استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي:

غالبًا ما يشار إلى استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي في التأثير الإيجابي والسلبي المتمثل في المشاعر الكبيرة، حيث تشير كل منها إلى عوامل فائقة للعاطفة، ووفقًا لراندي جيه.لارسن وإد دينر يتكون استقلالية التأثير من عدة مكونات فرعية لحالات شعور مختلفة، حيث يشير التأثير الإيجابي إلى جميع المشاعر عالية الطاقة التي تشعر الفرد بالسعادة أو الإيجابية، فبعض أنواع هذه المشاعر الإيجابية هي الشعور بالحيوية والحماس والمشاركة والفرح.

يتشابه الموقف مع التأثير السلبي في استقلالية التأثير الذي يحتوي على مكونات فرعية من طرق الطاقة العالية للشعور بعدم الراحة، مثل القلق والتوتر والضيق وكذلك الخوف والغضب والعداء والاشمئزاز، على هذا النحو يتكون كل من التأثير الإيجابي والسلبي من عدة عوامل فرعية للعاطفة التي تدخل في تحديدها في تكوين مفهوم استقلالية التأثير.

الفرق بين مفاهيم استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي:

يتعلق أحد الاختلافات المهمة بالفرق بين استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي في الفرق بين الحالات العاطفية والسمات العاطفية، حيث أن الحالات العاطفية هي المشاعر التي تأتي وتختفي بسرعة إلى حد ما، وغالبًا ما تكون شديدة، وعادة ما يكون سببها خارج الشخص مثل الغضب بسبب حدث معين، فقد يكون الغضب شديدًا، لكن من المحتمل أن يتبدد.

من ناحية أخرى تدوم السمات العاطفية لفترة أطول ويتمثل السبب جزئيًا إلى بعض سمات الشخص، فقد يكون الشخص غاضب لأنه ذو شخصية مندفعة ويتأثر بجميع المواقف التي تؤدي للغضب ولو كانت بسيطة، أي أنه شخص لديه عتبة منخفضة للغضب، وهذا يصف صفة مميزة للشخص أكثر من حالة معينة ناتجة عن حدث ما في البيئة، حيث يمكن اعتبار التأثير الإيجابي والسلبي في استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي كحالات أو سمات عاطفية.

في مجال علم النفس الاجتماعي يفضل بعض الباحثين التفكير في العواطف على أنها فئات متميزة، وغالبًا ما يكون لدى هؤلاء الباحثين قائمة من المشاعر المحددة التي يعتبرونها أساسية، عادةً ما بين ستة إلى تسعة مشاعر مختلفة، ولا يجمع هؤلاء الباحثين المشاعر في مجموعات إيجابية وسلبية، بل يشعرون أنه من المهم الحفاظ على التمييز بين المشاعر المحددة.

من ناحية أخرى وجدت مجموعة أخرى من الباحثين بعض القيمة لفكرة أن جميع المشاعر تقع ضمن أبعاد محددة قليلة وبالتالي يمكن تصنيفها في مجموعات، حيث أن الباحثين الذين يفضلون التفكير في التأثير الإيجابي والسلبي كعوامل فائقة في هذا الاستقلال التأثيري.

اكتشاف مثير للاهتمام في استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي هو أن هناك العديد من المشاعر السلبية أكثر من المشاعر الإيجابية، حيث يبدو أن البشر مخلوقين بطريقة لا توجد بها سوى طرق قليلة للشعور بالإيجابية ولكن هناك العديد من الطرق للشعور بالسلبية، حيث يختلف الشعور بالغضب عن القلق على سبيل المثال، ومع ذلك فإن الغضب والقلق كلاهما سلبي، بالإضافة إلى ذلك فإن النتيجة التجريبية هي أنه على مستوى السمات العاطفية، تميل هذه المشاعر السلبية إلى الترابط مع بعضها البعض.

خلفية وتاريخ استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي:

خلال الأجزاء الأولى من تاريخ علم النفس الاجتماعي، كانت العاطفة موضوعًا لم يحظ باهتمام كبير، حيث كان يُنظر إلى العواطف على أنها إدراك غير منظم، كأشكال مختلة من النشاط العقلي، ابتداءً من أواخر السبعينيات بدأ علم النفس في دراسة جديدة للعاطفة، في هذا الوقت كان يُنظر إلى التأثير الإيجابي والسلبي على أنهما نهايتان منفصلتان لسلسلة متصلة ثنائية القطب واحدة.

أي أنه كان يُعتقد أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين لديهم نوع عاطفي واحد، قل ما لديهم من نوع آخر، ففي الواقع تم بناء مقاييس التأثير الإيجابي والسلبي في هذا الوقت بطريقة تضمن أن التأثير الإيجابي والسلبي لن يكون مستقلاً في التأثير، وكان هناك شعور في ذلك الوقت بأن التأثير الإيجابي والسلبي هما وجهان نقيضان لعملة واحدة.

في منتصف الثمانينيات بدأ علماء النفس في التشكيك في وجهة النظر هذه، حيث أنهم ركزوا على إنشاء مقاييس قياس منفصلة، مع قياس التأثير الإيجابي من الصفر إلى المستويات العالية والتأثير السلبي يتم قياسه على مقياس آخر من الصفر إلى المستويات العالية، بالتالي بدأت الأبحاث تتراكم وتظهر أن التأثير الإيجابي والسلبي كانا غير مرتبطين ومرتبطين مع المتغيرات الأخرى بطرق مختلفة.

تتمثل إحدى طرق التفكير في استقلالية التأثير الإيجابي والسلبي في التفكير فيما يجعل الفرد سعيدًا وما الذي يجعله حزينًا، تلك الأشياء التي تجعل الإنسان سعيدًا، وعندما يكون غائبًا لا تضمن أن يشعر ذلك الشخص بالحزن، وبالمثل فإن تلك الأشياء التي تجعل الشخص يشعر بالحزن، وعندما يكون غائبًا لا تضمن أن يشعر الشخص بالسعادة.

بمعنى آخر يبدو أن أنظمة التأثير الإيجابية والسلبية في استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي تستجيب بشكل مختلف للأحداث المختلفة في حياة الناس، ومن المحتمل أيضًا أن تكون مراكز الدماغ المسؤولة عن توليد تجربة التأثير الإيجابي والسلبي منفصلة.

عواقب استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي:

تتمثل عواقب استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:

1- بناء المقاييس النفسية:

إحدى نتائج إدراك أن التأثير الإيجابي والسلبي مستقلان هو إنشاء مقاييس تستغل كل من هذه المشاعر على حدة، حيث يوجد الآن عدد من المقاييس النفسية المنشورة لتقييم هذه المشاعر مثل جدول التأثير الإيجابي والسلبي.

2- تشخيص وتحليل الأنظمة العاطفية:

نتيجة أخرى لاستقلال التأثير الإيجابي والسلبي هي البحث عن خصائص التشغيل المختلفة لكل من هذه الأنظمة العاطفية، حيث يوجد طريقة واحدة لتلخيص هذا هو عبارة بسيطة أن السيء أقوى من الخير، على سبيل المثال سيؤدي حدث سلبي في الحياة لنقل القيمة سالبة إلى عاطفة سلبية أكثر من الحدث الإيجابي الذي سيؤدي إلى عاطفة إيجابية، حيث أوضح عالم النفس داني كانيمان أن الخسائر أقوى من المكاسب القوية نفسها.

3- الإزاحة الإيجابية:

يستجيب الناس للأحداث السيئة أقوى مما يستجيبون للأحداث الجيدة بنفس القدر، ومع ذلك هناك مفهوم آخر ينطبق على التأثير الإيجابي في استقلالية التأثير في علم النفس الاجتماعي وهو ما يسمى الإزاحة الإيجابية، حيث يشير هذا إلى حقيقة أن معظم الناس في معظم الأحيان في حالة إيجابية قليلاً، أي ان الحالة العاطفية البشرية الافتراضية ليست صفرية ولكنها إيجابية بعض الشيء.

4- الرفاهية النفسية:

نتيجة أخرى لاستقلال التأثير الإيجابية والسلبية على الرفاه العام، إذا كان يُنظر إلى الرفاهية النفسية على أنها نسبة المشاعر الإيجابية إلى السلبية في حياة الشخص بمرور الوقت، فهذا يشير إلى وجود طريقين للرفاهية، سيكون أحد الطرق هو تعظيم البسط في هذه النسبة أي محاولة تعظيم التأثير الإيجابي، وسيكون الطريق الآخر هو محاولة تقليل المقام أي الحد من مقدار التأثير السلبي، وهذان الطريقان إلى الرفاهية هما نتيجة اكتشاف أن التأثير الإيجابي والسلبي مستقلان.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: