المناقشات الأخيرة في أنثروبولوجيا علم البيئة السياسية

اقرأ في هذا المقال


المناقشات الأخيرة في أنثروبولوجيا علم البيئة السياسية:

حفزت المناقشات الأخيرة في أنثروبولوجيا علم البيئة السياسية على التفكير الجاد حول المفاهيم والأساليب الرئيسية في هذا المجال الجديد نسبيًا، ففي مقدمة هذا المجال الجديد رسم علماء الأنثروبولوجيا بإيجاز الأنساب الفكري للإيكولوجيا السياسية، وحددوا التحديات الحيوية التي يواجهونها اليوم، ويقدمون مجموعة جديدة من الدراسات التي تستجيب لهذه الاهتمامات، فهم يتصورون القوة كعلاقة اجتماعية مبنية على التوزيع غير المتكافئ للموارد والمخاطر ويحددون القوة في التفاعلات بين الناس والأماكن والموارد والعمليات التي تتكون منها.

والسياسة إذن توجد في الممارسات والآليات التي يتم من خلالها تداول هذه السلطة، وينصب التركيز هنا على السياسة المتعلقة بالبيئة، والتي تُفهم على أنها ظواهر فيزيائية حيوية، جنبًا إلى جنب مع المعرفة والممارسة البشرية، ولتطبيق هذه المفاهيم يشجع علماء أنثروبولوجيا علم البيئة السياسية نماذج بحثية متعددة النطاقات توضح الظواهر البيئية المختارة والعمليات الاجتماعية المحلية، جنبًا إلى جنب مع القوى والأفكار الإقليمية والعالمية.

كما يدعون إلى أساليب البحث والممارسة التي تراعي علاقات الاختلاف والقوة بين المجموعات الاجتماعية وداخلها، وبدلاً من تخفيف الأبعاد البيئية للدراسة يهدف هذا النهج إلى تعزيز قدرة البشر على حساب العمليات الديالكتيكية التي من خلالها يلائم البشر العالم من حولهم ويتنافسون فيه ويتلاعبون به.

النظريات الأنثروبولوجية المتعلقة بأنثروبولوجيا القوة في الحفظ:

إن فكر وممارسات الحفظ مليئة بالقوة، إذ تتشكل فكر الحفظ بقوة من خلال تاريخ أفكار الطبيعة وعلاقتها بالناس، وتدخلات الحفظ تحكم وتؤثر على الشعوب والإيكولوجيا الثقافية، ويجادل علماء الأنثروبولوجيا بأن القدرة على التفكير بعمق لا سيما في القوة يحسن صنع سياسة الحفظ والممارسة، حيث تعتبر أنثروبولوجيا البيئة السياسية إلى حد بعيد النهج الأكثر شهرة ونشرًا للتفكير في القوة في الحفاظ على البيئة، وتحلل أنثروبولوجيا القوة في الحفظ الأنثروبولوجيا المهملة نسبيًا ولكنها قوية لأدب الحفظ حول السياسة والسلطة خارج الإيكولوجيا السياسية.

ويهدف إلى جعل أربعة من مفاهيم الحفظ عن السلطة متاحة، وهي مفاهيم مستخدمة أكثر في أنثروبولوجيا الحفظ كقوة الخطابات واانضباط الحكومة وتشكيل الذات والحكومة النيوليبرالية، ويتم أيضًا فحص الأدبيات الأنثروبولوجية الهامة التي حفزتها هذه المفاهيم، ومعًا تدعم النظرية الأنثروبولوجية فهم البشر الناشئ لعالم جديد على شكل الأنثروبوسين، وسيكون هذا المجال ذا أهمية كبيرة للباحثين في مجال الحفظ والأنثروبولوجيا البيئية والإيكولوجيا السياسية، بالإضافة إلى ممارسي الحفظ وصانعي السياسات.

والتحدي العظيم لعلماء أنثروبولوجيا القوة في الحفظ هو أن الكثير من الدراسات التي نشأة حتى اليوم قد درسة الدول النامية بينما تم القيام بعدد قليل نسبيًا من هذه الدراسات في الدول المتقدمة، وتسعى معظم هذه الدراسات الحديثة إلى إظهار الصورة التي قد تبدو عليه أنثروبولوجيا القوة في الحفظ عند استخدامها  في الدول المتقدمة، وتم تطوير أنثروبولوجيا القوة في الحفظ التشاركية لتشمل منظمات الحفظ المحلية والمكاتب الحكومية ومجموعات أخرى.

وكان هدف أنثروبولوجيا القوة في الحفظ هو وضع استراتيجية إدارة بيئية للمجتمعات من شأنها أن تحد من التنمية والنمو الحضري، وحاولت أن تجمع بين مجموعة متعددة من المجتمعات البيئية المؤيدة لمشاريع التنمية ولكن تم مقابلتها برد فعل سياسي قوي، فالسلطة المؤيدة لمشاريع التنمية بدلاً من المشاركة يتم حشدها سياسياً لإزالة مؤيدي الخطة من مقاعد حكومة المقاطعة وإخراج العملية عن مسارها، وفي أنثروبولوجيا القوة في الحفظ يمكن للمجموعات المحلية تعبئة موارد سياسية واقتصادية كبيرة للتأثير على المصير من المشروع.

