الاتجاه التقليدي في الإدارة:
يقوم هذا الاتجاه على الافتراض بأن المهارات الإدارية تكون معينة في المستويات الإدارية العليا من التنظيم الإداري؛ أي أنه يمكن أن يقوم بها بعض الأفراد وليس جميعهم، وهذا الاتجاه مبني على مفهوم الرجل الاقتصادي، وهو الرجل الذي يتم وصفه بالرجل الراشد والعقلاني ويقوم بدافع المصلحة الذاتية، ليقوم بالوصول إلى المنفعة في إطار من التسليم بشرعية السلطة الإدارية، التي تتمثل في الأوامر والقرارات التي تصدر من المستوى الأعلى، والإدارة التي تتبع هذا الاتجاه تتسم بمركزية السلطة واتخاذ القرارات وتحديد السياسات في أعلى مستويات التنظيم الإداري، بينما يتم تركها للفروع والوحدات التابعة لها وعملية تنفيذ الأوامر والتوجيهات.
نظريات الاتجاه التقليدي في الإدارة:
أولاً: نظرية الإدارة العلمية:
وهي تعتبر من أقدم النظريات في مجال الإدارة وقد ارتبطت باسم العالم الأمريكي فردريك تايلور، وقد كانت معتمدة على القيام برصد الظواهر الإدارية والقيام بتحليلها بأسلوب علمي؛ ليتم معرفة القوانين والعوامل التي تتقوم بالتحكم في الأداء الإنتاجي للموظفين، وكان تايلور قد قام بعدد كبير من الأعمال وانتهى إلى مهندس صناعي تولد لديه إيمان بأن الموظفين يمكن أن تتم إعدادهم لأداء فعّال في المنظمات الصناعية.
حيث كان تايلور يعتقد بأن الأفراد يمكن تحفيزهم إلى العمل والإنتاج من خلال الحوافز المادية، وتحقيق بعض الحاجات العضوية لهم؛ لأنهم يحتاجون بشكل دائم إلى التوجيه، وقد تكوّن فيما بعد مجموعة من المبادئ التي تحكم العمل الإداري، من أهمها:
- القيام بتحديد العمل اللازم إنجازه بأسلوب واضح وتام.
- العمل على تحديد شروط العمل واحتياجاته ومستوياته والمدة الزمنية التي تكون لازمة لتحقيقه.
- ربط الأجر أو المكافأة في مدى نجاح العنصر البشري في تنفيذ عمله.
كما أنه قام بالتركيز على أهمية تدريب العنصر البشري وتطوير كفاءته الإدارية والإشرافية والإنتاجية، وتفترض هذه النظرية أن الموظفين في المستويات الإدارية الدنيا من التنظيم الإداري لا يكون لديهم شعور بالمسؤولية، وليس لديهم القدرة على التوجيه الذاتي في عملهم، وأنهم بحاجة دائمة إلى الرقابة، ويكون دورهم فقط في تطبيق الأوامر والتعليمات التي تصدر إليهم من مستويات الإدارة العليا.
واستندت هذه النظرية إلى ضرورة الحافز المادي الذي يكون وراء تحقيق الإنتاجية للموظفين، وقامت بتجاهل دور العامل النفسي والحاجات الاجتماعية التي تقوم بدفع الموظفين إلى عمل ما أو أداء محدد، ولقد كان تایلور يعتقد بأن الوظيفة الرئيسية للإدارة في الحصول على أكبر كمية إنتاج ممكنة بأقل كلفة ممكنة.
ولذلك فإن ظاهرة النوعية الجيدة وظاهرة الاقتصاد كانت وراء آرائه حول الفاعلية الإدارية التي يمكن أن تحقق بفضل الإشراف الدقيق، والرقابة الدائمة لتحقيق مستويات أداء محددة وواضحة.
وهكذا نجد أن المكونات الرئيسية لنظرية الإدارة العلمية تتلخص فيما يلي:
- التنظيم الإداري الهرمي.
- الضبط المركزي الصارم.
- الإشراف الدقيق.
- تحديد المهام بشكل دقيق وواضح.
كما ومن الممكن أن نميز بين الخصائص التالية لهذا لاتجاه الإدارة العلمية مثل: العقلانية والمنطقية، الموضوعية والحياد (أي لا نسمح للعاطفة بأن تتدخل في العمل)، النظام والصرامة، الشكلية والآلية.
ثانيًا: نظرية التقسيمات الإدارية:
- التنظيم: وهي الدراسة والترتيب لخطة الإجراءات الإدارية.
- التخطيط: وهي تجهيز العناصر الضرورية في العمل الإداري سواء العناصر البشرية والعناصر المادية بطريقة منظمة.
- إصدار الأوامر: وهي القيام بإطلاق إشارة البدء والتنفيذ.
- التنسيق: وهي توحید وربط جميع أوجه العمل الإداري.
- الضبط والسيطرة: وهي مراقبة تنفيذ الأعمال بناءً على التعليمات.
وركّز فايول في نظريته الإدارية على ضرورة تقسيم العمل ووحدة السلطة، والانضباط لتحقيق المصلحة العامة للمنظمة قبل المصلحة الخاصة لموظف، وتعتبر هذه النظرية مكملة لاتجاه نظرية الإدارة العلمية لتایلور، لكن هناك اختلاف عنها في بعض الأمور، فهي لا تؤمن بأن الضعف في المستويات تحمل المسؤولية، وتفتقد القدرة على التوجيه أو الإدارة الذاتية لدى الموظفين وراء وظائف الرقابة الشديدة والإشراف، بل ترى أن هذه الوظائف الإدارية التي تم ذكرها هي التي تفتضيها مصلحة العمل الإداري.
ویری فایول بأن تقسيم العملية إلى وظائف يبسّط عملية الإنتاج على مبدأ واضح من وحدة السلطة وتنسيق خطوات ومراحل التنفيذ.
ثالثًا: نظرية البيروقراطية:
لقد عُرف هذا الاتجاه في الإدارة على يد عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر في بداية القرن العشرين، الذي اعتبر أحد الرواد الأوائل الذين قاموا بعلاج موضوع التفكير الإداري، حيث درس فيبر التنظيمات الإدارية عن طريق الأشكال المختلفة للسلطة الإدارية، وقد قام فيبر بالتمييز بين ثلاثة أنواع من السلطة وهي:
- السلطة التقليدية التي تكون مبنية على الوضع الاجتماعي الحالي.
- السلطة التي تكون مستمدة من عدم وضوح شخصية القائد وقوة تأثيرها في الموظفين.
- أخيرًا السلطة العقلانية القانونية وهي السلطة الشرعية التي تكون مبنية على قوة الدستور والقانون.
ويرى فيبر أن مركز السلطة صنع القرارات وإصدار الأوامر التي تسلك طريقها باتجاه واحد من أعلى الهرم التنظيمي الإداري إلى المستويات الدنيا التي لا ليس لديها سلطة اتخاذ القرار بل قدرة التنفيذ فقط. ويرى فيبر أيضًا أن هذا النوع من التنظيم الإداري هو الأكثر فاعلية وتحكمها في نتائج العمل الإنتاجي؛ لأنه واضح ومحدد بشكل مسبق وتحكمه العديد من اللوائح والتعليمات المكتوبة كما أنه غير خاضع لمزاج المدير أو المسؤول.
غير أن هذا الاتجاه توجه له بعض الانتقادات بأنه بطيء الإيقاع وبطيء التنفيذ؛ بسبب اللوائح والأنظمة المتعددة التي يجب العودة إليها، كما أنه لا يسمح لها بالتجديد أو الابتكار وبأنه يهتم فقط بالإنتاج أكثر من الاهتمام بالموظفين وحاجاتهم الإنسانية.
مبادئ فيبر البيروقراطية:
اكتسبت مبادئ فيبر البيروقراطية شهرة كبيرة في أنحاء العالم بعد ترجمة الكتب في الأربعينات إلى اللغة الإنجليزية ولفات أخرى، وقد تضمنت البيروقراطية المبادئ الرئيسية التالية:
- تقسيم العمل ويعتمد على التحديد الوظيفي لكل عامل.
- وضع نظام للعمل وسير الإجراءات الإدارية الواضحة ليتم تنظيم سير الأعمال في المنظمة وحتى يلتزم بها كل الموظفين فيها والتفسير.
- تنظيم السلطة تنظيم هرمي محدد.
- يجب أن تقوم العلاقات بين الموظفين في المنظمة وبين بعضهم البعض وبينهم وبين غيرهم على مبدأ الموضوعية العقلية، لا تتأثر بالأمور الشخصية أو الأمور العاطفية.
- وضع عدد من القوانين والأنظمة التي يخضع لها الكل في المنظمة وتحدّد حقوق كل الموظفين فيها وواجباتهم.
- التعيين واختيار العناصر البشرية اللازمة وغيرها للمنظمة ويجب أن تعتمد الترفيه على الكفاية والقدرة الفنية التخصصية للعامل أو الموظف.