اقرأ في هذا المقال
كيف يؤثر اختلاف الثقافات على المسؤولين الإداريين داخل المؤسسات
منذ آلاف السنين، أنشأ البشر علاقاتهم التجارية خلال العديد من الحدود الجغرافية والسياسية والثقافية. وأثناء القرون الزمنية التي جائت قبل الميلاد، ربطت خطوط التجارة المعقدة الصين بالهند والعالم الغربي عبر الطريق الحريري.
ربما نعتقد أن المسألة باتت أسهل اليوم في عالمنا المنفتح اجتماعياً فيما يتعلق بالتواصل مع الزملاء والعملاء في البلدان الأخرى. لكننا في غالب الأحيان، نكون حذرين بشأن ما نقول وأقل انتباها بكثير إلى احتمال أن يساء فهم تعابيرنا، وذلك بسبب الاختلافات الثقافية.
وفي بعض الأمور التي تعارف عليها العالم هارفارد بيزنس ريفيو التي تعمل على شرح ما وضحته المؤلفة إيرين ماير، كيف أن لغة الأعمال مليئة بالفوارق التي لا تكاد تدرك، وبالتالي فهي عرضة لسوء فهم كبير، حتى من جانب المتميزين بحسن الاطلاع والتفكير العميق.
وممن يتحدثون الإنجليزية بطلاقة، ومثال ذلك: حينما يقول شخص بريطاني في اجتماع ما، بعد تفكير عميق: “فكرة مثيرة للاهتمام”، فهو على الأرجح يقصد: “لا تعجبني هذه الفكرة”. لكن إذا كان من بين الحضور رجل أعمال هولندي مثلاً، فسوف يفهم هذا التصريح البريطاني بمعنى: “تعجبني الفكرة”.
واعتماداً لما جاء في مقالنا هذا: “بعض التغيرات في تفسير الكلام تكون صادمة ولافتة، وفي بعض الأحيان مزعجة، لا سيما إن كنت تدير فريقاً عالمياً: فعندما تتحدث مع موظفيك الآتين من خلفيات ثقافية متنوعة عبر برنامج سكايب، فإن كلماتك يمكن لها أن تأخذ معانٍ مختلفة، حسب السياق الثقافي في ذهن من يستمع إليك”.
وتشير مقالنا إلى أن رؤساء الشركات الصينيين لا ينتقدون زملاءهم علانية أو أمام الآخرين مطلقاً. من جهة أخرى، يحاول الهولنديون دائماً توخي الصراحة والمباشرة عند تقديم آرائهم للآخرين. أما الأميركيون فمدربون على تغليف الرسائل السلبية بأخرى إيجابية. والفرنسيون معتادون على الحماسة في الانتقاد، والتحفظ في إعطاء آراء إيجابية.
كما يفيد مقالنا أن من الوسائل المستخدمة للحصول على نظرة ثقافة معينة إلى الآراء غير المستحبة، تكون بواسطة الاستماع إلى أنواع الكلمات التي يستخدمها الأفراد. فاختلاف الثقافات التي تتسم بالصراحة تميل إلى استعمال ما يسميه أهل اللغة بالمعززات، أي الكلمات التي تسبق أو تلي الرأي السلبي، ما من شأنه أن يجعلها أكثر قوة، مثل: قطعاً وتماماً في “هذا مرفوض قطعاً” و “هذا مناف للمهنية تماماً”.
وفي المقابل، يتجه مقالنا إلى أن تعدد الثقافات الأقل وصالاً نحو الجرائة في التعبير تستعمل ما يسمى بـالمخففات، وهي ألفاظ هدفها هو التقليل من حدة الخطاب، مثل: “لم نقترب بعد من تحقيق خلمك” حين يكون المعنى حقاً: “ما نزال بعيدين جداً عن تحقيق ذلك”. والبريطانيون بارعون في هذا الشأن. كما يوضح كتاب “دليل الترجمة بين الإنجليزية والهولندية”.
الذي ينتشر بنسخ مختلفة على شبكة الإنترنت، بعضاً من حالات سوء التفاهم التي من الممكن أن تكون بسبب هذا الاختلاف بين اختلاف الثقافات. وبالاعتماد على ما سبق، ينبغي لنا أن نبذل جهداً كافياً في فهم كيف يُنظر في اختلاف الثقافات الأخرى إلى ما نطرحه من آراء.
يمكن التحدث أن أية منظمة لا يمكن أن تعيش منفردة عن البيئة التي تحيط بها، فهي تعيش إذن ضمن بيئة توفر وتتأثر بها، كما يمكن القول أن البيئة الراعية والحاضنة للمنظمة سيكون لها بالغ الأثر في بلوغ المنظمة غاياتها، ونماء واستمرار وتدفق مخرجاتها بما ينعكس أثره على سلوك وأداء وإدارة ومهارة العاملين.
فالإطار الكبير والمحيط الشامل لأي عملية تنموية تكمن في نوعية التوجيهات والسياسات العامة للدولة، وخطط التنمية والتطوير التي تبناها مؤسسات الدولة المختلفة، فكما ارتفع سقف الاهتمام بالعنصر البيئي من قبل صناع القرار والمسؤولين في المؤسسات كلما كان المردود أكبر والفائدة أعظم وأشمل.
وفي النسبة لذلك، فإنه من الواجب على المنظمة أن تأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل البيئية الملتفة بها إذا أرادت أن تبقى وتستمر في مضمار السباق، وبناءاً عليه، فإنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن إدارة المنظمة منفردة من تحقيق المردود العائد المنشود، إذ لا تستطيع إدارة أي منظمة أن تعمل بشكل مغاير لعوامل بيئتها التي تعيش فيها بأي حال من الأحوال.
بل تعتبر الثقافة جزء مترابط من نظام ممتد الأذرع والأطراف، وكما يكون تأثير بيئة العمل على العاملين في المنظمة من خلال الثقافة، والتي تضم مجموعة من القيم والمناخ الثقافي للمؤسسة القائمة، حيث تلعباختلاف الثقافات دوراً بالغ الأثر في التأثير على قيم الأفراد ومعتقداتهم الثابتة ويتجسد دور التفافة هنا من خلال فائدتها للمؤسسة بأنها تعمل على خلق بيئة مناسبة تساعد على تطوير الأداء للعاملين.
كما يمكن أن تلعب الثقافات دوراً غير لائقاً الذي قد يتمثل في أنها قد تضر المؤسسة بوضع المعوقات التي تفوق تحقيق استراتيجيات المنظمة، وتسبب مقاومة التغيير وعدم الالتزام، وبشكل أكثر تحديداً يمكن القول أن إدارة اختلاف الثقافات لا تخرج عن كونها تطوير أو تدعيم لثقافة المنظمة، بحيث تصبح ثقافة ملائمة وفعالة.
والثقافة تكون عبارة عن الآداة التي يعتبر هدفها الأساسي الأخذ بيد المنظمة للعمل على تحقيق غاياتها، ويمكن القول أن اختلاف الثقافات الأصلية للمنظمة لها تأثير كبير على سلوك المنظمة وعملها، وبالتالي على مستوى الأداء وإذا توفرت اختلاف الثقافات الفعالة، فلا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد التغيير الثقافي المطلوب، وتطوير وتنفيذ الخطط المطلوبة له.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه في حال عدم وجود تناسق في أمر الاختلاف بين الثقافات العامة في الحياة العملية، مع تحقق أمر اختلاف الثقافات التنظيمية في المنظمة الواحدة، فلا بد أن يتم العمل على تغيير هذه اختلاف الثقافات لتقويتها وجعلها قادرة على الانسجام مع ما تؤمن به المنظمة من مبادئ وقيم.
وبالاعتماد على ما كتب قبل نلاحظ بما لا يعتبر مجالا للشك أن أمر ثقافة المنظمة يلعب دوراً له أهمية كبيرة في التأثير على أداء المنظمة بشكل عام، وعلى الأداء الفردي للعاملين بشكل خاص. من هنا كان لا بد من برامج تعمل على تقوية اختلاف الثقافات وتدعيمها وذلك من خلال تحديد ما هو مفيد وفعال للثقافة العامة.
التواصل التنظيمي وأثره على العمل الوظيفي، يمكن التحدث أن موضوع التواصل يعطي دوراً بالغ الأهمية في العمليات الإدارية ككل، ولم يبالغ كتاب الأدب الإداري عندما نظروا إلى وظيفة الاتصال في التنظيم على أنها بمثابة الشرايين التي تهم العملية الإدارية بالحياة.
وللدلالة على مكانة التواصل في التنظيم لنا أن نتوقع أن منظمة ما تعاني من نظام اتصال عقيم غير قادر على توصيل الأوامر والتعليمات والشكاوي داخل المنظمة، هنا وفي هذه الحالة سنجد أن هذه المنظمة تتخبط ولا يمكن أن تصل إلى تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.
وكما أن اهتمام دراسات الإدارة الحديثة لا يكون فقط بالوظائف التقليدية للإدارة، وإنما تفرض اهتمامها أيضاً وبصورة كبيرة بالطريقة التي يعمل بها المدير، وكيف ينفق وقته، وكيف يؤدي عمله، وما هي الأدوار والأنشطة والمهام التفصيلية التي يقوم بها المدير فعلاً أثناء تأديته عمله.
عملية التواصل الثقافي:
وذلك باعتبار أن التواصل الثقافي يساهم في العمل على وضع الأمور الرئيسية التي يجب تنفيذها، والعمل على إيضاح المشاكل وطرق علاجها، ومعرفة الأداء وإنتاجية العمل، والانسجام بين المهام والوحدات المتعددة، وتعيين معايير ومؤشرات الأداء.
ويمكن التحدث أن عملية التواصل تكون بواسطة آلية معينة في ست خطوات أساسية مقسمة بالتساوي بين المرسل والمستقبل، بحيث تغطي آلية الاتصال، والترميز وإرسال الرسالة، والاستقبال وتفكيك الرموز والاستعمال، أضف إلى ذلك وسيلة الاتصال المستخدمة. وتجدر الإشارة إلى أن عملية الاتصال لا تنتهي بمجرد استلام المستقبل للرسالة واستعمالها.
بل من الممكن أن يعمل الشخص المستقبل على إرسال ما يطلق عليه اسم التغذية الراجعة للمرسل وهي خطوة تعتبر ذات أهمية كبيرة وذلك ليضمن أن المستقبل قد استلم الرسالة وفهمها أم لا.
ولا بد من ملاحظة أن عملية التواصل هذه تتم ضمن بيئة معروفة ومحددة تؤثر بطريقة ما على محتويات الرسالة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الرسالة وأثناء إرسالها تتعرض للعديد من المعوقات التي تتعرض سبيلها وبذلك تصل إلى المستقبل بشكل غير ذاك الذي قصده المرسل منها.
وتقلص المعوقات التي تتعرض لها عملية التواصل من كفاءته، وبالتالي تؤدي إلى التشويش على عملية الاتصال نفسها. ويمكن تقسيم معوقات الاتصال إلى معوقات خاصة بالمرسل، ومعوقات في الرسالة نفسها، ومعوقات في وسيلة الاتصال، ومعوقات في المستقبل، ومعوقات في بيئة الاتصال. إنه لم يعد هناك شك في الدور الذي تلعبه عملية الاتصال في التأثير على أداء العاملين في المنظمة.
حيث لا يختلف شخصان على الدور الذي تلعبه عملية التواصل في التأثير على أداء العاملين في سلباً وايجاباً، لذا تحرص الكثير من المنظمات على توفير والإبقاء على وجود نظام اتصال فعال داخلها ليضمن أداء عالي للعاملين فيها، وبالتالي تحقيق أهداف التنظيم.