يجب أن تراعي إدارة الموارد البشرية عند قيامها بدراسة سوق العمل المتغيرات البيئية التي تؤثر فيه، ومن هذه المتغيرات المتغيرات الاقتصادية والمتغيرات التقنية، والمتغير السكاني، ومتغير القوانين والأنظمة ومتغير أفضلية العمل.
المتغيرات البيئية المؤثرة في سوق عمل الموارد البشرية
أولا المتغير الاقتصادي
إن الرواج والكساد والتضخم الاقتصادي، له أثر كبير في سوق العمل وأنشطة الاستقطاب، ففي فترة الرواج الاقتصادي يكون الطلب على السلع والخدمات كبير جدًا، ويكون هدف المنظمات هو الزيادة في كميات الإنتاج حتى تحقق رغبات السوق في الزيادة المتوقعة، هذه الحالة تتطلب من المنظمة أن تتوسع في استعمال الموارد البشرية.
المنظمة التي تتوقع أن نشاطها الاقتصادي في حالة نمو عليها أن تتوسع في عملية التوظيف وأن يكون لديها توقع في وجود طلب أكبر على الموارد البشرية في سوق العمل، ويحصل العكس في حالة التوقع بفترة الكساد الاقتصادي، إن الطلب على منتجاتها سوف يقل، بالتالي سوف تقوم على تقليل الإنتاج لديها، وهذا يسبب في وجود فائض في العمالة لديها إلى جانب وجود عرض كبير للعناصر البشرية في سوق العمل في حين الطلب عليها يكون ضئيل.
أما التضخم الاقتصادي فيلعب دور كبير في سوق العمل فزيادة نسبة التضخم الاقتصادي سوف يجبر المنظمات على رفع الراتب والأجر التي تدفعها للموظفين لديها حتى تتلاءم مع تواجد نسب التضخم، هذا يجعل أسعار المنتجات في السوق عالية، وحتى تعالج المنظمة ذلك تعتمد على زيادة الإنتاجية باستخدام المدخلات ذاتها أو أقل، وتستخدم أساليب عمل جديدة قائمة على التكنولوجيا لا تتطلب أيدي عاملة، حتى تقلل من تكلفة العمل بالتالي عرض إنتاجها بسعر منافس.
ثانيا التطور التقني
التقدم التكنولوجي في المجالات المتنوعة له أثر كبير في عدد الموارد البشرية ونوعها التي يتم استخدامها في منظمات الأعمال مهما كانت طبيعة عملها، بشكل خاص الاختراعات في مجال الإنسان الآلي الذي بات يحل بشكل تدريجي مكان العنصر البشري في العمل، ولتوضيح أثر التطور التقني في الموارد البشرية يمكن ذكره كما يأتي:
- تقليل حجم العناصر البشرية التي يتم استخدامها في المنظمات بشكل عام، باعتبار أن إنجاز العمل يحصل بطريقة آلية دون أن يكون أي ضرورة لتوفر العنصر البشري.
- التوجه نحو التوظيف للموارد البشرية التي تمون ماهرة تندمج مع طبيعة العمل الآلي، إذا لم تعد أي ضرورة للقوة الجسمانية لتشغيل الآلات، فالفرص المتوفرة اليوم تحتاج خبرة ومهارة أو عدة مهارات التي تتلاءم مع طبيعة العمل الآلي.
- التغير في حجم وأنواع الطلب والعرض في سوق العمل، والطلب يكون اتجاهه في الوقت الحالي لجذب العناصر البشرية الماهرة وتوظيفها، وأن يكون بعيد عن العناصر البشرية اليدوية، أما حركة العرض قد كان اتجاهها نحو المنظمات التعليمية والتدريبة؛ لأنها هي الممول الأول لسوق العمل بالموارد البشرية حتى تغيير برامجها بما يتلاءم مع رغبات المنظمات.
ثالثا المتغير السكاني
المتغير السكاني له دور كبير في التغيير في سوق العمل من حيث العرض والطلب على العناصر البشرية فيه، وهذا يتمثل بمجموعة من العوامل منها:
- معدل النمو السكاني: معدل النمو السكاني يتأثر بعدد الوفيات وعدد المواليد، إذا كان معدل المواليد أكثر من الوفيات سوف يكون زيادة سكانية في الفترة الزمنية القادمة، وهذه الزيادة سوف تؤثر على حجم الموارد البشرية في المستقبل التي سوف تتوفر في سوق العمل، أي سوف يرتفع العرض ويكون هناك وفرة في الأيدي العاملة.
- التركيبة السكانية: ويقصد بها الفئات العمرية التي يتكون منها المجتمع السكاني في دولة ما، بناءً على هذا المتغير نشاط الاستقطاب سوف يتعرض في دراسته لسوق العمل لتوقعين وهما:
1. أن يكون المجتمع مجتمع فتيّ، وهذا الاحتمال يحصل عندما تكون الفئة العمرية صغيرة السن النسبة الأكثر من المجتمع السكاني؛ ويكون هذا بسبب ارتفاع درجة الخصوبة، هذا سوف يعكس أثر في سوق العمل بوجود وفرة في الموارد البشرية الفتية التي لديها إمكانية العمل، وهنا يكون زيادة في عرض العناصر البشرية.
2. أن يكون المجتمع غير فتي، أي أن شريحة كبار السن هي النسبة الأكبر من المجتمع، في هذا الاحتمال ستوف تتغير الحالة في سوق العمل.
رابعا متغير القوانين والأنظمة
هذه القوانين لها دور بكل ما هو متعلق بالهجرة والتعليم، لها أثر في حركة الطلب والعرض في السوق، ويتمثل هذا التغير في ما يأتي:
- قانون الهجرة والجنسية: الهجرة من الخارج إلى الداخل في سوق العمل كبير، بعض البلدان فتحت باب الهجرة ومنحت الجنسية للمهاجرين لها، ولكن ضمن شروط يجب أن تتوافر فيهم، وهذه الهجرة سوف توفر موارد بشرية من أعمار فتية وتخصصت متنوعة وخبرة نادرة وبأجر مالي أقل من الأيدي العاملة في البلد ذاته.
- سياسة الدولة التعليمية: إن المموّل الأول لسوق العمل بالعناصر البشرية مهما كان تخصصها هي الجامعات والمدارس المهنية التي دائمًا يكون للدولة مهمة الإشراف على تحديد السياسات التعليمية فيها، والتي لها دور مباشر في عدد ونوع ما هو متواجد من عناصر بشرية في سوق العمل، الذي تعتمد عليه المنظمات في تلبية رغباتها.
نجد من الأهمية بمكان أن يتابع المسؤولون عن أعمال الاستقطاب سياسة الدولة في التعليم ومراعاتها عند التخطيط لعمليات الاستقطاب في المستقبل، فمثلاً عندما تقوم الجامعات بفتح كليات تكنولوجيا المعلومات يجب أن تقوم بوضع خطط تدريسية حديثة وتقوم بتوفير المختبرات الضرورية وأعضاء الهيئة التدريسية الملائمة، فيكون هنا احتمال أن يزيد العرض في سوق العمل من هذا التخصص وهو تكنولوجيا المعلومات، ولا يكون نشاط الاستقطاب بحاجة لاستقطاب هذا التخصص من سوق خارجي بسبب ندرته في السوق المحلي.
خامسا متغير أفضلية العمل
ينتشر في الكثير من المجتمعات التقليد، بمعني أنه يوجد أعمال تلائم النساء وأعمال تلائم الرجال، بات معرف في بعض المجتمعات أن الأعمال الكتابية وأعمال السكرتاريا، والآلات الكاتبة، والتمريض مثلاً تلائم النساء أكثر من الرجال، في حين أنه من المعروف بأن أعمال المناجم والإطفاء والبناء تلائم الذكور أكثر من النساء، وعندما يقوم أحد الجنسين في مجال عمل الآخر هذا يعتبر غير مقبول لدى بعض الفئات من أفراد المجتمع، التي تحتفظ بأفكار تقليدية.
لذلك يجب على المنفذين لعملية الاستقطاب في هذه المجتمعات أن يقوموا بدارسة اتجاهات أفضلية الاستخدام المنتشر في المجتمع، ففي حالة أن المجتمع مُتمسّك بمثل هذه الأفكار سوف يؤدي لوجود طلب زائد في سوق العمل على أحد الجنسين للأعمال الملائمة له، هذا يتطلب منها الاستعداد والتجهيز المسبق لذلك.