وحدثت اشتباكات بين أنثروبولوجيا القوة في الحفظ ودعاة حماية البيئة الذين غالبًا ما يكونون مهاجرين من الضواحي وينتقلون من المدن إلى المناطق الريفية للأنشطة الخارجية والطبيعة الخلابة، والمقيمون منذ فترة طويلة الذين يشاركون في الصناعات الاستخراجية مثل التعدين وتربية المواشي والزراعة، وفي كثير من الحالات تنقسم أنثروبولوجيا القوة في الحفظ بمرارة حول أهمية الأراضي العامة المجاورة ودور الحكومة الاتحادية في إدارة تلك الأراضي.

ففي البلدان النامية علماء أنثروبولوجيا القوة في الحفظ تميل إلى الانحياز إلى جانب المجتمعات المحلية وضد تدخل الحكومة، ويمكن لتعاطفهم مع الميول اليسارية والبيئية أن يدفعهم إلى جانب التدخل الحكومي على حساب المجتمعات المحلية، ولاحظ بعض علماء أنثروبولوجيا القوة في الحفظ هذا التناقض وطالبوا به، إذ يجب أن تؤخذ الحركات المحلية ويتم دفعها ضد بسط سلطة الدول بجدية أكبر.

دراسة العدالة البيئية في الأنثروبولوجيا:

يرى علماء الأنثروبولوجيا أن العدالة البيئية هي النضال من أجل الوصول إلى بيئة آمنة وصحية خالية من التلوث والوصول إلى الموارد البيئية اللازمة للبقاء والرفاهية والتكاثر الاجتماعي، ووُلد مصطلح العدالة البيئية في الأصل في الولايات المتحدة من مقاومة المجتمعات الأمريكية الأفريقية المرتبطة بحركة الحقوق المدنية التي تحتج على الإغراق السام وتحديد مواقع المنشآت الخطرة في مجتمعاتهم.

وسرعان ما انضم علماء الأنثروبولوجيا إلى النشطاء والمواطنين المهتمين والزعماء الدينيين والمجتمعات لتوثيق الظلم بشكل منهجي وإثبات أن التلوث ليس عمى الألوان من خلال إظهار أن الفوارق في التعرض البيئي موجودة بين الخطوط العرقية، وقدمت دراسة العدالة البيئية في الأنثروبولوجيا تحديًا قويًا للتيار السائد لتعريف البيئة والطبيعة التي ركزت على الحفاظ على الحياة البرية والمناطق الطبيعية، مثل المتنزهات الوطنية والأنواع المهددة بالانقراض.

وتؤكد دراسة العدالة البيئية في الأنثروبولوجيا على عدم انفصال البيئة عن الحياة اليومية وتعيد تعريف البيئة على أنها الأماكن التي يعيش فيها الناس ويعملون ويلعبون، وبمرور الوقت توسع إطار الإصحاح البيئي باستمرار ليشمل العديد من المجالات المكانية وأشكال عدم المساواة وأدخل نطاقًا أوسع بكثير من القضايا تحت مظلة ماهية البيئة، ففي أوائل القرن الحادي والعشرين من الأفضل فهم العدالة البيئية على أنها إطار مشترك وائتلاف لمضادات السموم.

وكانت القناعات المشتركة لعلماء الحقوق المدنية والحركات الأصلية والبيئية والنسوية ؛ والعلماء الراديكاليين وعلماء الأنثروبولوجيا، من بين آخرين، هي أن المشاكل البيئية هي إلى حد كبير قضايا هيكلية وسياسية لا يمكن حلها بمعزل عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وأن هذه تتطلب نهجًا تحويليًا وإعادة هيكلة النماذج الاقتصادية المهيمنة والعلاقات الاجتماعية والترتيبات المؤسسية.

وكان التركيز الأولي لدراسة العدالة البيئية في الأنثروبولوجيا على التوزيع الاجتماعي المكاني للأضرار كالانبعاثات والسموم ثم السلع كالحدائق والمساحات الخضراء والخدمات والأغذية الصحية، وتشمل دراسة العدالة البيئية في الأنثروبولوجيا في أوائل القرن الحادي والعشرين مجموعة كبيرة من القضايا واتخذت على نحو متزايد طابعًا عابرًا للحدود ومتعددة التخصصات وأصبحت مكانًا للقاء أبحاث العمل بين شبكة متنامية من النشطاء والعلماء والمنظمات غير الحكومية، ويمكن القول بأن دراسة العدالة البيئية في الأنثروبولوجيا هي نظرية في الممارسة.


شارك المقالة: