ما هي الكشوفات البرتغالية؟

اقرأ في هذا المقال


تعتبر البرتغال أول الدول التي قامت بالكشوفات، وتوفرت لها معرفة وخبرة بالسفن والبحار و البوصلة البحرية وحركة النجوم وكروية الأرض وعلم الجغرافية.

الكشوفات البرتغالية:

ترتبط حركة الكشف البرتغالي بحياة الأمير “هنري الملاح” والذي يعتبر الابن الثالث لملك البرتغال “يوحنا الأول”، وقد كان هنري الأول رَجل متدين شديد التعصب، وقد اهتم منذ صغره بالجغرافيا والفلك وعمل على دراسة الخرائط الجغرافية والأجرام السماوية والطرق البحرية، وحركة الرياح التي تساعد الملاحة والملاحين والتي تسمى “الملاحة الشراعية”، وكما اهتم ببناء السفن ممّا ساعد على تطور الملاحة والمعرفة بالإبحار على المحيطات، كما شارك بعدة مغامرات حربية ضد بلاد المغرب في شمال أفريقيا؛ وذلك بحجة القضاء على القرصنة في شمال أفريقيا.
وقد نجح هنري الملاح في السيطرة على الشاطئ المالي الأفريقي، وقد قام أبوه بتعيينه حاكماً عليها، وكما حاول التقدم نحو الطنجة والاستيلاء عليها وانتزاعها من المغاربة، إلا أنه فشل في احتلالها وتحول بجهوده نحو السواحل المراكشية في على المحيط الأطلسي، وتم له إخضاع أفريقيا الشمالية الغربية من نهر السنغال إلى غانا، وكما اهتم بنشر المسيحية بفعل الروح الصليبية المسيطرة عليه، تقودها المغامرات التي قام بها لنشر المسيحية في أفريقيا.
وقد قام هنري الملاح في استغلال الرقيق في القارة الأفريقية والمتاجرة بهم؛ وذلك من أجل ان يحصل على أموال لحكومته والعمل على بناء الإمبراطورية البرتغالية وتحقيق رغبته الدينية، وقد عُدَّت مملكة هنري الملاح في قلب أفريقيا حصناً مسيحياً في تلك المناطق المجهولة، وقد كان هنري يهدف إلى إقامة صلات مع الملك يوحنا؛ من أجل تأمين طريقه نحو نهر السنغال و التقدم نحو البحر الأحمر والموانئ الغربية ثم إلى الهند والصين، وبذلك يحقق الهدف الأكبر وهو الوصول إلى الشرق الأقصى.
ونجح هنري الملاح في التجول في المحيط الأطلسي والكشوفات الجغرافية عن بعض الجزر في ذلك المحيط، وهي جزيرة “ماديرا، جزيرة آزور، جزر الكناري، وقد تحقق له هدف واحد وهو مواصلة ارتياد الساحل الغربي لأفريقيا، وذلك عندما واصلت بعثاته جهودها، وفي عام 1441 ميلادي تحقق للبرتغاليين الاتصال الحقيقي بالبقاع الأفريقية، وعملوا على استغلال الأراضي الغنية بالغابات و نشطوا في الساحل الأفريقي ورسموا له الخرائط وعينوا عليها المعالم الجغرافية الرئيسة.
وفي عام 460 ميلادي اكتشف البرتغاليين جزئرة خليج الرأس الأخضر، وعملوا على رسم خرائط الساحل في السنغال وغامبيا، وقد استطاع هنري الملاح أن يحقق حتى وفاته الوصول إلى ثلث الساحل الأفريقي الغربي، وعملوا على إقامة نقاط محصنة كقواعد حربية وتجارية لهم.، وقد عمل الملك يوحنا الثاني على مواصلة جهود هنري الملاح، فقام في عام 462 ميلادي، بإرسال بعثة حربية إلى سواحل ليبيريا ثم وصل البرتغاليون إلى ساحل العاج وساحل الذهب والكاميرون ونيجيريا، وكما وصلوا إلى مصب نهر الكونغو.
وعملوا على احتكار الملاحة على الساحل الأفريقي الغربي، حيث لم يكونوا يسمحوا لبحارة الدول الأخرى بالملاحة هناك إلا بتصريح خاص من البرتغال، وأيضاً من العوامل التي ساعدت في نجاح البرتغاليين هي استعانته بالملاحة التي عرفها العرب وسبقوا بها الأوروبيين، وقد جاب الملاحة جميع أرجاء المحيط الهندي والملايو وبحر الصين وتجاربهم الملاحية الأصيلة في البحر الأحمر والساحل الأوروبي والأفريقي للمحيط الأطلسي وغرب أفريقيا.
وبذلك اهتم البرتغاليون قبل قيامهم بالمغامرات الكشفية بالحصول على هذه المعلومات بإرسال بعثات إلى البلاد العربية التي استطاعت الحصول على بعض الخرائط التي رسمها العرب للمحيط الهندي وبحر الصين، وقد توقفت جهود البرتغاليين في الكشف الجغرافي؛ بسبب قيام الحرب بين الإسبان والبرتغال بين عامي 1475 و 1479 ميلادي، إلا أنهم عاودوا نشاطهم في عام 1487 ميلادي، وذلك عندما أرسل الملك يوحنا الثاني بعثة كشفية يرأسها الملاح الكبير “بارثليمو دياز”.
وقد كان هدف الملاح “بارثليمو دياز” ارتياد الساحل الأفريقي والدوران حول القارة بقصد الوصول إلى الهند عن طريق البحر مباشرة، وقد نجح بارثليمو دياز في ارتياد الساحل نحو الجنوب حتى وصل إلى “خليج آلجو” في أجواء عاصفة وقد سمّاه “خليج الزوابع”، ومن ثم في عام 1488 ميلادي عاد إلى البرتغال مبشراً بأن الطريق إلى الهند أصبح واضح المعالم، وقد راى الملك بعد ذلك أن يُغيّر اسم الخليج إلى “الرجاء الصالح”؛ وذلك لأنه بعث الرجاء في كشف الطريق البحري المباشر إلى الهند.
وقد كانت إسبانيا من جانبها تسعى أيضاً في الوصول إلى الهند وذلك عن طريق الاتجاه غرباً، وعدَّت إسبانيا بذلك إلى الرحالة “حزستوف كولومبس” في عام 1492 ميلادي، ونشب الصراع بعد ذلك بين إسبانيا والبرتغال، وكانت كل دولة تسعى في تأمين حقها في الأراضي الجديدة التي تم اكتشافها والطرق الملاحية التي اهتدى اليها والثروات التي توقع أن تهبط عليها.


شارك المقالة: