التدخلات التربوية للطلبة الذين يعانون من اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

اقرأ في هذا المقال


تعتبر تأثيرات اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة تأثيرات سريعة الانتشار، غير أن أكثر تأثيرات هذا الاضطراب عمقاً غالباً ما يقع على الجوانب التربوية للطلبة، فمعظم الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة هم من ضعاف التحصيل ويعانون من عجز في المهارات الدراسية.

التدخلات التربوية للطلبة الذين يعانون من اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة

يواجه حوالي (25%) من الطلبة ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، إما من صعوبات في القراءة أو في الرياضيات في حين أن نسبة أعلى من ذلك بكثير، يعانون من ضعف تحصيلي في القراءة والرياضيات والكتابة بدرجة لا تحقق معايير تصنيف وجود إعاقة تعليمية، ومن هنا يظل الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة معرضين كثيراً لخطر الرسوب في الصف وإلحاقهم ببرامج التربية الخاصة وترك المدرسة.

وقد دلّت الأبحاث على أن الفشل الذريع في المدرسة، قد يؤدي إلى مشكلات خطيرة في العلاقات الاجتماعية والأداء الوظيفي في مرحلتي المراهقة والرشد، وهناك أسباب عديدة وراء معاناة الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من مشكلات أكاديمية، غير أنه تبرز أهمية عاملين اثنين على وجه الخصوص أولاً، انخراط الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في التعليم الأكاديمي يكون أقل فعالية من انخراط زملائهم.

وإذ يظهر الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة مستويات متدنية من السلوك المتعلق بالمهمة في عملية التعليم ، وهم أقل إنتاجية من زملائهم لدى الاستجابة للمقررات الدراسية، وثانياً يتطلب الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، والذين يعانون من وجود مواطن عجز في المهارات الدراسية مقداراً أكبر من التعليم والتدريب، وذلك من أجل مواكبة أقرانهم الذين لا يعانون من صعوبات تعلمية، غير أن الأنظمة التربوية للأسف غالبا ما تكون غير مهيأة لتزويد هؤلاء الطلبة بالتعليم والتدريب الإضافيين الذين يحتاجونها من جانب آخر.

غالباً ما يقاوم الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة محاولات تقديم التعليم الإضافي إليهم، وتتوافر هناك عدة استراتيجيات لمد يد العون للطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، الذين يعانون من مشكلات أكاديمية وسلوكية في البيئات التربوية، وهذا ويمكن تصنيف اتجاهات التدخل العلاجي إلى أربع
تصنيفات: التدخل الذي يوجهه المدرسون أساساً والتدخل الذي يوجهه الوالدان والتدخل الذي يوجهه الأقران
والتدخل الذي يوجهه الطلبة أنفسهم.

وبوسع المدرسين أن يؤثروا على أداء الطالب وسلوكه عبر طريقتين، توظيف تدخلات تعليمية أي عبر تعديل طرق تدريس الطلبة، وتنفيذ تدخلات سلوكية أي عبر إدارة نتائج السلوك المنتج وغير المنتج، وفي التدخلات التعليمية يغلب أن ينتبه الأطفال المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة للمدرسين عندما يوظفون مواد تعليمية ملائمة، وعندما يقدمون التعليم على نحو  واضح ومنظم وجديد.

استراتيجية التدخل التعليمي التي ينفذها المدرس للطلبة ذوي عجز الانتباه وفرط الحركة

1- التوافق التعليمي

كثيراً ما تتأثر مقدرة الطالب على الانتباه بمدى التوافق التعليمي، أي مدى الانسجام بين المهارات الدراسية للفرد ومستوى صعوبة المواد التعليمية، ففي دراسة أجريت على طلبة صغار في المرحلة الابتدائية وجد أنهم يعانون من مشكلات كبيرة في القراءة، وأن سلوك الانتباه ومعدل الإنتاجية في المقررات الدراسية كان متدنيين جداً عندما طلب إلى الطلاب العمل على مواد منهجية صعبة للغاية.

وفي المقابل عندما تم تعليم الطلاب ضمن مستوى تعليمي ملائم تحسن انتباههم وانتاجيتهم كثيراً جداً، إضافة إلى ذلك عندما تم تزويد الطلاب بمادة دراسية سهلة للغاية، فقد ارتفعت نسبة إتمامهم للمهمة واستيعابهم، غير أن انتباههم تدنى كثيراً جداً، ومن هنا يتبين لنا أن تعديل المواد التعليمية، بحيث يحصل هناك مزيد من التوافق المنطقي بين مهارات الطلبة والمنهاج يولد إمكانية تحسين انتباه الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

وبالتالي فإنه لدى تقييم الأطفال الذين يعانون من مشكلات دراسية ومشكلات انتباه، ينبغي على المدرسين تقييم التوافق التعليمي، ووضع تعديلات في الإجراءات التعليمية والمواد التعليمية في حالة كون الطلبة غير معرضين مسبقاً لمواد المنهاج على نحو كاف، وهذا وتوجد في معظم المدارس فرق دعم تعليمية أو فرق دعم الطلبة تجري تصنيفاً مقتضباً للمهارات الدراسية، ومن هنا قد يكون مفيداً أن يطلب إلى هذه الفرق جمع معلومات عن مقدرة الطالب على التكيف مع مواد المنهاج المستخدمة في الصف.

