أخلاقيات علم النفس الإرشادي

اقرأ في هذا المقال


أخلاق علم النفس الإرشادي وكذلك الأخلاق العامة كمنشأة لها جذورها الفكرية في تخصص الفلسفة، مصطلح الفلسفة هو ترجمة للجمع بين الكلمتين اليونانيتين فيلوس وتعني الحب وصوفيا وتعني الحكمة، من ثم فإن أساس دراسة الأخلاق هو حب الحكمة، في الغالب ما يتم استخدام مصطلحات الأخلاق بشكل متبادل، في الواقع يتشاركون في سمات كثيرة متشابهة؛، مثل الأحكام القائمة على القيمة حول مدى ملاءمة وعدم ملاءمة السلوك والتفاعلات البشرية.

أخلاقيات علم النفس الإرشادي:

الكثيرين في مجالات علم النفس والإرشاد يفرقون بين القواعد الأخلاقية والأخلاق على النحو التالي؛ القواعد الأخلاقية هي المعايير المتفق عليها للسلوكيات والممارسات الطموحة والإلزامية من قبل أعضاء المنظمات المهنية، مثل جمعية علم النفس الأمريكية، هذه المعايير توجه الممارسة المهنية للأعضاء وتعزز توقع أن يقوم العاملون في علم النفس الإرشادي بحماية رفاهية وحريات عملائهم، أما الأخلاق فتعرف بأنها سلوكيات أو أفعال تستند إلى ثقافة أو قيم مجموعات معينة، من ثم فإن الأخلاق هي نظام من المعتقدات أكثر تحديد وتأثير ثقافياً، يُعتقد أنّ الأخلاق تخدم الصالح العام لمعظم أفراد المجتمع.
لن يكتمل أي نقاش حول الأخلاق دون الاعتراف بأن أخصائيو علم النفس الإرشادي يواجهون أوصاف مربكة لأنواع مختلفة من الأخلاق، كما إن فحص أي كتاب مدرسي عن الأخلاق من شأنه أن يقود القارئ إلى مناقشة عامة لمجموعة من الأخلاق الفلسفية والمبدئية والمهنية والطموحة والإلزامية والفضيلة، تصف الأخلاق الفلسفية دراسة الأخلاق من منظور منظور نظري، كما تحدد النظرية التي يختار المرء استخدامها كأساس كيف يفسر المرء صواب أو خطأ أو استحقاق سلوكيات معينة.
بسبب طبيعته النظرية فإن هذا النوع من الأخلاق له فائدة محدودة في ممارسة علم النفس الإرشادي، في المقابل فإن المبادئ الأخلاقية واقعية في طبيعتها، كما أنّ مبادئ الأخلاق تكون مبنية على المبادئ الأخلاقية، يتم وصفها على أنها مجموعة من الواجبات وعملية توفر أخصائيوا علم النفس الإرشادي أو المستشارون طريقة فورية يمكنهم اتباعها من أجل معالجة معضلة أخلاقية، تؤسس العملية شكل للممارسة الأخلاقية واتخاذ القرار في المستقبل، كما تركز عملية صنع القرار على أساس المبادئ وعلى سلوك الفرد وخياراته من حيث صلتها بالممارسات المقبولة اجتماعياً.
أما الأخلاقيات المهنية فهي الممارسات المقبولة المتفق عليها لمنظمة مهنية، عادة ما يتم تدوين هذه الممارسات من قبل الأعضاء وتوفر دليل لكل من الأشكال الطموحة والإلزامية للأخلاق، كما توضح الأخلاق الطموحة أعلى مستوى من الممارسة الأخلاقية، أخصائيو علم النفس الإرشادي الذين تسترشد ممارستهم بالأخلاق الطموحة يفهمون ويتصرفون وفقاً لنص وروح القواعد الأخلاقية، كما تستدعي الأخلاقيات الطموحة المستشارين لتقييم سلوكياتهم الشخصية ودوافعهم بالإضافة إلى القواعد الأخلاقية لضمان حصول عملائهم على خدمات تتجاوز مستوى الرعاية المتوقع، غالباً ما يتم تحديد الأخلاق الطموحة في القواعد الأخلاقية على أنها أحد أفضل الممارسات.
يمكن تعريف الأخلاق الإلزامية في علم النفس الإرشادي على أنها المعايير الدُّنيا التي يجب أن يمارسها جميع أخصائيو علم النفس الإرشادي، فالذين يمارسون هذا المستوى يقومون بالتفكير فيما يجب عليهم وما لا يجب عليهم القيام أن يقوموا به؛ هذا هو التدرب على حرف المدونة الأخلاقية وليس روحها، في الغالب ما يتم تحديد الأخلاق الإلزامية في القواعد الأخلاقية على أنها معايير الممارسة.
النوع الأخير من أخلاقيات علم النفس الإرشادي الذي نوقش هنا هو أخلاقيات الفضيلة، تركز أخلاقيات الفضيلة على سمات شخصية أخصائي علم النفس الإرشادي الفردي والجوانب الطموحة لممارسة الفرد، لا تهتم أخلاقيات الفضيلة بحل المعضلات الأخلاقية في حد ذاتها، إنهم يدعون المستشارين لفحص ما إذا كانوا يفعلون ما هو الأفضل لعملائهم أم لا، من ثم فإن أخصائيو علم النفس الإرشادي يركزون أكثر على ما هو مرغوب فيه للعميل وليس على واجب، أشار ميرا وزملاؤه إلى أن الأشخاص الذين يمارسون المهنة بشكل فاضل يطمحون إلى الفضائل الأساسية المتمثلة في الحصافة والنزاهة والاحترام والإحسان.

الغرض من القواعد الأخلاقية لعلم النفس الإرشادي:

إنّ الأخلاق أو مدونة الأخلاق هي مجموعة القواعد التي يضعها الأشخاص لتوجيه ممارسة المهنة، في مجال علم النفس الإرشادي قامت العديد من المنظمات مثل ACA و APA بوضع قواعد لتثقيف جميع أعضاء المنظمة حول الممارسة الأخلاقية المتوقعة والمقبولة، مع ذلك فإن القواعد الأخلاقية لها أغراض عديدة تتجاوز التعليم، لاحظ الباحثون في مجال علم النفس أن القواعد الأخلاقية تحمي الجمهور من خلال نشر المعايير المتوقعة للسلوك والممارسات.
ثانياً يمكن للقواعد الأخلاقية أن تحمي الممارسين عندما يتم التشكيك في أدائهم أو سلوكهم، إذا كان السلوك المعني متوافق مع المدونة الأخلاقية، فمن المرجح أن يُنظر إلى سلوك أخصائي علم النفس الإرشادي على أنه متوافق مع المعايير.القواعد الأخلاقية هي شكل من أشكال التنظيم الذاتي، عند تطبيقه بإخلاص ومساءلة يردع التنظيم الحكومي؛ أخيراً يمكن أن تكون المكونات الطموحة للقواعد الأخلاقية بمثابة حافز لتحسين الممارسة من خلال تشجيع أخصائيو علم النفس الإرشادي على البحث عن مزيد من التعقيد والمساءلة في ممارساتهم.

نماذج صنع القرار الأخلاقي في علم النفس الإرشادي:

توفِّر نماذج صنع القرار الأخلاقي إطار منهجي يمكن لأخصائيو علم النفس الإرشادي استخدامه لفحص الأصول والطبيعة والتأثير والعواقب المحتملة لأفعال المحترف ومواقفه، قد يشعر الأخصائيون الذين يواجهون تحدي في قرار أخلاقي بالحيرة والقلق، يمكن لنماذج اتخاذ القرار الأخلاقية إذا تم استخدامها بشكل صحيح، أن ترشدهم طوال عملية صنع القرار بطريقة منطقية ومتسقة وعملية.
تستند نماذج صنع القرار الأخلاقية إلى أسس مفاهيمية مختلفة؛ على سبيل المثال نظرية أو فلسفية أو قائمة على الممارسة، كذلك مدارس فكرية مختلفة على سبيل المثال؛ العقلانية والتفكير الأخلاقي والنسوية والبناء الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، توفر النماذج المشتقة من هذه الأسس مخطط تنظيمي ومنظور خاص يمنح أخصائيو علم النفس الإرشادي طريقة يمكن من خلالها العمل من خلال المعضلات الأخلاقية المحتملة وتحليلها، وفقاً للعديد من الباحثين هناك ما لا يقل عن تسعة نماذج أخلاقية موثقة لاتخاذ القرار في أدبيات علم النفس الإرشادي.
افترض البنائيون الاجتماعيون أن اتخاذ القرار الأخلاقي يجب أن يعتمد على الطبيعة التفاعلية والمبنية بشكل متبادل للواقع بدلاً من المعتقدات التقليدية، في واقع موضوعي موجود بشكل مستقل عن التصورات الفردية، تؤكد البنائية الاجتماعية أنه لا توجد حقيقة موضوعية وأن الواقع هو نتيجة التفاعلات الاجتماعية وتأثيرات النظام والتصورات الناتجة، لذلك ستحدث عملية صنع القرار الأخلاقي مع شخص آخر على الأقل سيشرك الآخر في فحص وتوضيح المعلومات الموجودة، حتى يتمكنوا من التفاوض وتحديد أفضل مسار للعمل بشكل متبادل.

مهارات اتخاذ القرار الأخلاقي:

غالباً ما يكون أخصائيو علم النفس الإرشادي محترفون، يوجد مجموعة متوقعة من المهارات التي يجب أن يكتسبوها من تدريبهم وخبراتهم وتعليمهم، من أجل اتخاذ قرارات أخلاقية سليمة، يجب أن يمتلك أخصائيوا علم النفس الإرشادي ويظهروا فهم لتأثير أفعالهم وأهميتها ومدى ملاءمتها، حدد كوتون ست مهارات أو مواقف لصنع القرار ضرورية لهؤولاء الأخصائيون؛ أولاً يجب أن يكونون على استعداد لأن يكونوا صانعي القرار وأن يقبلوا المسؤولية المناسبة لعملائهم وممارساتهم، يدل تفويض أو تأجيل القرارات للآخرين على الافتقار إلى الاحتراف والمساءلة الشخصية.
المهارة المتوقعة التالية هي مهارة الموقف الفكري للتعامل مع تعقيدات التفاعلات البشرية بطريقة مدروسة ومنهجية، ثالثًا يجب على أخصائيوا علم النفس الإرشادي السعي للحصول على معلومات مهنية دقيقة وحديثة والاحتفاظ بها من أجل تقديم المساعدة للعملاء، الاعتماد على الأدبيات هو أيضاً سمة تميزهم عن غيرهم، أما المهارة الرابعة فهي مواصلة الأخصائيون تعلمهم بعد انتهاء تعليمهم الرسمي وينخرطون أيضاً في التطوير المستمر وفي المؤتمرات وقراءة المجلات المختلفة، لا يعتبر الجهل بالتغييرات أو التحسينات في المجال دفاع صالح عن العلاج غير الأخلاقي.
خامساً يستخدم المحترفون إطار لصنع القرار يوضح التفكير والحكم السليم والكفاءة والمصداقية، يوضح اتخاذ القرار المنهجي الاحتراف والمساءلة، أخيراً يجب استثمار أخصائيو علم النفس الإرشادي بشكل احترافي، هذا يعني أنهم يلتزمون بالقواعد الأخلاقية وممارسة التدريب وأنهم يحافظون على مهاراتهم طوال حياتهم، يستخدم المحترفون إطار عمل لصنع القرار يوضح التفكير والحكم السليم والكفاءة والمصداقية، يوضح اتخاذ القرار المنهجي الاحتراف والمساءلة، لذلك يجب استثمارهم بشكل احترافي، هذا يعني أنهم يلتزمون بالقواعد الأخلاقية وممارسة التدريب لمهنتهم وأنهم يحافظون على مهاراتهم طوال حياتهم المهنية.
إذن يعتبر اتخاذ القرار الأخلاقي من الأمور بالغة الأهمية للتنفيذ المهني لواجبات أخصائيو علم النفس الإرشادي أو الطبيب النفسي، لذلك من المفترض أن تكون العملية منظمة وشفافة وهادفة، بحيث يمكن لأي شخص عاقل أن يفهم الأساس المنطقي للقرارات التي يتم اتخاذها، يوضح استخدام نموذج معترف به لاتخاذ القرار مدى احتراف أخصائيو علم النفس الإرشادي.


شارك المقالة: