اقرأ في هذا المقال
ما هي عيوب الناتج المحلي الإجمالي من الناحية التدبيرية؟
هناك بالطبع بعض عيوب في استخدام الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر. وبالإضافة إلى عيوب الافتقار إلى التوقيت، فإن بعض الانتقادات والعيوب للناتج المحلي الإجمالي “كتدبير” هي:
1- لا يمثل العديد من مصادر الدخل غير الرسمية:
يعتمد الناتج المحلي الإجمالي على البيانات الرسمية فقط، لذلك لا يأخذ في الاعتبار مدى النشاط الاقتصادي غير الرسمي. ويفشل الناتج المحلي الإجمالي في تحديد قيمة العمالة المتدنية، نشاط السوق السوداء، العمل التطوعي والإنتاج المنزلي، التي يمكن أن تكون مهمة في بعض الدول وتؤثر في زيادة معدل الناتج المحلي الإجمالي.
2- إنه محدود جغرافياً في اقتصاد مفتوح عالمياً:
عادةً لا يأخذ الناتج المحلي الإجمالي في الاعتبار الأرباح المكتسبة في بلد ما، بواسطة شركات أجنبية يتم تحويلها إلى مستثمرين أجانب. وهذا يمكن أن يبالغ في الناتج الاقتصادي الفعلي للبلد. على سبيل المثال، بلغ إجمالي الناتج المحلي لإيرلندا 210.3 مليار دولار وإجمالي الناتج القومي 164.6 مليار دولار في عام 2012. ويُعزى الفرق البالغ 45.7 مليار دولار (أو 21.7٪ من إجمالي الناتج المحلي)، إلى حد كبير إلى عودة الأرباح من قبل الشركات الأجنبية الموجودة في إيرلندا.
3- يرتكزعلى الناتج المادي دون مراعاة الرفاه العام:
لا يمكن لنمو الناتج المحلي الإجمالي وحده أن يقيس تنمية الدولة أو رفاهية مواطنيها، كما ذكر أعلاه. على سبيل المثال، فقد تواجه دولة ما نمواً سريعاً في إجمالي الناتج المحلي، لكن هذا قد يفرض تكلفة كبيرة على المجتمع من حيث التأثير البيئي وزيادة في تفاوت الدخل بين الإفراد والشركات.
4- يتجاهل النشاط من شركة إلى أخرى:
عادة لا يأخذ الناتج المحلي الإجمالي في الاعتبار سوى إنتاج السلع النهائية واستثمار رأس المال الجديد. ويعمد إلى التخلص من الإنفاق الوسيط والمعاملات بين الشركات. ومن خلال القيام بذلك، يبالغ الناتج المحلي الإجمالي في أهمية الاستهلاك بالنسبة للإنتاج في الاقتصاد، حيث يُعتبر أقل حساسية كمؤشر للتقلبات الاقتصادية مقارنة بالمقاييس التي تتضمن نشاط تجاري.
مصادر بيانات الناتج المحلي الإجمالي:
يستضيف البنك الدولي واحدة من أكثر قواعد البيانات الموثوقة على شبكة الإنترنت. ولديها واحدة من أفضل وأشمل وأهم قوائم البلدان التي تتتبع بيانات الناتج المحلي الإجمالي. ويوفر صندوق النقد الدولي (IMF) أيضاً بيانات الناتج المحلي الإجمالي من خلال قواعد بياناته المتعددة، مثل التوقعات الاقتصادية العالمية والإحصاءات المالية الدولية.
وهنالك مصدر آخر موثوق للغاية لبيانات الناتج المحلي الإجمالي هو منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). ولا تقدم (OECD) البيانات التاريخية فحسب، بل توفر أيضاً توقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي. ويعتبر عيب استخدام قاعدة بيانات (OECD) هو أنه يتتبع ويراقب فقط الدول الأعضاء في (OECD) وعدد قليل من البلدان غير الأعضاء.
وفي الولايات المتحدة، يقوم البنك المركزي بجمع البيانات من مصادر متعددة، بما في ذلك الوكالات الإحصائية للبلد والبنك الدولي. ويعتبر العيب الوحيد في استخدام قاعدة بيانات البنك المركزي هو عدم تحديث وتطوير بيانات الناتج المحلي الإجمالي، كذلك عدم وجود بيانات لبعض البلدان. حيث يصدر مكتب التحليل الاقتصادي (BEA)، وهو أحد أقسام وزارة التجارة الأمريكي، وثيقة التحليل الخاصة به مع كل إصدار من إجمالي الناتج المحلي، الذي يُعدّ أداة مستثمر كبيرة لتحليل الأرقام والاتجاهات وقراءة أبرز الإصدارات الكاملة المطولة.
الخلاصة:
يلخص العالمان “بول سامويلسون وويليام نوردهاوس” في كتابهما المدرسي الاقتصاد، بدقة أهمية الحسابات القومية والناتج المحلي الإجمالي وتأثيرها على الاقتصاد. ويُشبّهون قدرة “الناتج المحلي الإجمالي” على إعطاء صورة شاملة لحالة الاقتصاد عن صورة قمر صناعي في الفضاء، يمكنه مسح الطقس عبر قارة بأكملها.
ويُمكّن إجمالي الناتج المحلي صناع السياسة والبنوك المركزية من الحكم على ما إذا كان الاقتصاد يتقلص أو يتوسع. وما إذا كان يحتاج إلى دفعة (أي زيادة نموّه) أو ضبطه (التحكم في حجم الناتج المحلي والنفقات). وإذا كان هناك تهديد مثل الركود أو التضخم يلوح في الأفق.
وبشكل عام مثل أي مقياس، فإن الناتج المحلي الإجمالي له عيوبه. وفي العقود الأخيرة، خلقت الحكومات تعديلات مختلفة في محاولات لزيادة دقة وشمولية وخصوصية الناتج المحلي الإجمالي. وكذلك تطورت أيضاً وسائل حساب الناتج المحلي الإجمالي بشكل مستمر منذ بدايتها؛ وذلك لمواكبة القياسات المتطورة لنشاط الصناعة وتوليد واستهلاك أشكال جديدة متطورة وغير ناشئة من الأصول غير الملموسة.