وتكمن فائدة ذلك في احتمالية معالجة مشكلة التوافق التعليمي، وغالباً ما لا تكفي التعديلات في مواد المنهاج وأساليبه ضمن صفوف التعليم العام لتمكين الطلبة من مجاراة أقرانهم والتعلم بفعالية، وفي مثل هذه الحالات قد يكون اللجوء إلى خدمات التربية الخاصة أمراً مهم، فقد كان الطلبة عادة ينقلون من صفوف التعليم العام من أجل تلقي خدمات التربية الخاصة، وغير أن العديد من المدارس تطبق طريقة الدمج عبر توظيف مدرس تربية خاصة للتعاون مع مدرسي التربية العامة.

مما يوفر دعماً داخل الحجرة الصفية من جانب آخر، أثبتت الأبحاث أن تقديم خدمات التربية الخاصة لا يضمن تحسن تعلم الطلبة من هنا تقتضي الضرورة إجراء تدخلات تعليمية متخصصة للطلبة، بحيث تتم مراقبة مستوى أدائهم بعناية للتأكد من اكتسابهم المهارات بمستوى مقبول.

2- تقديم التعليمات

يتمثل العامل الرئيس في زيادة احتمالية فهم الطلبة للتعليمات داخل الصف ما يقوم به المدرسون قبل تقديم أحد الإرشادات، فمن الأمور التي تهيئ الطلبة لتلقي التعليمات الاقتراب من الطالب، وتقديم محفزات وتوفير التواصل البصري، يلي ذلك وجوب توصيل التعليمات بلغة واضحة وموجزة مع التركيز على الكلمات المفتاحية، أخيراً ينبغي أن يتأكد المدرس من فهم الطالب للإرشادات من مثل التأكد من أن الطالب يقوم بالمهمة الموكلة إليه.

3-  استخدام مواد تعليمية مبتكرة ومباشرة

يتمكن الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة من إدامة الانتباه لفترات زمنية أطول، عندما تعرض المهمات على نحو مبتكر وجديد، فعلى سبيل المثال أن الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة قادرون على الانتباه لمدة أطول مع تدني فرط حركتهم في الظروف التي تقدم فيها المعلومات باستعمال الألوان، وذلك بخلاف حالة استعمال اللونين الأبيض والأسود فقط، يضاف إلى ذلك إمكانية تحسين مدة الانتباه وتقليل فرط الحركة لدى تقديم مهمات للطلبة تتطلب استجابة نشطة وعضلية حركية.

وكذلك لدى إتاحة فرص متكررة لتلقي تغذية راجعة مرتفعة الإثارة للأداء، من مثل النشاطات التعليمية المعتمدة على الحاسوب، فقد وجد أن التعليم بمعاونة الحاسوب عموماً يحسن من السلوك أثناء المهمة، والمهارات الدراسية للطلبة الذين يعانون من صعوبات تعلمية، ويعتبر التعليم المعتمد على الحاسوب طريقة واعدة لإجراء تدخلات علاجية للطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة.

4-  التنويع في سرعة التقديم

يبدو أن سرعة تقديم المعلومات من قبل المدرسين مهمة أيضاً في مجال تعليم الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، ولا يمكننا القول عموماً بأن البطء المتواصل أو السرعة المتواصلة في تقديم المعلومات تعتبر الأفضل بالنسبة للطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة، إذ يبدو أن الطلبة يكون تعلمهم أفضل ما يمكن عندما تكون سرعة التقديم مرنة وتتباين وفقاً لمهاراتهم واهتماماتهم.

5-  تعليم المهارات التنظيمية

يعاني الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة بطبيعة الحال من مشكلات في تنظيم عملهم، ومن هنا تم تصميم استراتيجيات لتدريب الطلبة على أداء الاختبارات وتنظيم الأعمال الكتابية، وتدوين الملاحظات فعلى سبيل المثال لقد تبين أن تعليم الطلبة المصابين باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة طريقة منظمة لتدوين الملاحظات، وقد حسّن من جودة ملاحظات الطلبة وتنظيمها، وإضافة إلى تحسن السلوك أثناء المهمة والأداء الأكاديمي.

6- التعديلات الصفية

غالبا ما يتطلب الطلبة المصابون باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة تعديلات متخصصة، داخل الحجرة الصفية من أجل التعلم بفعالية، مثلاً الجلوس قرب المدرس بحيث تتاح إمكانية تقديم محفزات ومعززات متكررة، قد
يكون ناجحاً، وكذلك فإن جعل الطالب المصاب باضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة يجلس بالقرب من طلبة يستطيعون نمذجة السلوك الناجح والسلوك التعاوني قد يساعد ذلك الطالب أيضاً.

وفي الختام إن الطلبة ذوي اضطراب عجز الانتباه وفرط الحركة في المراحل المتوسطة والعالية من المدرسة، قد يستفيدون من وجود مدون ملحوظات معتمد أو من تسجيلات صوتية للمحاضرات، علاوة على ذلك قد يتحسن أداء هؤلاء الطلبة في حالة أدائهم الاختبارات شفهياً وليس كتابياً، أو في حالة منحهم وقتاً إضافياً لإكمال الاختبار.


شارك المقالة: