الخطوات التي اتبعها معاوية بن أبي سفيان لبيعة ابنه يزيد:
المشاورات:
بدأ تفكير معاوية بن أبي سفيان لبيعة ابنه يزيد بن معاوية لولاية العهد بعد عام 50هـ، وكان بعد أن أصبحت الساحة خالية من كبار الصحابة المبشرين بالجنة مثل سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن يزيد بن عمرو، ووفاة الحسن بن علي رضي الله عنهم، كما أن يزيد عُرف بعد أن قاد جيش المسلمين الذي حاصر القسطنطينية، ومن بعد هذه الأمور بدأ يهيئ الأمور لوضعه ولياً للعهد.
وكان لا بد أن يستشير زياد بن أبيه؛ لأنه اعتبره أخاً له، وكان يُنادى بزياد بن أبي سفيان، وأعطاه ولاية العراق، وقال الطبري: عندما أراد معاوية بن أبي سفيان أن يبايع لابنه يزيد بن معاوية كتب إلى زياد ليستشيره، وأرسل زياد إلى عبيد بن كعب النميري وقال: “إنّ لكل مستشير ثقة، ولكل سر مستودع، وإن الناس أبدعت بهم خصلتان: إذاعة السر، وإخراج النصيحة إلى غير أهلها.
وليس موضع السر إلا أحد رجلين: رجل آخرة يرجو ثواباً، ورجل دنيا له شرف في نفسه، وعقل يصون حسبه وقد عجمتها منك، فأحمدت الله قبلك، وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الكتب”؛ وأخبره أن معاوية بن أبي سفيان أرسل له بأنه يريد البيعة لابنه يزيد لكنه يخاف من نفور الناس.
الحملات الإعلامية:
كان إرسال يزيد بن معاوية أميراً للجيش المبعوث إلى غزو القسطنطينية من التمهيدات الإعلامية الناجحة، وبعد أن انتهت الغزوة وعاد جعله أميراً على الحج، ولكنه كان متخوفاً من نفور الناس ويتأهب لخروج بعض المعارضين، ولهذا كان دائماً يستشير الولاة ورجال الدولة، كما كان يستعين بهم في تذليل العقوبات وتهيئة الأوضاع لأخذ ولاية العهد ليزيد.
قبول أهل الشام لبيعة يزيد بن معاوية:
كان معاوية بن أبي سفيان يدرك بأن أهل الشام يحرصون على بقاء الخلافة فيهم وحسموا أمرهم بإعطاء البيعة ليزيد بن معاوية، كما أنهم كانوا يجدون في يزيد ضالتهم لاستمرارهم في الصدارة في الدولة الإسلامية، وتوريث الخلافة ليس شيئاً عجيباً عند أهل الشام كما هو في الحجاز، فقد كانوا قد عهدوها من قبل حكم البيزنطيين لهم، وكان البعض من أهل العراق مهيئين لتقبل فكرة أن تكون الخلافة بالوراثة ولكن من منظور خاص بهم؛ فقد كانوا يرون بأن أهل البيت أحق بالخلافة واستمرارها فيهم، كما كانوا متأثرين بنظام الحكم الساساني للفرس قبل الفتح الإسلامي للبلاد.
استجاب أهل الشام لرغبة معاوية بن أبي سفيان في جعل ابنه يزيد بن معاوية ولياً للعهد، وهذا كان بعد أن عاد يزيد من غزوة القسطنطينية، وعندما طُرحت الفكرة لاقت قبولاً وإجماعاً من هل الشام في الموافقة على البيعة، ولم يكن فيهم من يعترض هذه الفكرة، وكان أهل الشام مساهمين في أخذ البيعة من الأمصار الأخرى كالحجاز.
بيعة الوفود:
قام معاوية بن أبي سفيان بعقد اجتماع موسع في دمشق وذلك بعد أن جاءت الوفود من الأقاليم، وكانت هذه الوفود تضم العديد من رجالات الدولة، من بلاد الشام جاء: الضحاك بن قيس الفهري، وثور بن معن السلمي، وعبد الله بن عضاة الأشعري، وعبد الله بن مسعدة الفزاري، وعبد الرحمن بن عثمان الثقفي، وحسان بن مالك بن بحدل الكلبي والعديد غيرهم، كما جاء عمرو بن حزم الأنصاري عن أهل المدينة وكان حضوره متأخراً، وجاء من أهل البصرة الأحنف بن قيس التميمي.
ومن بعدها تكلّم كل زعيم من الزعماء وكانوا متقبلين للفكرة، كما أكدوا أن هذه الطريقة الوحيدة لحقن دماء المسلمين، ودوام الألفة والمحبة، وبهذا تمت البيعة ليزيد بن معاوية لولاية العهد.
الأمور التي منعت عمرو بن حزم الأنصاري من حضور الاجتماع:
- كان أهل المدينة رافضين لفكرة البيعة ولم يتقبلوها أبداً وعارضوها بشدة؛ ولهذا لم يقوم بإرسال أحد في وقت الاجتماع.
- رفض معاوية بن أبي سفيان للقاء عمرو بن حزم الأنصاري؛ وذلك لأنه عرف برفض أهل المدينة للبيعة وكان يعرف بأن حزم مندوباً عن المعارضين، وكان يخشى أن يشتت آراء الحضور.
طلب البيعة من أهل المدينة:
مثلما قام معاوية بن أبي سفيان بطلب البيعة من الأقاليم أرسل إلى أمير المدينة لأخذ البيعة لابنه يزيد، وكان مروان بن الحكم حينها أميراً على المدينة فقام في الناس خطيباً يحثهم على الطاعة وحذرهم من الفتنة، وشبّه هذه البيعة كبيعة أبي بكر الصديق إلى عمر بن الخطاب، ولكن عبد الرحمن بن أبي بكر نفى هذه التشابه؛ لأن أبيه أبي بكر لم يضع خليفة من أهل بيته وعشيرته وقد عمدها لرجل من بني عدي بن كعب، ثم حدث نزاع بينهما.