يمثل الخط العربي عنصراً هاماً من التراث العربي، وقد تنوعت أشكاله وفي مجالات استعماله يتجاوز الحاجات الثقافية إلى الآفاق الفنية ليصبح من أبرز الفنون الزخرفية. حيثُ يمثل ظهور الإسلام وانتشاره وباتساع الرقعة الإسلامية، فكتابة المصحف أكسبت الخط العربي حرفةً وانتشاراً، وكما تطلبت تطوير هذا الخط لضمان القراءة الصحيحة. وقد أدى تكوين الدولة إلى استخدام الخط للوثائق الرسمية وللكتابة على النقود وعلى الأبنية، كذلك كانت تلك المهمة للأغراض الثقافية العربية الإسلامية وتطويرها.
وقد كان لمواد الكتابة أثرها في تطور الخط وإغنائه، وقد كان لاتساع الإسلام إلى بيئات ثقافية وبشرية متنوعة أثر في حلول الخط العربي محل خطوط محلية وقد أثر هذا بدوره على تطور الخط.
مع ذلك تبقى فترة التكوين للخط العربي امتدت أربعة قرون، فإن تطوير الخط في الاستعمال استمر بعد ذلك. وإن لفترة صدر الإسلام أهمية خاصة في نشأة الخط العربي، إذ أن تكوين الدولة وبداية الثقافة فتحت آفاقا جديدة لاستعماله واستوجبت تطويره السريع.
ما هي آراء العلماء في أصول الخط العربي؟
- الرأي الأول: هناك من الآراء ما تؤكد صلة الخط العربي بالخط النبطي. ويرى وجود خطين متميزين وابتداءً من: الخطين الكوفي وخط النسخ.
- الرأي الثاني: ويرى أن احتمال تأثير الخط السرياني في نشأة الخط العربي.
- الرأي الثالث: يرى جمهور هذا الرأي أن الخط العربي واحد في الشكل وأن ظهور شكلين الكوفي والنسخ إنما هو تطور مبكر في العصر الأموي.
ويبدو أن تباين الرأي يعود إلى قلة المواد المتوفرة، وأصدقها النقوش والوثائق، ومنها ما يلي:
- إن المواد الأثرية لها أهمية خاصة، وكل إضافة جديدة إليها تفيد في إغناء البحث وفي التقدم به. ومن هنا تبدو أهمية مثل هذه الدراسة التي تناولت هذه الفترة وبينها النقوش خاصة والذي لم يدرس من قبل، وهي دراسة علمية لموضوع هام. كما تتبين قيمتها فيما قدمته من جديد في المادة والرأي.
- إن تاريخ الخط العربي والمتتبع له منذ نشأته على الأرض العربية يرى ويستنتج عليه أن يدرك في الخط العربي أمرين هما:
- الأصول القديمة للخط.
- تطور هذه الأصول في الفترة الإسلامية.
هذا ويقال أن الأصول القديمة للخط العربي وهو أن الأمة العربية التي انطلقت من الجزيرة العربية نحو بلاد الشام والعراق وشمال إفريقيا، فقد استعملت تاريخها الحافل بالنشاط التجاري، حروفاً خاصة بها رغم تعدد اللهجات واللغات التي كتبت بهذه الحروف.
ولا شك أن بلاد الشام قد شهدت تاريخاً حافلاً بهذا الموضوع إذا واكبت منذ أقدم عهودها الحضارة الآرامية المحلية وما انسلخ عنها من مدارس متعددة في اللغات واللهجات والأبجديات.
أما اللغات والحروف النبطية والتدمرية والعبرية والسريانية لم تكن سوى مدارس محلية تتفرع عن الدوحة الآرامية التي تفرعت في بلاد الشام كلها. وهذا بالرغم من أن الاستعمار قد بسط نفوذه في البلاد إلا إن العرب قد استطاع أن يحافظ على خطه وحضارته التي لن تموت إلى قيام الساعة.