دولة الأيوبيين في عهد الخليفة الظاهر بأمر لله

اقرأ في هذا المقال


الخليفة الظاهر بأمر لله:

هو الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد بن أحمد الناصر لدين الله، ولد سنة (571 هجري)، وبويع بالخلافة عند وفاة أبيه سنة (622 هجري)، فكان عُمره يومذاك اثنتين وخمسين سنة. وقد أحسن إلى الرعية، وأبطل المكوس، وأزال المظالم، وفرّق الأموال.

‎ الأحداث التي جرت في دولة الأيوبيين:

ذهب صلاح الدين الأيوبي عام (568 هجري)، لفتح بلدة الكرك في الأردن، واستنات أباه مكانه على مصر، فتوفي أثناء غيابه، وكان أبوه نجم الدين أيوب بن شادي كثير الصلاة والصدقة والصيام، كريم النفس، جواداً.

وفي عام (568 هجري)، بعث صلاح الدين أخوه الأكبر شمس الدولة توران شاه إلى بلاد النوبة فقام بفتحها، واستولى على مُعقلّها، وهو حصن يُقال له (أبريم)، ولمّا رأى توران شاه بلاد النوبة قليلة الخيرات لا يكفي خراجها بكلفتها، استخلف على الحصن المذكور رجُلاً كُردياً اسمه إبراهيم، وأبقى معه جماعة من الأكراد أيضاً فكانوا يشنون الغارات على بلاد النوبة وما جاورها ويحصلون على الغنائم.

وفي عام (569 هجري)، أرسل صلاح الدين فرقة إلى اليمن بإمرة أخيه شمس الدولة توران شاه فتمكّن من امتلاكها، وأن ينهي حكم آل مهدي في زبيد، وآل حاتم في صنعاء، وآل زريع في عدن. وبقي في اليمن حتى عام (570 هجري)، فاستخلف عليها، ورجع إلى الشام، ومات عام (576 هجري)، بالإسكندرية، ثم خلفه أخوه السلطان العزيز طغتكين الذي اتخذ صنعاء حاضرة له ثم انتقل إلى تعز، واتسع نفوذه إلى حضرموت، وبقي من عام (579 – 583 هجري)، وقد أرسله أخوه صلاح الدين من الشام إلى اليمن.

وعندما مات السلطان العزيز طغتكين سيف الإسلام كان وراءه ابنه إسماعيل المُلقب بالمُعز، وتبنّى الإسماعيلية أيام أبيه فطرده، ولكن الوالد لم يلبث أن توفي، فعاد المُعز، ودخل زبيد، وظلم فثار عليه الأكراد وقتلوه عام (598 هجري). وفي أيامه ظهر المنصور عبد الله بن حمزة الرسيّ، واشتبك مع المُعز في عدة معارك.

وتولى أمر اليمن بعد المُعز أخوه أيوب بن طغتكين، وتوفي مسموماً عام (611 هجري)، ويعرف باسم الناصر. وخلفه يوسف (المسعود، صلاح الدين، أبو المظفر) ابن محمد (الكامل) ابن الملك (العادل) أبي بكر محمد بن أيوب، سيّره جده العادل إلى اليمن عام (612 هجري)،‏ فضبط أمورهاء وقاتل شريف مكة حسن بن قُتادة وهزمه.

وسافر إلى مصر فأناب عنه عام (620 هجري)، عمر بن علي بن رسول (وبنو رسول جماعة من التُركمان جاءوا إلى اليمن مع الأيوبيين) ثم بلغه خبر قوة بني رسول فخاف من استقلالهم فعاد إلى اليمن عام (624 هجري)، فعاقب بعض بني رسول وسجنهم إلا عمر بن علي نائبه، وسافر إلى دمشق، واستخلف عمر بن علي، ومات في مكة، وهو في طريقه إلى دمشق عام (626 هجري)، وهو آخر ملوك بنى أيوب فى اليمن. وقامت بعده دولة بني رسول.

وعند وفاة المسعود الأيوبي استقل عمر بن علي باليمن، ولُقِبَ بالمنصور نور الدين، وبقي في الحكم حتى عام (647 هجري)، وقد قاتل الإمام الرسيّ أحمد بن الحسين (أبو طير)، وعندما توفي خلفه ابنه المظفر يوسف بن عمر.

أما الملك الناصر يوسف صلاح الدين بن أيوب فقد ظلَّ في مصر عند وفاة نور الدين محمود، ولمّا أشتد عزمه على الذهاب إلى الشام قام بالوصول إلى أساطيل للصليبيين من صقلية ونزل بالإسكندرية فتصدى له أهلها، وانتصروا على من فيه وذلك عام (570 هجري). كما أن أحد أنصار العبيديين قد جمع الناس حوله في أسوان فأرسل إليه صلاح الدين أخاه العادل محمد أبو بكر فهزمه وقتله. وامتد نفوذ صلاح الدين نحو الغرب إذ أرسل سريةًً عام (568 هجري)، إلى إفريقية فاستطاعت أن تدخل مدينة طرابلس الغرب.

الأحداث التي جرت بين صلاح الدين والصليبيين:

سار صلاح الدين إلى دمشق فدخلها، وهادن الصليبيين وهو في مرج الصُّفَّر عام (571 هجري)، ثم ملك حلب غير أنه أبقاها للملك العادل إسماعيل بن نور الدين محمود الذي اعترف له بسلطانه عليه ثم رجع إلى مصر، وأخل يستعد لقتال الصليبيين. وفي أثناء غياب صلاح الدين في مصر حاول الصليبيون عام (573 هجري)، أخل مدينة حماه فلم يتمكنوا فارتدوا لأخذ حصن حارم فلم يستطيعوا ذلك.

وفي عام (575 هجري)، كان صلاح الدين في تل القاضي قرب بانياس عند منابع نهر الشريعة فجاءه الصليبيون بقوة كبيرة فهزمهم عند مرجعيون هزيمة مُنكرة. وأرسل سرية مؤلفة من ثمانمائة فارس إلى بلاد الروم، فانتصرت على جيش رومي قوامه عشرون ألفاً. وتوفي الملك العادل إسماعيل بن نور الدين محمود عام (577 هجري)، فبسط صلاح الدين نفوذه على حلب الموصل، وبذا أصبحت المناطق التي تحت سُلطان صلاح الدين مُتصلة وعلى امتداد أملاك الصليبيين، وتحيط بها من كل جهة، وتحصرها في الساحل.

وصله خبر إغارة (رينولد) قائد حصن الكرك على أطراف بلاد الحجاز وقطعه طريق الحج، وأخذه بعض القوافل المسلمين الحجاج، عندها هاجم صلاح الدين المناطق الصليبية، وهزمهم هزيمة منكرة في حطين (25) ربيع الثاني عام (583 هجري)، ثم استولى على طبريا، وتابع طريقه إلى عكا فاستولى عليها، ثم دخل نابلس، والرملة، وقيسارية، ويافا، وبيروت وما حولها، وغسقلان.

وبذا أصبحت المناطق الصليبية قسمين إحداها في أنطاكية في الشمال، والثاني في الجنوب، وهو بيت المقدس الذي أصبح داخلياً معزولاً عما حوله ويحيط به صلاح الدين من كل جهة، وأخذ يستعد للهجوم عليه، فسار إلى القدس بجيش عظيم، ورأى الصليبيون أنفسهم عاجزين عن المقاومة لذا فقد طلبوا الصلح على أن يسلموا بيت المقدس، ويخرجوا منه بأموالهم وأولادهم مُقابل فدية يدفعها كل منهم.

فكان يأخذ من الرجل عشرين ديناراً، ومن المرأة خمسة دنانير، ومن الطفل دينارين، وضمن لهم الرحيل إلى صور أو إلى طرابلس، ودخل صلاح الدين القدس في (27) رجب عام (583 هجري). وجاءت الحملة الصليبية الثالثة عام (585 هجري)، وأحرز ريتشارد قلب الأسد ملك إنكلترا انتصاراً على جيش صلاح الدين في أرسوف.

وتابع دخوله نحو عسقلان ما أن ظهر بنفسه أمام قوة كبيرة فبدأ في إجراء اتفاقيات حتى تم صلح الرملة عام (588 هجري)، الذي تمَّ عقده على أساس وقف الحروب لمُدة ثلاث سنوات بين الطرفين، وأن تبقى القدس بيد المسلمين، ويسمح للنصارى بزيارة الأماكن المقدسة عندهم فيها، وأن تكون سواحل بلاد الشام من صور إلى يافا تحت حماية الصليبيين.

ومات صلاح الدين ‏رحمه الله عام (589 هجري)، في دمشق، وكان وراءه ولده عثمان العزيز عماد الدين وقد امتد حُكمه إلى ست سنوات حتى مات عام (595 هجري)، حيث كان وراءه ابنه المنصور محمد، ولم يبقَّ سوى سنة وعدة أيام إذ خلع عام (597 هجري)، حيث تسلم السلطة الذي خلعه، وهو وزيره، وعم أبيه أخو صلاح الدين، وهو الملك العادل سيف الدين، وبقي حتى عام (615 هجري).

الأحداث التي جرت بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي:

في أيامه استولى الصليبيون الجرمان بإمرة جان دي بريين على دمياط، وتوفي العادل في ذلك العام، وأوصى خليفته ابنه محمد الكامل بإخراج الصليبيين منها، وقد عمل الكامل بنصيحة أبيه فطلب النجدات فجاءته من بلاد الشام، فسار إلى الصليبيين فالتقى بهم عند مدينة المنصورة فأغرق الكامل السفن في نهر النيل ففاض فلم يستطع الصليبيون التقدم وحلت بهم الهزائم، واضطروا إلى طلب الصلح فأجابهم إلى ذلك عام (618 هجري)، فانسحبوا من مصر بعد أن بقوا في دمياط ثلاث سنوات وأربعة أشهر. وكانت مُدة الصلح ثمان سنوات.

اختلف الكامل محمد مع أخوه الملك المُعظم القائد على دمشق، في حين خرج أمبراطور ألمانيا فريدريك الثاني بحملة إلى فلسطين، وتزوج بابنة الملك جان دي بريين التي ورثت من أبيها بيت المقدس حسب الزعم النصراني. وهذا ما أجبر الملك الكامل محمداً أن يعقد صُلحاً مع فريدريك، وأن يتنازل بموجبه عن بيت المقدس بشرط أن يبقى مسجد عمر وما جاوره بيد المسلمين، وأن يطلق الملك الكامل الأسرى الصليبيين جميعهم وذلك عام (626 هجري)، وتوفي الكامل عام (635 هجري).

وكان قد أرسل ابنه الملك المسعود إلى مكة فدخلها عام (620 هجري)، وامتد نفوذه من الجزيرة الفُراتية إلى الحجاز ومصر وتوفي بدمشق، فبايع الأُمراء بمصر ابنه محمد العادل بن محمد الكامل بن محمد العادل أبا بكر سيف الدين، ونافسه نجم الدين أيوب أبو الفتوح الملك الصالح وهو أخوه الأكبر، ودخل إلى مصر، وقبض على العادل وسجنه عام (637 هجري)، وتولى هو السلطنة.

الأحداث التي جرت مع شجرة الدر:

في عهد الملك الصالح شن لويس التاسع ملك فرنسا هجوماً على دمياط واستولى عليها، وتقدم نحو المنصورة، وانتصر في بداية الأمر، ثم رده المماليك بسُلطة الظاهر بيبرس، وفي هذه الأثناء توفي الملك الصالح فكتمت زوجته شجرة الدر نبأ وفاته (647 هجري)، وبقيت تدير هي الأمر بنفسها باسمه، وأرسلت إلى ابنه توران شاه تستقدمه.

وعندما وصل إلى القدس انتقلت إلى القاهرة، واختلفت مع ابن زوجها، وقتله بعض المماليك في (فارسكور) ولم يصل توران شاه إلى القاهرة، وإنما جاء مُباشرة إلى ميدان المعركة وقاتل الصليبيين واستردَّ دمياط، وكانت وفاته عام (648 هجري)، ومُدة سلطنته أربعون يوماً. ‏ وبموته انتهى أمر الدولة الأيوبية.

قامت شجرة الدر بمُتابعة حكم الدولة، وكانت تُلقب باسم (أم خليل)، و(المستعصمية الصالحية) حاكمة المسلمين، أم الملك المنصور خليل أمير المؤمنين، ولم تستقر أوضاعها سوى ثمانين يوماً، وخرجت الشام عن طاعتها، وجعلت عز الدين أيبك وزيراً لها وكان وزير زوجها، ثم تزوجته، وتنازلت له عن السلطنة، لكنها كانت هي المُسيطرة عليه، وتلقب عز الدين أيبك بالملك المُعزّ وعندما أراد أن يتزوج عليها، قتله مماليكها، وعلم ابنه علي فعمل على قتلها عام (655 هجري).


شارك المقالة: