الإرادة الحرة ومشكلة الحتمية السببية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تقدم النظرية التوافقية حلاً لمشكلة الإرادة الحرة في علم النفس، والتي تتعلق بعدم التوافق المتنازع عليه بين الإرادة الحرة والحتمية السببية، حيث أن التوافقية هي الفرضية القائلة بأن الإرادة الحرة متوافقة مع الحتمية السببية؛ نظرًا لأن الإرادة الحرة تُعتبر عادةً شرطًا ضروريًا للمسؤولية الأخلاقية، يتم التعبير عن التوافق أحيانًا كفرضية حول التوافق بين المسؤولية الأخلاقية والحتمية السببية.

الإرادة الحرة ومشكلة الحتمية السببية في علم النفس

تظهر التوافقية كاستجابة لمشكلة تطرحها الحتمية السببية، لكن ما هي المشكلة؟ يفترض علماء النفس كما تخبرنا فرضية الحتمية السببية أن كل ما يحدث هو نتيجة حتمية لقوانين الطبيعة وحالة العالم في الماضي البعيد، إذا كان هذا هو الحال فإن كل ما يفعله البشر ينبع من قوانين الطبيعة والطريقة التي كان بها العالم في الماضي البعيد، ولكن إذا كان ما نقوم به هو مجرد نتيجة لقوانين الطبيعة وحالة العالم في الماضي البعيد، فلا يمكننا فعل أي شيء بخلاف ما نفعله في النهاية.

كما أنه ليس بأي معنى من المعاني المصدر السببي النهائي لأفعالنا كبشر؛ لأن أصولها السببية في قوانين الطبيعة وحالة العالم منذ زمن بعيد، لذلك يبدو أن الحتمية تمنع الوكلاء البشريين من التمتع بحرية القيام بخلاف ذلك، ويبدو أيضًا أنه يمنعهم من أن يكونوا مصادر أفعالهم وسلوكياتهم، إذا كان أي من هذين الأمرين صحيحًا فمن المشكوك فيه أن يكون الفاعلين أحرارًا أو مسؤولين عن أفعالهم بأي معنى.

هذه الافتراضات من الجدل التي تم تنظيمها في أعمال الحكمة من بين أشياء أخرى كثيرة، مشكلة حقيقية لأولئك الذين يميلون إلى الاعتقاد بأننا أحرار ومسؤولين عن اختياراتنا وأفعالنا وأن العالم الطبيعي قد يعمل كنظام حتمي أو إذا لم يكن حتميًا تمامًا فهو نظام يكون فيه اللاحتمية مجرد ضوضاء عشوائية سببية غير ذي صلة على مستوى الفاعلية البشرية، فكيف يمكن الرد على مثل هذه الحجج؟

من ناحية عدم التوافق في قبول نسخة من واحدة على الأقل من هذه الحجج والإصرار على أن تصورنا لذاتنا كعوامل حرة ومسؤولة سيكون مضللاً بشكل خطير إذا تبين أن الحتمية السببية صحيحة، ومنها يجادل بعض الذين لا يتفقون مع هذه الاستنتاجات بشكل غير مباشر أولاً من خلال القول بأن الحتمية تمنع الحرية أو السيطرة، وثانيًا بالحجة أن هذه الحرية ضرورية للمسؤولية الأخلاقية، في حين يجادل أنصار عدم التوافق الآخرين بشكل مباشر في أن الحتمية السببية تستبعد المسؤولية الأخلاقية.

من ناحية أخرى يزعم التوافقيين أن هذه المخاوف تخطئ الهدف ويؤمن بعض التوافقيين بهذا لأنهم يعتقدون أن حقيقة الحتمية السببية لن تقوض حريتنا في القيام بخلاف ذلك، نتيجة لذلك يخبرنا هؤلاء التوافقيين أن حقيقة الحتمية السببية لا تشكل تهديدًا لوضعنا كفاعلين مسؤولين أخلاقياً وأن حرية القيام بخلاف ذلك كافية لنوع التحكم الذي يجب أن يمتلكه الفاعل ليكون أخلاقياً مسؤولة عن أفعالها.

يُظهر التوافقيين الآخرين اهتمامًا أقل بدحض الاستنتاج القائل بأن حرية القيام بخلاف ذلك لا تتوافق مع الحتمية، حيث يرفض التوافقيين في هذا الشريط فكرة أن هذه الحرية ضرورية لأشكال ذات مغزى من الإرادة الحرة، وأنواع مختلفة من الإرادة الحرة تستحق الرغبة، والأهم من ذلك أن بعض التوافقيين ينكرون ببساطة أن الحرية من هذا النوع مرتبطة بأي شكل من الأشكال بوكالة مسؤولة أخلاقياً.

ما نراه هنا ليس جبهة موحدة في مواجهة التحدي أو التحديات غير التوافقية، بدلاً من ذلك حرص التوافقيين في الإرادة الحرة ومشكلة الحتمية السببية في علم النفس على تحديد العناصر الدقيقة لحجج عدم التوافق التي يعتبرونها خاطئة، ثم قاموا ببناء نظرياتهم الخاصة عن الحرية والمسؤولية مع وضع ذلك في الاعتبار.

أهم الحجج في الإرادة الحرة ومشكلة الحتمية السببية في علم النفس

للمساعدة في تحديد موقع النظريات التوافقية بشكل أفضل ينظر علماء النفس التوافقيين بمزيد من التفصيل في الحجج التي قدمها غير التوافقيين نيابة عن نظرياتهم؛ نظرًا لأن هذه الحجج هي التي شكلت معالم نظريات التوافقية، تعتبر حقيقة الحتمية السببية أنها تطرح على ما يبدو مشكلة تتعلق بالحرية والمسؤولية من ناحيتين على الأقل، أولها قد يستلزم عدم تمتع أي شخص بالحرية لفعل غير ذلك، وهو نوع من القوة أو السيطرة على أفعال المرء التي اعتبرها الكثيرون ضرورية للمسؤولية الأخلاقية.

والثانية تتمثل في أنها قد يستلزم عدم وجود أحد هو المصدر السببي النهائي لأفعاله أو أفعالها، حيث يبدو أن أفعالنا تنبع من إرادتنا الحرة وليس من قوى خارجنا أيضًا كشرط معقول للوكالة المسؤولة أخلاقياً نحن نأخذ كل من هذه التهديدات المحتملة بدورها.

الطريقة الطبيعية للتفكير في الحجج الكامنة خلف الإرادة الحرة ومشكلة الحتمية السببية في علم النفس في سيطرة الوكيل على سلوكه في لحظة من الزمن هي من حيث قدرته على الاختيار من بين أو مسارات عمل بديلة هو تنبع صورة التحكم هذه من السمات المشتركة لوجهات نظرنا كمتداولين عمليين يستقرون على مسارات العمل، فمن المعقول أن نفترض أن حرية الفرد فيما يتعلق بالتصويت مثلاً تتمثل جزئيًا على الأقل في قدرته على الاختيار بين بديلين.

في هذا الحساب يتطلب التصرف بإرادة حرة إمكانيات بديلة، حيث أن الطريقة الطبيعية لتقديم الحجج في هذا الحساب للإرادة الحرة هي من حيث مستقبل الوكيل كحديقة من المسارات المتفرعة من ماضٍ واحد، وينشأ موضع الفعل الإرادي عندما يقدم الحاضر من ماضي الوكيل المفرد، أكثر من مسار واحد إلى المستقبل، في هذا النموذج من الفاعلية البشرية إذن عندما يتصرف الشخص بمحض إرادته كان بإمكانه التصرف بطريقة أخرى.

يدعو مفهوم الإرادة الحرة هذه الحجج على الفور في التفكير في أن الحتمية قد تشكل تهديدًا؛ لأن الحتمية المفهومة بالمعنى الدقيق للوصف تخبرنا أنه في أي وقت بالنظر إلى حقائق الماضي وقوانين الطبيعة، لا يمكن إلا لمستقبل واحد، ولكن وفقًا لمفهوم الفاعلية البشرية قيد الدراسة، كان بإمكان الفاعل الذي لديه إرادة حرة أن يتصرف بخلاف ما فعلته، وبالتالي فإن أكثر من مستقبل ممكن.

من الحجج المتمثلة في الإرادة الحرة ومشكلة الحتمية السببية في علم النفس أنه أي وكيل يؤدي فعلًا من إرادته الحرة الخاصة وإذا كان يتحكم فيها فهو يتحكم فيها فقط إذا كان لدية القدرة على الاختيار من بين مسارات العمل البديلة للعمل السابق أو الحالي، وإذا كان لدى الفرد القدرة على الاختيار من بين مسارات بديلة للعمل، فهناك مسارات عمل بديلة للعمل منفتح عليه ويكون بإمكانه فعل شيء بخلاف دوره الحالي.

إذا كانت الحتمية صحيحة فعندئذٍ يكون هناك مستقبل واحد فقط هو الممكن أن يثبت الماضي الفعلي وقوانين الطبيعة، وإذا كان هناك مستقبل واحد فقط ممكناً تثبيت الماضي الفعلي وقوانين الطبيعة، فلا توجد مسارات عمل بديلة لأي فعل مفتوح للفرد، لذلك إذا كانت الحتمية صحيحة فليس الأمر كذلك أن أي فاعله يؤدي أي فعل بإرادته الحرة.


شارك المقالة: