إذا تم تعريف بعض أشكال السلوك غير المرغوب فيه مثل السلوك المنحرف من قبل الشباب على أنها ناتجة عن تحفيز اتباع الأمثلة السيئة، فإن هذا التحليل يعني ضمناً أن تقديم محفزات أفضل قد يؤدي إلى تحسين السلوك، وعلى النقيض من ذلك استلفت الإنشاءات الطبيعية الانتباه إلى الأساس البيولوجي أو الجيني لمثل هذا السلوك، مما يشير إلى القليل من الأمل في التدخل أو التغيير.

على الرغم من التمييز بين التيارات الطبيعية والاجتماعية هنا، فإن كلا النوعين من مقاربات الظواهر الاجتماعية وهما مثالان على البناء الاجتماعي، ويوفر كل منها طريقة للتعريف والتفسير والعمل في العالم الاجتماعي الذي يتم العيش فيه، ويوفر كل منها أيضًا إطارًا تصبح فيه الأحداث والأفعال وأنواع الأشخاص ذات مغزى، مما يسمح للمرء بوضع نفسه فيما يتعلق بالظاهرة الاجتماعية، ومع ذلك فإن التمييز بين التوجهات الطبيعية والاجتماعية هو أمر مهم بسبب تفسيراتها المختلفة للسلوك الاجتماعي المنتج للظاهرة، كما سيتم استخلاص استنتاجات لمستويات مختلفة من التيارات الاجتماعية.

مستويات التيارات الاجتماعية المتعلقة بالظواهر الاجتماعية

قد تبدأ مستويات التيارات الاجتماعية المتعلقة بالظواهر الاجتماعية التي تؤكد على الظروف الاجتماعية وأسباب الظواهر الاجتماعية بمستوى الفرد، والنظر إلى الشخصية والقدرات، وما إلى ذلك، وقد تركز مستويات التيارات الاجتماعية الآخرى على الأسرة أو مجموعة الأقارب للفرد وكيف يكون هو أو هي اجتماعيًا، على سبيل المثال ما هي السلوكيات والقيم والتوقعات التي يتم تعلمها أو اكتسابها في محيط الأسرة، وسيكون المستوى الثالث عندئذ هو المكان وأنماط الشبكات الاجتماعية ومجموعات الأقران والتأثيرات المحلية الأخرى.

وأبعد من ذلك قد ينظر المرء إلى المستويات التي تتعامل مع ثقافة مجتمع معين وقيمه وتوجهاته وكيف يتم توصيلها، ودور وسائل الإعلام ونظام التعليم وما إلى ذلك، وأخيرًا بعض مستويات التيارات الاجتماعية المتعلقة بالظواهر الاجتماعية تركز على الهياكل الاجتماعية لأسباب وظروف المشاكل وكيف يتم ترتيب المجتمع وكيف يتم توزيع الموارد والسلطة، وكيف يتم تنظيم عدم المساواة، ومن المرجح أن تؤكد وجهات النظر المختلفة على مستويات مختلفة من التفسير.

لا يعتزم علماء الاجتماع أن تكون هذه التيارات الاجتماعية مسحًا شاملاً لجميع الأنواع المختلفة لتفسيرات الظواهر الاجتماعية، لكن يأملون أن توضح النطاق والطريقة التي توفر بها المستويات المختلفة تركيزًا لمثل هذه التفسيرات الاجتماعية، ويمكن إجراء تمرين مماثل للمنشآت الطبيعية للظاهرة الاجتماعية وأسبابها، وهل بعض الناس بطبيعتهم كسالى أو يقاومون العمل؟ وهل الطبيعة البشرية نفسها تبحث عن المتعة وتتجنب العمل؟ هل يفشل بعض الناس في التجاوب مع العصي والطرق اللازمة لجعل الناس يعملون.

وتعتبر ممارسة منهجية تحليل التيارات الاجتماعية سمة أساسية من سمات العلوم الاجتماعية من حيث أنها ترفض قبول أي من الظواهر المزعومة، ويصبح كل واحد منهم شيئًا يجب دراسته كجزء من العملية التي يتم من خلالها بناء الظواهر الاجتماعية اجتماعيًا، وإنه أحد أكثر الجوانب تحديًا في دراسة العلوم الاجتماعية، لأنه يتطلب أن يبعد المرء نفسه ليس فقط عن ما يعرفه الجميع ولكن أيضًا عما يعرفه نفسه بشأن الظواهر الاجتماعية والتيارات الاجتماعية المحفزة لها، فما يعرفه المرء هو أيضًا جزء من مخزون المعرفة في هذا المجتمع، ومن المثير للقلق اتخاذ موقف الغريب لكن من الضروري إذا أراد أن يفهم كيف تنشأ الظواهر الاجتماعية اجتماعياً أن يتخذ مثل هذه المواقف.


شارك المقالة: