انتقادات الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


عندما يلقي المرء نظرة فاحصة على النظريات الناجحة ولكن الخاطئة في قائمة الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس، فهل يرغب أي شخص في الإصرار على سبيل المثال على أن هذه النظريات على قدم المساواة مع نظرياتنا العلمية الحالية مع نفس مجال التطبيق؟ مما يستدعي النظر في أهم الانتقادات التي تطرق لها الواقعيين من علماء النفس.

انتقادات الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس

تتمثل انتقادات الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس من خلال ما يلي:

1- التقسيم والقوة

إذا كنا نفكر في الحِجَة المتشائمة بأنها ليست استقرائية ولكن كحِجَة لإزالة الضمانات وإذا كنا نعتقد أيضًا أن مصير النظريات الماضية يجب أن يكون له تأثير على ما هو مبرر لنا في قبوله الآن، يجب أن نفكر في هيكلها بشكل مختلف، فلقد جادل علماء النفس بأنه يجب علينا التفكير في الحِجَة المتشائمة كنوع من الاختزال والقوة.

تهدف بعض انتقادات الواقعيين من علماء النفس المتمثلة في التقسيم والقوة إلى تشويه سمعة الادعاء بوجود علاقة تفسيرية بين النجاح التجريبي وتشابه الحقيقة، والتي من شأنها أن تبرر وجهة النظر الواقعية القائلة بأن النظريات الناجحة الحالية شبيهة بالحقيقة، إذا نظرنا إلى التحدي التاريخي بهذه الطريقة أي كحِجَة محتملة لإزالة الضمانات، فإن السجل السابق للعلم يلعب دورًا فيه؛ لأنه يُقصد به تقديم مزيل الضمان هذا.

يتمثل التقسيم والقوة في وضع حِجَج جديدة تتضمن أن النظريات الناجحة حاليًا تشبه الحقيقة، وأنه إذا كانت النظريات الناجحة حاليًا تشبه الحقيقة، فإن النظريات السابقة ليست كذلك، حيث أنه ما كانت نظريات الماضي الخاطئة بشكل مميز ومع ذلك تعتبر ناجحة تجريبيًا، ومن ثم فإن النجاح التجريبي لا يرتبط بالتشابه مع الحقيقة ولا يمكن للتشابه مع الحقيقة أن يفسر النجاح فقد تم هزيمة الضمانة المحتملة للواقعي.

لا تعتبر النظريات السابقة شبيهة بالحقيقة من حيث مفاهيم التقسيم والقوة للنظريات الواقعية المختلطة؛ لأن الكيانات التي افترضوها لم يعد يُعتقد أنها موجودة أو لأن القوانين والآليات التي افترضوها ليست جزءًا من وصفنا النظري الحالي للعالم، في هذا السياق تبدو انتقادات الواقعية العلمية والتشاؤم الاستقرائي منطقية تمامًا.

ما لم تكن هناك نظريات سابقة ناجحة والتي تعتبر بشكل مضمون أنها ليست شبيهة بالحقيقة، لا يمكن الحفاظ على الفرضية العقلانية وتفشل إزالة الضمانات المختصرة للواقعية العلمية، إذا كان من الممكن إثباتها فلا يمكن استخدام النجاح لتبرير الادعاء بأن النظريات الحالية صحيحة، ومنها تم تقويض الصلة التفسيرية للواقعيين بين التشابه مع الحقيقة والنجاح التجريبي.

أصبحت الاستجابة الواقعية تُعرف باسم استراتيجية الفروق لدحض الحِجَة المتشائمة، حيث كان تركيز هذه الاستراتيجية على دحض الادعاء بأن حقيقة النظريات الحالية تشير إلى أن النظريات السابقة لا يمكن اعتبارها شبيهة بالحقيقة، للدفاع عن الواقعية كان الواقعيون بحاجة إلى أن يكونوا انتقائيين في التزاماتهم.

2- الانتقائية ووجود الفجوات

تتمثل إحدى طرق انتقادات الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس أن يكون الشخص انتقائيًا في التمييز بين المواقف العملية للنظرية، أي تلك المواقف النظرية التي تحدث بشكل كبير في المخطط التوضيحي للنظرية والوضعيات الافتراضية، أي الكيانات المفترضة التي يجب أن توجد على ما يبدو إذا كانت حالات المخطط التوضيحي للنظرية صحيحة.

هناك طريقة أخرى وهي التمييز بين الادعاءات النظرية التي تساهم بشكل جوهري أو لا ينفصم في توليد نجاحات نظرية وتلك الادعاءات التي تعتبر مكونات خاملة لم يكن لها أي مساهمة في نجاح النظرية، حيث أن الفكرة الأساسية هي أن النجاحات التجريبية لنظرية لا تدعم بشكل عشوائي جميع الادعاءات النظرية للنظرية.

بل يتم توزيع الدعم التجريبي بشكل مختلف بين الادعاءات المختلفة للنظرية وفقًا للمساهمة التي تقدمها لتوليد النجاحات، بشكل عام أجزاء من نظريات الماضي المهجورة ولإظهار أن الأجزاء الجيدة تلك التي تمتعت بدعم الأدلة، لم تكن مكونات خاملة وما شابه وتم الاحتفاظ بها في النظريات اللاحقة.

وتجدر الإشارة إلى أنه من الناحية المنهجية أوصت فجوة الانتقائية بأن التحدي التاريخي للواقعية لا يمكن مواجهته إلا من خلال النظر إلى النجاحات الفعلية للنظريات السابقة الناجحة، وإظهار أن تلك الأجزاء من النظريات السابقة، التي كانت تغذي نجاحات النظرية تم الاحتفاظ بها في النظريات اللاحقة وكانت المصطلحات النظرية التي كانت مركزية في النظريات السابقة ذات الصلة مرجعية.

في الواقع قدم بعض علماء النفس مؤخرًا اقتراحًا منهجيًا مفاده أنه إذا كان الهدف الوحيد للفرد هو التعامل مع تحدٍ تاريخي، فعندئذٍ يكفي أن يُظهر المرء أن الفرضيات التي تم التخلي عنها لم تكن كذلك، وهو ضروري للنجاح التجريبي للنظرية ذات الصلة، دون اتخاذ موقف في نفس الوقت فيما يتعلق بالفرضيات النظرية الأساسية.

3- انتقادات من الانتقال الواقعي

لقد تم الطعن في الانتقال الواقعي من الاستمرارية الموضوعية في النظرية أو التغيير إلى التشابه مع الحقيقة على أساس أنه لا يوجد استحقاق للانتقال من أي حفظ في المكونات النظرية يوجد في التغيير النظري إلى كون هذه المكونات تشبه الحقيقة، حيث أنه ضد هذه النقطة قيل إن الاستراتيجية الواقعية تسير على خطوتين.

الأول، هو جعل مطالبة الاستمرارية أو التقارب معقولة، أي لإظهار أن هناك استمرارية في تغيير النظرية في الادعاءات النظرية الموضوعية التي ظهرت في النظريات السابقة ولعبت دورًا رئيسيًا في نجاحاتها خاصة التنبؤات الجديدة التي تم دمجها في النظريات اللاحقة والاستمرار في لعب دور مهم في جعلها ناجحة تجريبيًا.

الحقيقة لكي يصبح هذا الادعاء معقولًا هناك حاجة إلى حِجَة ثانية أي أن ظهور هذه الشبكة المتطورة ولكن المتقاربة من التأكيدات النظرية يمكن تفسيرها على أفضل وجه بافتراض أنها إلى حد كبير تشبه الحقيقة، إذن في النهاية هناك استحقاق للانتقال من التقارب إلى التشابه مع الحقيقة، بقدر ما يكون التشابه مع الحقيقة هو أفضل تفسير لهذا التقارب.

كانت هناك نقطة مهمة أخرى وهي أن انتقادات الانتقال الواقعي لا يمكن أن تقدم دعمًا مستقلاً للواقعية لأنها مصممة خصيصًا لتناسب الواقعية، أي إنها حقيقة أن نفس النظرية الحالية تُستخدم لتحديد أجزاء النظريات السابقة التي كانت ناجحة تجريبيًا و أي الأجزاء كانت صحيحة تقريبًا تفسر الانطباع الخاطئ للواقعيين بأن هذه الأجزاء تتطابق.

مع التحليل النفسي للانتقال العقلاني فإن تقاربًا رجعيًا مثيرًا للإعجاب بين أحكامنا حول مصادر نجاح نظرية ماضية والأشياء التي حصلنا عليها حول العالم يكون مضمونًا فعليًا، إنها حقيقة أن بعض ميزات النظرية السابقة تبقى حية في وصفنا الحالي للطبيعة الذي يقود الواقعي إلى اعتبارها صحيحة والاعتقاد بأنها كانت مصادر نجاح أو فعالية النظرية المرفوضة.

لذا فإن التقارب الواضح للحقيقة ومصادر النجاح في النظريات السابقة يمكن تفسيره بسهولة من خلال حقيقة بسيطة مفادها أن كلا النوعين من الأحكام بأثر رجعي لهما مصدر مشترك في معتقداتنا الحالية عن الطبيعة.

في النهاية نجد أن:

1- الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس تتضمن العديد من الانتقادات من حيث وضع الحِجَج والفرضيات للنظريات القديمة والحديثة والخلط بين النظريات الصحيحة والكاذبة.

2- تتمثل انتقادات الواقعية العلمية والاستقراء المتشائم في علم النفس من حيث التقسيم والقوة، ومن حيث والانتقائية مع وجود الفجوات وتتضمن الانتقال الواقعي والعقلاني للنظريات العلمية.


شارك المقالة: