نظرية بياجيه للنماء المعرفي والتفكير والذكاء

اقرأ في هذا المقال


التطور التاريخي لنظرية بياجيه للنماء المعرفي والتفكير والذكاء:

يُعتبر بياجيه من أبرز علماء النفس النمو في القرن العشرين، كان يعمل في معمل (بينيه) في مدينة باريس لأجل تجهيز اختبار ذكاء للأطفال، فركّز اهتمامه على الإجابات الخاطئة التي وردت بنتائج هذه الاختبارات، فقام بتزويدنا بمعلومات تُلخّص أن إجابات الأطفال الخاطئة لم تحدث؛ لأن قدرات الأطفال العقلية أقل من قدرة الكبار العقلية، بل حدثت لأنهم يفكّرون بأسلوب يختلف بشكل كلّي عن الأسلوب الذي يفكّر بها الكبار؛ لأن نظرتهم إلى عالمهم المحيط بهم يختلف عن نظرة الكبار إلى المحيط نفسه، فأصبحت هذه النظرة وذلك التفكير همّا المشكلة التي تشد انتباه (بياجيه) فقام بتسميتها أصل المعرفة، أي ماذا يعرف الأطفال؟، وكيف يكتسبون المعارف؟، وماذا يعرف الكبار؟، وكيف استمدوا هذه المعرفة؟.

أمّا المدخل إلى النظرية فقد اختلف بياجيه في نقاشه لموضوع الذكاء عند الأطفال عن غيره من علماء النفس، فكان تركيز بياجيه على الناحية الكيفية في الذكاء، فالذكاء ليس السمة الغامضة التي لدى جميع الأفراد بمستويات قليلة أو كثيرة، كما يبدو لدى معظم علماء النفس بل الذكاء هو أسلوب السلوك كما ينعكس في تكيف الشخص في الموقف، وقد انتهى بياجيه في هذا الجانب إلى مجموعة هامة من النتائج وهي أنّنا يجب أن لا نهتم بالكم أي بعدد ما يعرف الطفل أو کم مشكلة تمكّن من حلّها، بل يجب أن نركّز اهتمامنا بكيفية تفكير الطفل والطريقة التي يتبعها لحل المشكلات، وكذلك ما هو المنطق الذي استخدمه للمعلومات المتشابهة، وهذا الكيف للتفكير يمكن الكشف عنه بشكل أفضل من خلال استخدام أخطاء الأطفال، وليس استخدام الإجابات الصحيحة، فالأطفال في أعمارهم المتنوعة لديهم طرق متنوعة تمامًا في معالجتهم لمشكلاتهم.

ومنذ عام 1960 م أثرت أفكار بياجيه تأثير عظيم في علم النفس في الولايات المتحدة الأمريكية، كما اندمجت آراء بعض النظريات الأخرى واتسعت من خلال بعض العلماء الأمريكيين.

آراء بياجيه عن التطور المعرفي للفرد:

  • بنظر بياجيه إلى التطور المعرفي من منظورين أساسين، وهما: البنية العقلية والوظائف العقلية، وتشير البنية العقلية إلى حالة التفكير التي يمتلكها الفرد في مرحلة من مراحل عمره، أما الوظائف العقلية فيقصد بها أنها العمليات التي يتم اللجوء من قِبل الفرد عندما يتفاعل مع المثيرات في البيئة التي يتعامل معها.
  • ويرى بياجيه أن للتفكير مهمتان هما: التنظيم والتكيّف، وتتمثّل مهمة التكيّف في نزعة الفرد إلى التلاؤم مع البيئة التي يعيش فيها. ويرى (بياجيه) إلى التكيّف على أساس أنه مكوّن من عمليتين متكاملين هما: التمثّل والملاءمة، فالتمثّل يكون عبارة عن نزعة الفرد؛ لأنه يدمج أمور من البيئة المحيطة في بنيته العقلية في حين أن الملاءمة إذا نزعة الفرد؛ لأن يغير استجابته لتتناسب مع البيئة المحيطة وهذا سوف يسبب حدوث عملية التوازن، فعندما يواجه الفرد موقف تعليمي حديث يحدث لديه إعادة لبناء التوازن بين بنية العقلية وعناصر البيئة المحيطة، وهنا يجب أن يحدث عملية لتفاعل التي يتم بموجبها ما يلي:

1. يجبر الفرد إلى تغيير بنيته العقلية لكي يتكيف مع البيئة المحيطة (الملاءمة).

2. يحاول الفرد التكيف مع البيئة مستخدمة ما لديه من البني العقلية (التمثل).

ويعد التطور المعرفي من رأي  (بياجيه) مجموعة عمليات متابعة لإعادة التوازن واستعادته عن طريق التعامل مع البيئة، باستخدام  عملية التمثّل والملاءمة بشكل متكامل لذلك يحدث عدم توازن عند الفرد عندما لا تساعده البُنى العقلية على إدراك البنية بطريقة واضحة، مما يسبب عملية الملاءمة التي تحدث التغيير والتطوير في البنى العقلية المنتشرة لكي يتمكن من إدراك وفهم البيئة، ويتم هذا من خلال اكتساب وتعلم بُنی عقلية جديدة تساهم بشكل واضح على استعادة التوازن ويحتفظ الفرد بهذا التوازن حتى يواجه موقف جديد آخر، فيمثل توازنه من جديد ويقوم باستعادته أيضًا من وبذلك يتعلم ويكسب ويرقى من مرحلة إلى أخرى.

فإن عملية التطور المعرفي تقوم على الاختلاف بين الموقف والبُنى العقلية خلال التعامل مع البيئة، ثم يحدث تلازم بينهما، أي بتخفيف شدّة الاختلاف بين الموقف والبني العقلية، لذلك يجب أن يحتوي المحتوي على معلومات مألوفة تيسّر عملية الاستيعاب والتمثّل ومعلومات جديدة تيسّر عملية التلاؤم.

كما يجب أن تقدم المعلومات والمواقف المتطورة عن طريق المحتوى بشكل يتحدى تفكير الأفراد والمستوى العقلي الذين هم فيه. ولكن يكون بحد معقول لا يصل إلى لدرجة التعقيد، ويجب أيضًا أن يتم تنظيم المحتوى، حيث يسمح بتفاعل الموظفين مع البيئة تفاعل مثمر بنّاء.


شارك المقالة: