اقرأ في هذا المقال
مفهوم إدارة التغيير:
إدارة التغيير هي النشاط الذي يهتم بشكل مباشر على إنشاء منظمات أعمال متميزة وعالية، من حيث الأداء وليس من حيث العدد أوالحجم لوحدهما، ويكون من خلال وضع هيكل تنظيمي ملائم للعمل داخل المنظمة، بشكل يحقق الفاعلية الوظيفية لدى الموظفين، وتحسين مستوى الأداء العام، ولا تؤثر في الوقت نفسه على الغايات الاستراتيجية التي يهتم القائمين على العمل في المنظمة على تحقيقها، بل تنسجم معها وتدعمها.
مقاومة التغيير:
إن إدارة التغيير تعتبر من أصعب المهام الإدارية التي يجب أن يتوفر فيها الإبداع؛ لأنها لا تقف على التطبيق الصحيح فقط، بل على التخطيط الناجح أيضًا والقيام بوضع النقاط في مكانها الملائم، والفكرة الملائمة في الظرف الملائم، حيث أنّ الرجل المناسب في المكان المناسب، وتنشأ الصعوبة إذا تعرَّض المدراء لعمّال يرغبون ما اعتادوا عليه، أو يتخوَّفون بمستوى كبير من الحساسية من التغيير؛ لأن بعض العمّال يرون في التغيير تهديد لجهودهم التي بذلوها لأجل إقامة العمل وتكوين علاقات وروابط محددة أو هدر لطاقاتهم، والقسم الآخر يرى فيها تهديد لمصلحة الخاصة، ولهذا فإن رد الفعل الطبيعي على التغير في مغظم الأحيان هو المقاومة في البداية بشكل قوي، وتوقف مسيرته لإضعافه وإفشاله.
ولذلك تكون مهمة المدراء صعبة لأنها تحتاج منهم تنفيذ عمليات التوجيه والتوعية وتطمين كافية لرفع الثقة والاستقرار واستبدال الخوف إلى قناعة والعرقلة إلى دفع، وهذا لا يتم إلا إذا تمكّنا من إقناع كل الأطراف بأن التغيير هو تقدم نحو الأحسن، وأن التغيير من هذا المنطلق سيكون في النهاية في نفع الجميع ويقدم الخدمة للعمل والمنظمة؛ ولذلك يتوجب على المسؤولين عن إدارة التغيير توضیح الأسباب التي أدت للتغير والأهداف التي يراد تحقيقها للعاملين، ليتم إنشاء رأي عام جيد، وكتلة من العاملين تشجع مشروع التغيير وتتبنى متطلباته.
فإن عدم معرفة الدوافع والغايات التي سببت التغيير، وعدم إيجاد من يحمي فكرة التغيير ويتبناها، يجد روح المقاومة لها، وصياغة الجو المضاد. ومن هنا لعلّ من الأنسب أن يعرف مدير التغيير الأسباب التي تجبر العديد لمقاومة التغيير.
أسباب مقاومة التغيير الإداري:
- عدم توفر الاستقرار النفسي والطمانينة: لأن التغيير يحتاج تبديلات و تغییرات في المنهج والأسلوب، وفي ذلك تهديد للأمن النفسي خاصة عند العاملين الذين لا يجدون هدف أو مصلحة في عملية التغيير.
- توقع الخسارة: في الغالب ما يتوقع المعنيين بالتغيير إن هدف الإدارة من التغيير هو التطوير، ولا يخلو من دوافع أخرى غير مصرّح بها قد تسبب لهم الضرر؛ لأن التغيير يحتاج إجراءات لبعض المحاسبات والتقيمات للعمل السابق؛ الأمر الذي قد يُعرّض الكثير من العاملين إلى ضغوط، وخاصة أولئك الذين لديهم شعور بالتقصير في تنفيذ الوظائف أو الإحباط في الإنجاز، أو قد يكون من لأجل استبدال بعض المهام والوظائف، وتغيير في جدول الأولويات أو العمل على ترقية بعض العاملين مقابل إقصاء القسم الآخر أو إنزالهم من رتبهم أو ترفيع غيرهم على حسابهم وغيرها من الدوافع والأسباب التي هي في النهائية تعود عليهم بالخسارة، خاصة أولئك الذين يعتقدون أن التغيير موجه ضد مصلحتهم.
- التخوفات الاقتصادية: فإن بعض العاملين يقولون أن التغيير يهدر الدخل؛ لأن التغييرات الجديدة تحتاج تغيير في معادلات الدخل والصرف والميزانية للأعمال؛ الشيء الذي قد لا يحقق له الرضا أو يحقق الطموحات التي يسعى لتحقيقها، خاصة وأنها ترجع لمجاراة الوضع الثابت فقد تهيأت الأسباب والدواعي والشروط.
- القلق الاجتماعي: إن التغيير بطبيعته قد يسبب تخوف من الغير معروف عند بعض العاملين؛ لأنه يسبب فك بعض الارتباطات وتأسیس ارتباطات جديدة غير معروفة من حيث العاملين والعناصر والأمزجة، وربما يتطلب في بعض الأوقات الارتباط بعناصر لا يرغبون التعامل معها، كما قد يفك ارتباطهم بعناصر يفـضلون التعامل معها.
- الخوف: من أن يقوم التغيير بحاجة تعلم مهارات جديدة والتوقف عن استخدام مهارات كانت مكتسبة ومتميزة، هذا غير عن عمّا قد يسببه التغيير من التغيير في المواقع والأدوار والأماكن والدوائر والمسؤوليات؛ قد يخاف الإعلامي الذي يحب هذا الدور وتطبّع مع مهاراته، أن يبذل التغيير دوره إلى إداري أو مدير مالي؛ الشيء الذي يجعله متعثر في مسيرته العملية ودوره، إلى غير ذلك من الأسباب والدواعي، وعلينا أن نعرف أن عمليات المقاومة للتغيير لا تتكون من العاملين فقط، بل قد تكون على شكل جماعات وحينها سوف تتشكل خطورة كبيرة؛ لأنها في هذه الصورة تكون قد تغيرت إلى رأي عام وتجمعات تحمل نفس الفكرة والانطباع.
فإنه إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الملائمة للتعامل معها بطريقة إيجابي، فإنه سوف يؤدي لإنقسام داخلي أو تحطيم المنظمة بالشكل الكامل، كما يجب أن نلفت الانتباه أيضًا إلى أن التغيير غير المدروس قد يكون سبب في تنظيم عمليّات المقاومة من قِبل الكثير من المدراء وأصحاب النفوذ ويجعل الموانع مرسومة بشكل دقيق ومحمية بالقدرة، والنفوذ التي تؤدي في المحصلة إلى الفشل في التطوير والتغيير بشكل كبير، ويظهر هذا في مظاهر متعددة في المنظمة ذاتها.
مظاهر تسبب الفشل في التطوير والتغيير:
- تقيّد جماعات العمل أو المشاريع والخطط أو القيام بالعرقلة بطرق متنوعة.
- قد تتخذ عمليات المقاومة بعض الطرق غير الظاهرة والمبطنة بدل من أن تكون ظاهرة وبشكل علني، ولعل هذا من أخطر الأشياء تهديد لمصلحة المنظمة والأنظمة لتشكل الكثير من الضغط على المسؤولين أو تصعيد مستوى الفشل.
- الجمود الهيكلي؛ أي أن يتم انتخاب العناصر التي تؤثر والتي من الممكن أن تساعد مساعدة إيجابية في التغيير لتحييدها أو جرّها إلى صفوف المقاومة، وبالتالي قد تنقسم المنظمة إلى جماعات تمثّل كل جماعة تيّار يحميها ويؤيدها ويعرقل عمل التيار الآخر، والواضح أن هذا الشكل من العمل سوف يخرج من المنافسة إلى الصراع ثم يتبدل الصراع إلى حرب داخلية مستعرة إذا لم يكم المسؤولون عن التغيير ماهرين في إدارته بالطريقة الملائمة.
- زيادة تمسّك بعض العاملين بما لديهم من مسؤوليات وإمكانات وتشديد القبضة عليها؛ حتى لا تخرج عن السيطرة، وتعطيهم المقدرة على التحكم بها متى أرادوا خوفًا من فقدان أو عناد للتغيرات الجديدة.
- اشتداد حالة التذمر وتوسيع النطاق لكي تكون حالة مستشرية، وهذا الأمر يستفيد منه في الغالب العاملين الذين لهم القدرة المرتفعة على التنظيم والإدارة لتحويل المقاومة إلى رأي عام، وبالتالي فتح جبهات عديدة على الإدارة ما يحول دون وصولها إلى أهدافها في التغيير.
ومن هنا فإن الحكمة تتطلب بشكل مستمر أن تتصف بقدر كافي من الشجاعة والصبر والإرادة والتصميم، بالإضافة إلى الاتصاف بالحكمة والحنكة والتهيئة اللازمة للتغيير من حيث الدراسة والموضوعية ورسم الخطط الصحيحة، لتتم العملية بلا أضرار أو مع أضرار قليلة مع الضمان الكبير لقبول العاملين وكسب التعاطف معهم.