المنظورات الحديثة في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


المنظورات الحديثة في علم الاجتماع:

كان ما يجمع رواد علم الاجتماع الأوائل هو الرغبة في اعتماد المعاني الكامنة في التغيرات التي طرأت على مجتمعاتهم، وقد سعى هؤلاء إلى تجاوز التفكير المجرد والمضي إلى ما هو أبعد من تفسير الأحداث الجسمية في تلك الفترة.

وفوق هذا وذاك فإنهم سعوا إلى تطوير الوسائل الكفيلة بدراسة العالم الاجتماعي وتفسير أنشطة المجتمعات عموماً وإدراك طبيعة التغير الاجتماعي، غير أن دور كايم وماركس فيبر كما رأينا انتهجوا سبلاً مختلفة لدراسة العالم الاجتماعي.

ففي الوقت الذي ركز فيه دور كايم وماركس على قوة المؤثرات الخارجية في الفرد، انطلق فيبر من قدرة الفرد على التأثير بصورة خلاقة في العالم الخارجي، وفيما أشار ماركس إلى هيمنة القضايا الاقتصادية، توسع فيبر في دراسة مجموعة العوامل المهمة الأخرى، واستمرت وتواصلت هذه الاختلافات في أساليب المقاربة عبر تاريخ علم الاجتماع، وحتى عندما يتفق علماء الاجتماع على موضوع التحليل، فإنهم يقومون بعملية التحليل من خلال زوايا نظرية مختلفة.

وترتبط بكل من دور كايم وماركس وفيبر على التوالي ثلاثة من الاتجاهات النظرية الحديثة، وهي المدارس الوظيفية، الصراعية، والتفاعلية الرمزية.

تنظر المدرسة الوظيفية أن المجتمع نظام مبهم يقوم في جميع فئاته بشكل متساوي، لتحقيق الثبات والتكاتف بين مكوناته، ووفقاً لهذه المقاربة، فإن على علم الاجتماع بحث علاقة مكونات المجتمع ببعضها البعض وصلتها بالمجتمع برمته.

ويمكننا على هذا الأصل أن نحلل، على سبيل المثال، المعتقدات الدينية والعادات الاجتماعية، ببيان علاقتها بغيرها من منظمات المجتمع، ﻷن فئات المجتمع المختلفة تتطور بشكل متساوي من بعضها البعض.

ولدراسة الوظيفة التي تعمل بها إحدى المنظمات الاجتماعية، فيجب علينا أن نحلل ما تعرضه المؤسسة، ذلك لضمان استمرار المجتمع، وحيثما استعمل الوظيفيون، ومنهم كونت ودور كايم مبدأ المطابقة العضوية لكي نميز بين عمل المجتمع بما يناظره في الكائنات العضوية.

وينظر هؤلاء أن فئات المجتمع وجوانبه تعمل سوياً وبشكل متجانس، كما تعمل أعضاء الكائن الحي، لما فيه فائدة المجتمع بأكمله، وليتسنى لنا دراسة أحد أعضاء الجسم، كالقلب على سبيل المثال، فإن علينا أن نوضح كيفية ارتصاله بأعضاء الجسم الأخرى ووظائفة، فإن تحليل الوظائف التي يقوم بها أحد تكوينات المجتمع يتطلب منا أن نوضح الدور الذي تلعبه في ثبات وجود المجتمع وديمومة عافيته.


شارك المقالة: