تحالف الدول الأوروبية على فرنسا

اقرأ في هذا المقال


حتى عام 1791 ميلادي، كانت حكومة إنجلترا تراقب بحذر وترقّب محايد لتطوّر الأحداث في فرنسا، وذلك دون أن تتخذ موقفاً رسمياً، بالرغم من الحماس الكبير الذي أيَّده أوساط الأدباء والمفكرين والشعراء الإنجليز للثورة الفرنسية، إلا أن طرف الثوريين الفرنسيين جعل الإنجليز يخرجون تدريجياً عن تحفظهم، ويميلون للتعاون مع الجهات المعادية للثورة.

النزاع الفرنسي الإنجليزي:

إن قيام الفرنسيين باحتلال الأراضي البلجيكية وتهديدها لهولندا قد أثار إنكلترا لدرجة كبيرة؛ وذلك لأن مصالح بريطانيا كانت تقضي بأن لا تقع أراضي هولندا وبلجيكا تحت سيادة دولة كبرى، وخاصة دولة مثل فرنسا التي يمكنها أن تزاحم إنكلترا في تجاراتها ومواصلاتها البحرية في بحر الشمال، وقد كانت إنجلترا حينها مستعدة أن تذهب نحو الحرب.
كما أن قيام فرنسا بإعلان عن استعدادها بأن تقدم العون لجميع الشعوب المناضلة من أجل حريتها، كان يعتبر مبدأ لا يمكن للإنجليز الاعتراف فيه، حيث يعتبر الإعلان عبارة عن تحريض مباشر لرعايا ملك الإنجليز في إيرلندا وفي سائر المستعمرات على التمرد والعصيان.
كما أثار إعدام الملك لويس السادس عشر بصورة خاة موجة من الغضب والخنق على الفرنسيين لدمى عامة البريطانيين؛ وذلك لأن حب الإنجليز لملكهم وتقديرهم له لم يستسيغون فكرة إعدام ملك مماثل له، وإن كان ذلك خارج أراضيهم، فطالبت حكومة لندن من السفير الفرنسي مغادرة البلاد وعملت على قطع علاقاتها الدبلوماسي مع حكومة باريس.

التحالف الدولي الأول ضد فرنسا:

في عام 1793 ميلادي، قام المؤتمر الوطني الحرب على إنجلترا، فبادرت إنجلترا حينها لعقد سلسلة من المعاهدات والتحالفات مع الدول المحاربة لفرنسا في أوروبا، أو في الدول التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع باريس على أثر إعدام الملك، وبذلك تم تشكيل تحالف دولي قوي ضد فرنسا، والذي كان يضم النمسا وبروسيا وهولندا والبرتغال وسردينيا وإنجلترا وإسبانيا وروسيا.
وقد خططت إنجلترا بأن لا تقوم بدفع جنودها إلى ساحات القتال وأن تكتفي في البر، عن طريق تقديم مساعدات مالية واقتصادية وسياسية لدول القارة المشاركة في الحرب، وأن يقوم الأسطول البريطاني بتولي مقاتلة فرنسا في البحار ومحاصرة شواطئها؛ وذلك من أجل عزلها اقتصادياً أمام القوات الكبيرة التي قامت دول التحالف الأول بحشدها وكان لا بُدّ لها من هزيمة الجيوش الفرنسية.
ففي شهر مارس من نفس العام تم هزيمة جيوش الجنرال “ديموريه” في بلجيكا على يَد النمساويين، وتم إجبارهم على الخروج من البلاد؛ من أجل التغطية “ديموريه” على فشله، وقام بالسير إلى باريس وبالتعاون مع بعض العناصر الملكية؛ وذلك من أجل أن يستولي على السلطة ويقضي على حكم الثورة والجمهورية، إلا أن جمهوره لم يوافقوه وقام بعدها بالفرار هارباً.


شارك المقالة: