مصالح شركات الأعمال الدولية ومصالح الدولة المضيفة يوجد بينها تعارض؛ بسبب أن كل منهما يبحث عن المصلحة الخاصة به، ويكون هذا الاختلاف بسبب السياسات والأنظمة التي تتبع في البلد المضيف والأهداف التي تسعى شركات الأعمال الدولية لتحقيقها.
أشكال لتعارض المصالح بين شركات الأعمال الدولية والدولة المضيفة:
- نظرة الشك والخوف في سلوك شركات الأعمال الدولية: حيث من الملاحظ أن الكثير من شركات الاعمال الدولية تقوم بتنفيذ سياسات بلدها مثل: تطبيق قانون داماتو الأمريكي المعروف أنه يتوجب على الشركات التي تقوم بتوظيف استثمارات مالية في العراق، أو بعض الدول المارقة، كما سمّتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تطلب من أي أمريكي بعدم التعامل معها.
وقد ترتبط بعض الدول بين التاريخ الاستعماري القديم بهيئة عسكرية وهيئة اقتصادية والاستعمار الجديد، الذي تمارسه الاحتكارات الدولية وشركات الأعمال متعددة الجنسيات على مستوى اقتصاديات الدول المضيفة. وكذلك عدم الإحساس العام بأن شركات الأعمال الدولية غير مرتبطة بالأرض والجغرافيا، وما يتحكم بهذا سلوك وتصرف إدارتها هو المصلحة المادية قبل أي مصلحة أخرى، وبالتالي فهي مهيئة وجاهزة للرحيل في أي وقت مهما كانت حجم الخسارة التي تولدها ورائها كارثيًا.
والوضع في قارة آسيا غني عن التعريف في دول النمور في النصف الثاني من التسعينات القرن الماضي، التي كانت تعتمد إلى حد كبير على رؤوس الأموال الأمريكية ورؤوس الأموال الأوروبية، فخلال أيام قام المضاربون الماليون بتوجيه ضربات قوية وصاعقة لهذه الدول، من خلال قيامها بسحب الاستثمار وعرض الأوراق المالية في البورصات العالمية، وهذا أدى إلى توليد أزمة لا يزال إلى هذا الوقت هذه الدول تتخذ لها التدابير والحلول لكي تتجاوز الآثار التدميرية التي تركتها. - استخدام تقنيات مضرة بالبيئة في الدول النامية: تكون بسبب ارتفاع الصيحات والمناشدات في المجتمعات المتقدمة اقتصاديًا وجمعيات حماية البيئة، حيث يلجأ الكثير من البلدان لنقل بعض الصناعات الكميائية الضارة إلى البلدان النامية، وتحقق بذلك تقليل التكاليف المعالجة لمكونات البيئة المرتفعة في بلدانها والمحافظة على بيئتها النقية.
- السيادة الوطنية والاستقلال السياسي والأمن القومي: هي عناوين فاصلة ليس من الممكن تجاوزها بالنسبة لأي بلد لديها الحد الأدنى من الكرامة الوطنية، بالرغم من التكلفة المرتفعة جدًا في الوقت الحالي؛ بسبب محاولة الولايات المتحدة الأمريكية القطب الأوحد في العالم لفرض سلطتها على الجميع لتنفيذ مصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية.
والحكومات الوطنية معنية باستقطاب وجذب شركات الأعمال الدولية واستثمارها، والاستفادة من تقنياتها ومهاراتها الإدارية والفنية، بشرط أن لا يكون ذلك عبء على السيادة الوطنية والأمن القومي، وأن تمارس السياسات الإنتاجية والمالية للشركات بما لا يخالف مع السياسة العامة للدولة المضيفة، حيث أن الحكومة الأمريكية منعت حكومة كندا من أن تقوم بتوقيع العقود لتوريد الآليات والسيارات من الصين، خلافًا للقوانين السائدة والمطبقة في كندا.
بالإضافة إلى أن شركات الأعمال الدولية تستخدم التقنيات ذات الكثافة الرأسمالية العالية في بلدانها؛ بسبب ارتفاع التكاليف لتشغيل العمالة، وتستخدم التقنيات ذات كثافة مالية عالية في الدول المضيفة؛ بسبب قلة التكاليف لأجور الأيدي العاملة، وتقوم بالتهرب من الضرائب التي يجب أن يتم دفعها للدول المضيفة، من خلال استخدام طرق وأساليب غير قانونية وغير شرعية في المحاسبة والمالية. وقد تفرض أسعار مرتفعة جدًا على التقنيات المباعة للغير تجعل تكاليف الإنتاج بموجبها عالية جدًا.
وكل ما سبق ذكره يؤدي إلى حدوث منازعات في المصالح لا بد من العمل على تجاوزها وحل مشكلاتها؛ لكي تسير المراكب وعلى اعتبار أن النظرة الواقعية للأمور تقتضي الإقرار بالنسبة للكثير من الدول النامية، بأنه لا بد أن يكون التعامل مع شركات الأعمال الدولية من الناحية التقنية والناحية الإنتاجية والناحية التمويلية والناحية التسويقية، وبالتالي يجب على الدول المضيفة أن تتخذ كل الاحتياطات، التي تُمكّنها من رسم السياسات والخطط وإعداد البرامج المناسبة وصياغة القوانين، التي تضمن تقليل الأخطار إلى أدنى حد ممكن وتعظيم المنافع لأقصى درجة ممكنة.
والاتجاه المنتشر عالميًا بشكل عام وفي الدول النامية بشكل خاص هو الترحيب بشركات الأعمال الدولية، وتقدم كافة التسهيلات والمساعدة وأشكال الدعم والمساندة؛ لكي تستطيع جذب الاستثمارات الخارجية وتقوم بإدخال التقنيات والتكنولوجيا المتطورة والاستفادة من المهارات الفنية والمهارات الإدارية، لكن هذا لا يستثني قيام بعض الدول المضيفة من اعتماد عدد مجموعة متسلسة من الإجراءات، والتدابير التي قد تتعارض مع مصالح شركات الأعمال الدولية.