أشكال القيود المفروضة على سلوك الموظفين في منظمات الأعمال:
1. حدود مسؤوليات الوظيفة:
لكل عمل أو وظيفة مسؤولية معينة على الموظف تحملها، ويمكن التعرف على مسؤولية الوظيفة من خلال تحليل العمل أو الوظيفة، والتنظيم الخاص بالمنظمة هو المسؤول عن تحديد الاختصاصات لكل عمل أو وظيفة، فالتنظيم كما ينظر البعض له هو التحديد والتوزيع للواجبات على الموظفين ليتم تحقيق الهدف.
ومشكلة القيود والحدود التي تفرضها اختصاصات الوظيفة على الموظف ترتفع حدتها في حال تم تقسيم العمل بشكل مبالغ فيه، فتنكمش بسبب الاختصاصات الوظيفية، حيث يجد الموظف نفسه يقوم بتكرار عملية صغيرة طول وقت العمل دون أن يكون هناك تغيير أو تطوير؛ الأمر الذي يسبب الملل والضيق وعدم الاهتمام بعمله.
2. القيود التي تفرضها المركزية على تصرفات الموظفين:
يمكن أن يتم وصف منظمة الأعمال بأنها تدار بأسلوب مركزي إذا كان عدد القرارات التي تتخذ في المستويات الإدارية قليل، وإذا انخفض عدد الوظائف والأعمال والموظفين الذين يتأثرون بهذه القرارات.
وفي ظل المركزية في العادة ما يكون اتخاذ القرارات المهمة في يد عدد قليل من المدراء وتعاني العديد من المنظمات من مشكلة المركزية، حتى أن بعض المدراء من مستوى الإدارة الوسطى يشتكون من أنهم محرومين من اتخاذ القرارات التي تتصل بأعمالهم وبأنشطة الإدارة المسؤولون عنها، وأن أغلب القرارات المهمة يكون اتخاذها على مستوى الإدارة العليا.
3. حدود السلطة:
بما أن الموظف مسؤول عن القيام باختصاصات وظيفية يجب أن يتم منحه السلطة التي تمكّنه من ذلك، وهذا يجعل من الضروري أن تكون المسؤولية والسلطة دائمًا متلازمين ومتلائمين.
ويمكن تعريف السلطة بأنها القوة في اتخاذ القرارات التي تحكم أعمال الآخرين، أو أنها الحق الذي بواسطته يتمكّن المشرفون من الحصول على امتثال الموظفين وغيرهم للقرارات التي يصدرها هؤلاء المسؤولين.
وللسلطة أنواع فهناك السلطة التنفيذية والسلطة الاستشارية، والسلطة الممنوحة للموظفين قد تحدد من قدراتهم على التصرف في مواجهة مواقف العمل، وخاصة إذا كانت هذه السلطة ليست ملائمة مع مسؤوليات هذا العمل؛ الأمر الذي يجعل هؤلاء القادة يتجهون إلى السلبية في مواجهة المشاكل، وعدم اتجاههم إلى الإيجابية في مواجهة المشاكل وتطوير طرق العمل.
4. إجراءات العمل كمحدد لتصرفات وسلوك الموظفين:
لكل عمل إجراءات محددة تتمثل في مراحل محددة يمر بها العمل منذ البداية وحتی النهاية، وعلى الموظفين أن يلتزموا بهذا الإجراء عند تنفيذه مختلف الأعمال. وتعرّف الإجراءات على أنها تشمل مجموعات يتم اختيارها من مراحل العمل التي تُطبّق على الأعمال في المستقبل؛ أي أنها تقوم بتحديدها بشكل واضح والكيفية التي يتم بها أي نشاط في المنظمة.
والإجراءات لها فوائد عديدة فهي تقوم بتيسير العمل وتقوم بتقليل الجهد وتقليل الوقت الذي تم بذله في تنفيذ العمل، فالموظف عندما يقوم باتباع إجراءات نشاط محدد لا ينظر كل مرة في الأسلوب الذي يجب أن يتبعه للقيام بهذا النشاط، فإجراءات النشاط معروفة ومسجلة وفقط يجب الموظف اتباعها.
لكن هذه الإجراءات قد تكون معقدة حيث تصبح عبء على المنظمة وتحتاج جهد ووقت الموظفين، وتسبب تعطيل لمصالح أفراد الجمهور الذي يتعامل مع المنظمة، فكثير ما يقضي الموظفون وقتهم في العمل في اتباع إجراءات محددة قد لا يكونوا لديهم اقتناع بهذه الإجراءات، ولهم رأي في إمكانية تبسيطها.
ووجود هذه الإجراءات قد يسبب معاناة للموظف، وهذا الوضع قد يُفقد الموظف إمكانية التفكير الابتكاري المبدع كما يفقده المقدرة على التطوير والتعبير بالنسبة لطريقة العمل وكيفية تنفيذه، وحتى نقلّل من الأثر السلبي الذي يحصل بسبب تطبيق الموظف الإجراءات المحددة بشكل حرفي بالنسبة للأعمال التي يقوم بها، يجب أن نعرف على رأيه بشكل دوري بالنسبة لهذه الإجراءات المطبقة وكيفية أداء الأعمال .
5. القيود التي يفرضها التخطيط على سلوك وتصرفات الموظفين:
التخطيط يتمثل في تحديد الأهداف التي تسعى المنظمة لتحقيقها، ثم تقوم برسم السياسات التي تحكم تصرفات الموظفين وتحديد العناصر من مواد وعدد الآلات وأموال وموارد بشرية، لتحقيق الأهداف وتقرير الإجراءات والخطوات الدقيقة التي تُطبّق في تنفيذ الأعمال المتنوعة مع وضع البرامج الزمنية لها؛ أي القيام بترتيب الأعمال التي يجب القيام بها ترتيبًا زمنيًا مع ربطها مع بعضها البعض.
والتخطيط بالرغم من ميزاته العديدة في تحديد الأهداف ورسم سياسات وتحقيق هذه الأهداف والعناصر المتنوعة التي تشترك في تحقيق الغايات، إلا أن التخطيط وخصوصًا إذا كانت الخطة الموضوعية غير مرنة يضع العديد من القيود الكبيرة على تصرفات وسلوك الموظفين، فكل واحد من العاملين يلتزم بحدود الخطة الموضوعة ولا يمكنه أن يبتعد عنها، فالتخطيط يقوم بتحديد مقدمًا للطريق الذي يسلكه كل الموظفين في تنفيذهم للمهام المتنوعة، بقصد أن يتم تحقيق الأهداف التي تم الاتفاق عليها ولا يمكن أن يتم إنكار أهمية التخطيط في تحقيق الأهداف.
6. القيادة والقيود والحدود التي تضعها على تصرفات الموظفين:
القائد له أثر عظيم على سلوك الموظفين، فالموظفون يتأثرون بالقرارات التي تصدر عن القيادة مهما كانت القيادة، سواء مباشرة أو قيادة في مستوى الإدارة الوسطى أو في مستوى الإدارة العليا، فكل قرار صادر عن هذه القيادة لا بُدّ للموظفين أن يلتزموا به، ويؤثر على سلوكهم ويحد من التصرفات والأفعال التي يقومون به، فالموظف عليه أن ينفذ العمل بالأسلوب الذي يرغب به القائد والتي لا يكون الموظف أحيانًا مقتنع بها، وإذا لم تُخضع الموظف نفسه لأوامر المدير يتعرض لمختلف طرق الضغط والعقاب.
ولكي نقلّل من أثر هذا الوضع السلبي على الموظفين، يجب أن نُحسن اختيار القائد وأن ندعمه لاستخدام الطرق الديمقراطية في القيادة التي تجبره وتمكّنه من معرفة رد فعل القرارات على المرؤوسين ورأيهم، ففي ظل القيادة الديمقراطية تقل القيود والحدود التي تفرض على تصرفات الموظفين؛ لأن كل قرار مهم يصدر عن القائد يتم بناءً على مشاركة الموظفين ومشورتهم، كما أن الموظفين يمكنهم في ظل القيادة الديمقراطية أن يقوموا بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم ووجهات نظرهم بالنسبة للعمل وبالنسبة للقرارات التي تتخذ.
أما في ظل القيادة المستبدة فعادة ما ترتفع قيود وحدود مفروضة على سلوك الموظفين وأفكارهم ووجهات نظرهم، فالقائد المستبد يعتقد في إمكاناته الشخصية ويتكبر في تقديرها، ويعتقد أنه أدرى بمصلحة الموظفين نتيجة الخبرات الطويلة، ولذلك فإننا نرى القائد المستبد يصدر العديد من الأوامر للمرؤوسين ولا يهتم بأن يعرف وجهة نظرهم بالنسبة لهذه الأوامر، والموظفون ليس أمامهم في ظل القيادة الاستبدادية إلا طاعة القائد؛ وذلك طمعًا في بعض ثوابه وخوفًا من عقابه.