اختلف الكتّاب في تسمية النمط غير المنطوق، فمنهم من أقدم على تسميتها بلغة الصمت، ومنهم من أسماها باللغة غير اللفظية وكان الاسم الأكثر رواجاً هو لغة الجسد، وجميعها يشير إلى نفس المعنى، ولكن إن نظرنا إلى المعنى الذي نشير إليه خلال صمتنا، والذي يعتبر إجابة كاملة على موقف ما، فنجد أنّ الصمت هنا كان أكثر بلاغة وأكثر اختصاراً من الكلام المنطوق.
ما دور الصمت في لغة الجسد الخاصة بحياتنا اليومية؟
للصمت دور كبير في استخدامتنا الحياتية، ويتواجد في كافة تعاملاتنا الخاصة مع الآخرين، والصمت يعطي للآخرين نسقاً معرفياً واضحاً كإجابة مفصّلة عمّا نريد قوله جملة وتفصيلا، بل إنّ الصمت يعتبر من أبرز المهام التي تؤديها لغة الجسد للتعبير عن حالة الرضا أو عدمه او التردّد أو القلق أو الحيرة، حيث يفهم من صمت أحدهم قبوله الشيء ورضاه بما قدم له، حيث تكتفي المرأة بالصمت، عندما يعرض عليها الزواج لتعبر عن قبولها من عدمه، وهو ما يجعل الصمت بدوره مقيداً بالزمان والمكان والسياق، حيث يختلف معنى الصمت من مكان إلى آخر، ومن زمان إلى آخر، كما يختلف من سياق إلى آخر.
في حالة غضب الطفل الصغير فإنّه يصمت كونه يشعر بأنّ الصمت لغة جسد ووسيلة لتنفيس الغضب، ومنهم من يجد أنّ الصمت حلّاً يستطيع من خلاله أن يمرّر رسالته الغاضبة، وعندما يسأل المعلم التلميذ في مسألة ما فيصمت، فإنه غالباً ما يكون بسبب عدم معرفة الإجابة أو كنتيجة لخوفه وتردّده في الإجابة، وعندما يصرخ الوالد في وجه ابنه فيلتزم الصمت فإنه غالباً ما يكون تعبيراً على الخوف أو الاحترام والتقدير.
الصمت صورة عاكسة للواقع الإنساني:
يعتبر الصمت صورة عاكسة لطبيعتنا الإنسانية، بل أنّ الصمت أصبح سمة إيجابية تطلق على لغة جسد الأشخاص الذين نقوم بذكرهم على سبيل المدح، فالصمت لغة جسد يمكننا ان نستخدمها بأرقى شكل ممكن للدلالة على القبول أو الرفض، أو عدم المعرفة، وعلينا ألا ننكر بانّ الصمت يعبّر عن لغة جسد غامضة في بعض الأحيان وخاصة إذا ما كان الصمت مرافقاً للشخص الذي يتقمّصه طوال الوقت، فهنا يصعب تحديد لغة جسد ذلك الشخص بشكل صحيح.