اقرأ في هذا المقال
التعريف بأهل الحل والعقد:
يعتبر هذا المصطلح من المصطلحات الإسلامية والمقصود به أهل الاجتهاد، ويأتي هذا المعنى بما قال عنه علماء الأصول وعلى حسب الإمام النووي، وهم العلماء ووجوه الناس الذين يعودون إليهم الناس لحاجاتهم وللمصالح العامة، كما يرى البعض أنهم الأشراف والأعيان، وأن لأهل الحل والعقد القدرة على عقد نظام جماعة المسلمين في الشؤون العامة والقضائية والتشريعية والسياسية.
كان التطور في العهد الراشدي يتقدم سريعاً وبشكل خطير جداً، وكان ذلك يهدد المحافظة على السمات الأساسية لحكمهم، والتي كانت تظهر الحب والحرص والانسجام المتبادل بين الخليفة ورعاياه، وإظهار الخوف من الله في المعاملة في ما بينهم، وعمل هذا التطور على تقليص دور أهل الحل والعقد في المدينة بوفاة البعض منهم أو تفرقهم في الأمصار الإسلامية.
كان للأمصار مكانة ضخمة تفوق مكانة الحجاز التي تعتبر مقراً للخلافة، وذلك نتيجة نمو الدور للقبائل التي أسلمت مؤخراً وحملت على عاتقها تحمل عبء الفتوحات الإسلامية، والتي أدَّت لإثراء المجتمع الإسلامي بصورة نادرة لم يسبق لها أن تمت من قبل، تغيرت فيها بعض الأخلاق والنفوس، وكانت المفاهيم تتغير تدريجياً، مثل مفهوم أهل الحل والعقد.
لم يعد أهل الحل والعقد هم أهل بدر فقط، أو السابقين للإسلام الذين تقلصوا بمرور الزمن، بل ظهر لساحة التأثير والفاعلية زعماء الأمصار ومن بينهم زعماء الشام، وكانت قدرة الأمصار حينها على الحسم السياسي كبيرة حتى أن أهل المدينة عجزوا عنها، وكان أهل الشام يتميزون بقدرة هائلة على الطاعة والتوحد الاجتماعي، وكانوا يتعودون على خضوعهم للدولة وأساليب الإدارة وأنماط الحضارة.
مكّنت هذه المؤهلات لأهل الشام فرض اختيارهم على العراق وباقي الأمصار الإسلامية، حتى قاموا بمبايعة الخليفة معاوية بن أبي سفيان، واستطاعوا بأن يحتفظوا بقدراتهم لأكثر من تسعون عاماً وهي عمر الدولة الأموية، وممّا يؤكد أن قادة الدولة أصبحوا جل أهل الحل والعقد في المجتمع الإسلامي بحكم الواقع السياسي، ولديهم القدرة على أن يختاروا الخليفة بأنفسهم.
رأي العلماء بأهل الحل والعقد:
أولو الأمر:
وهو مصطلح شرعي ذكر في القرآن الكريم، وأشهر ما قيل في معناها أنهم الأمراء بقول الطبري، أو أنهم جمهور السلف والخلف كما قال النووي، كما قيل أنهم أصحاب النبي صلَّ الله عليه وسلم، أو أنهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، كما ذكر عن معناه أنها عامة في كل أولي الأمر والعلماء، وأيضاً أنهم العلماء والزعماء وكل من كان متبوعاً.
العلماء:
وهم علماء الشريعة، وهو لفظ جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: (إنَّما يَخشى اللهَ مِنْ عِبادِهِ العُلمؤا)، كما تم ذكره أيضاً في السنة النبوية العطرة في كثير من الأحاديث التي لا تحصى، ولكن وأشهرها: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن بموت العلماء).
أهل الاختيار:
وهم الأشخاص الذين يقومون بمهمة اختيار الإمام ومبايعته، وهم أهل الحل والعقد، وهو من المصطلحات الاجتهادية التي اتفق عليها بعض أهل العلم.
أهل الاجتهاد:
وهم العلماء الذين وصلوا لمرتبة عالية في الاجتهاد في الشريعة الإسلامية، وتوكل لهم الأعمال الهامة والمفصلية مثل: الإمامة الكبرى، القضاء، الفتاوى، ومن قام بوضع هذا المعنى هما: البغدادي والقرطبي.
أهل الشورى:
وهم الأشخاص الذين تتم استشارتهم والأخذ برأيهم في أمور المسلمين جميعاً وفي كافة شؤونهم، وكما جاء في قوله تعالى: (وشاورهُمْ في الأَمْرِ).
أهل الشوكة:
هم من الأشخاص الذين يمتلكون القدرة والسلطة؛ وذلك بسبب توفر القدرة والبأس لديهم، ومن قام بوضع هذا المعنى هو ابن تيمية.
أهل الرأي والتدبير:
هم الأشخاص الذين يتسمون بعقلهم وتفكيرهم الناضج، وقدرتهم العالية على تصريف الأمور وتسييرها بأفضل طريقة، ومن وضع هذا المصطلح هو ابن عابدين.
أهل الحل والعقد في عهد معاوية بن أبي سفيان:
كان أهل الحل والعقد في عهد معاوية بن أبي سفيان هم زعماء القبائل والولاة وقادة الجيش، وكان تركيز الشوكة والقوة الفعلية في أهل الشام؛ لأنهم كانوا يتمتعون بالقدرة على الاختيار وتحقيق مرادهم، كما أنهم يمضون رغبتهم على مخالفيهم، وأن دائرة الحل والعقد اتسعت لتشمل زعماء الأمصار الإسلامية بجانب زعماء الشام، وأصحاب العصبيات القوية، وأصحاب الرأي من عماء الأمة وأهل الديانة.
وكانت توكل مهمة اختيار الخليفة أو عزله على أهل الحل والعقد، وكانوا يفصلون الأمور الهامة في حية الأمة الإسلامية، وكن كان أهل الشام ينفردون باختيار الخلفاء في العهد الأموي من البيت الأموي نفسه، وكان ذلك قد بدأ في اختيار يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ولياً للعهد بعد أبيه، وكانت هذه الخطوة الأولى لاستمرارية الحكم الأموي على الرغم من رضى الأمصار أو رفضهم.