التجريبية البناءة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعتبر التجريبية البناءة في علم النفس هي نسخة من مناهضة الواقعية العلمية التي يهدف العلم إلى تزويدنا بنماذج نفسية مناسبة تجريبياً، وقبول النموذج ينطوي على اعتقاد فقط بأنها مناسبة تجريبياً، من خلال عقيدة التجريبية البناءة يُنسب إلى في إعادة تأهيل مناهضة الواقعية العلمية، هناك بعض الغموض فيما يتعلق بما هي حجج في حين أن التجريبية البناءة لم تكتسب عددًا كبيرًا من أتباعها إلا أنها لا تزال عقيدة شديدة التأثير في فلسفة العلم النفسي.

التجريبية البناءة في علم النفس

التجريبية البناءة في علم النفس هي وجهة نظر تتناقض مع نوع الواقعية العلمية التي تدعي أن العلم يهدف إلى إعطائنا في نظرياته، وقصة حقيقية فعلية لما يشبه العالم، وقبول النظرية العلمية ينطوي على الاعتقاد بأنها صحيحة، ففي المقابل يرى التجريبي البناء من علماء النفس أن العلم يهدف إلى الحقيقة حول الجوانب التي يمكن ملاحظتها من العالم.

لكن هذا العلم لا يهدف إلى الحقيقة حول الجوانب غير القابلة للرصد، حيث يختلف قبول النظرية وفقًا للتجربة البناءة عن قبول النظرية على وجهة النظر العلمية الواقعية ويرى التجريبي البنّاء أنه بقدر ما يتعلق الأمر بالاعتقاد، فإن قبول النظرية العلمية ينطوي فقط على الاعتقاد بأن النظرية مناسبة تجريبياً.

حتى مع الأخذ في الاعتبار موقفها بشأن ما ينطوي عليه القبول بالنظرية، لا يزال بإمكان التجريبية البناءة فهم النظريات العلمية حرفيًا، فما الذي يجعل الفهم الحرفي للنظرية؟ بينما لا يقدم بعض علماء النفس سردًا كاملاً للحرفية في الصورة العلمية فإن التجريبية البناءة في علم النفس تقدم الشرطين الضروريين لفهم النظرية حرفيًا وتتمثل في ادعاءات النظرية بأنها بيانات حقيقية قادرة على الحقيقة أو الكذب.

وشرط أنه لا يمكن لأي تفسير حرفي لنظرية أن يغير العلاقات المنطقية بين الكيانات التي تدعيها النظرية في التجريبية البناءة في علم النفس، وعلى وجه التحديد إذا كانت النظرية تقول أن شيئًا ما موجود، فإن التأويل الحرفي قد يشرح ماهية هذا الشيء، لكنه لن يزيل الآثار الضمنية للوجود.

في الإصرار على فهم النظريات العلمية على أنها صحيحة حرفيًا، يقف التجريبيين البناءين في التجريبية البناءة في علم النفس مع الواقعي العلمي ضد التقليديين والوضعيين المنطقيين، في حين أن المدافعين عن هذه المواقف الأخيرة قد يأخذون النظريات العلمية على أنها صحيحة، فإنهم يفعلون ذلك فقط من خلال تفسير تلك النظريات بطرق غير قياسية.

تباين الوضعية المنطقية مع التجريبية البناءة في علم النفس

أحد أسباب اعتبار التجريبية البناءة مهمة هي أنها تحمل تقليد الوضعيين المنطقيين دون أن تثقل كاهل الجوانب الإشكالية لمواقف الوضعيين، حيث تتبع التجريبية البناءة الوضعيين المنطقيين في رفض الالتزامات المعرفية في العلم، لكنها تنفصل عنهم فيما يتعلق بتأييدهم لمعيار التحقق من المعنى، وكذلك تأييدهم للاقتراح بأن الخطاب المحمّل بالنظرية يمكن وينبغي إزالته من العلم، اعتبر بعض علماء النفس مناهضة الواقعية العلمية؛ لأن الوضعية المنطقية انتهت.

إن التجريبية البناءة في علم النفس لها مظهر وجهة نظر معرفية حول ما يجب أن يؤمن به المرء، أي أنه يجب على المرء أن يكون محايدًا بشأن الادعاءات حول الأشياء غير المرصودة التي تصنعها نظرياتنا العلمية، لكن الرأي لا يُقصد به أن يُقرأ بهذه الطريقة، حيث يجب أن تُفهم التجريبية البناءة على أنها عقيدة حول ماهية الهدف من العلم، وليست عقيدة حول ما يجب على الفرد تصديقه أو عدم تصديقه.

من الواضح في ضوء هذا التمييز بين الوضعية المنطقية والتجريبية البناءة في علم النفس أنه يمكن للمرء أن يكون معرفيًا علميًا وتجريبيًا بنّاء، حيث أنه سيختار المرء ببساطة أن يكون لديه معتقدات تتجاوز ما يهدف إليه العلم، وهناك بالطبع علاقة بين ثنائية الواقعية العلمية والتجريبية البناءة، حيث يعتقد الواقعيين العلميين أن العلم يفهم حقًا طبيعة المشروع العلمي، وأن غير الإداري العلمي لا يفهمه، ومنها يعتقد التجريبي البناء أن العلم قد يفهم أو لا يفهم المشروع العلمي، لكنه يتبنى معتقدات تتجاوز ما ينطوي عليه العلم نفسه أو يتطلب لتحقيقه.

أهداف التجريبية البناءة في علم النفس

النقطة المهمة التي يجب توضيحها حول الأهداف في التجريبية البناءة في علم النفس هي أن التجريبي البناء يميز بين هدف العالم الفردي أو مجموعة العلماء والتي قد تكون شهرة أو مجدًا أو ما لدينا وهدف العلم نفسه، حيث يحدد هدف العلم ما يعتبر نجاحًا في مشروع العلم على هذا النحو؛ نظرًا لأن التجريبيين البناءين لا يحددون هدف العلم بأي أهداف قد تكون لدى غالبية العلماء، فإنهم ينكرون أن التجريبية البناءة هي فرضية في علم الاجتماع تخضع لنوع من التأكيد التجريبي أو عدم التأكيد الذي تواجهه أي فرضية علمية.

في حين أنه يجب أن تُفهم التجريبية البناءة على أنها وصف نفسي للعلم الذي يسعى إلى شرح كيف يمكن أن يعتبر التجريبي نشاط العلم متسقًا مع معايير النشاط العقلاني التجريبي، مثل تفسير أي نشاط بشري أو سلوك إنساني، فإن التجريبية البناءة مقيدة بنص النشاط العلمي الذي تفسره، ضمن هذه القيود ننجح أو نفشل وفقًا لقدرتها على تقديم تفسير للعلم يساهم في فهمنا للعلم، مما يجعل العناصر المختلفة لممارستها مفهومة لنا.

وبالتالي فإن نجاح التجريبية البناءة باعتبارها حسابًا للعلم لا يعتمد على كيفية فهم العلم أو اتباعه من قبل العلماء الفعليين، ومع ذلك قد يبدأ المرء في التساؤل عن الكفاية التجريبية لتفسير التجريبية البناءة للعلم إذا كان الحساب يتعارض بشكل كبير مع مواقف وممارسات العلماء الفعليين.

الكفاية التجريبية في التجريبية البناءة في علم النفس

يتمثل الوصف التقريبي والجاهز لما يجب أن تكون عليه النظرية ملائمة تجريبياً في التجريبية البناءة في علم النفس، أن تكون النظرية مناسبة تجريبياً بالضبط إذا كان ما تقوله عن الأشياء والأحداث التي يمكن ملاحظتها في العالم صحيحًا، بالضبط إذا كانت تنقذ الظواهر وقد تتبنى التجريبية البناءة غير العاكسة بما فيه الكفاية هذا التأويل للكفاية التجريبية لنظريتها، لكن من المحتمل أن يتبنى التجريبي البناء الأكثر تطورًا تفسيرًا للكفاية التجريبية يشبه ذلك الذي تم تطويره لاحقًا في الصورة العلمية.

لفهم هذا التفسير يحتاج المرء أولاً إلى تقدير الاختلاف بين النظرة النحوية للنظريات العلمية والنظرة الدلالية المفضلة للنظريات العلمية في التجريبية البناءة في علم النفس، في وجهة النظر النحوية يتم إعطاء النظرية من خلال تعداد النظريات، معبراً عنها بلغة معينة، في المقابل من وجهة النظر الدلالية يتم إعطاء النظرية من خلال تحديد فئة من الهياكل ويمكن وصفها بلغات مختلفة التي تمثل نماذج النظرية أو الهياكل المحددة التي تعتبر النظرية صحيحة.


شارك المقالة: