دقة الاستبطان في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعتبر علماء النفس أن ظاهرة دقة الاستبطان تشير لقدرة الفرد في معرفة نفسه ذاتيًا مع معرفة الأشخاص المقابلين له ومن حوله ذاتيًا أيضًا، حيث يستطيع الفرد قراءة أفكاره وأفكار الأشخاص المقابلين له ومن يتعامل معهم، مما يستوجب أن تكون عملية الاستبطان دقيقة بشكل غير قليل.

دقة الاستبطان في علم النفس

من المعقول أن نفترض أن لدى الأشخاص نوعًا من الوصول المميز إلى دقة الاستبطان في علم النفس من خلال بعض الحالات أو العمليات المعرفية العقلية، فعلى الأقل كل شخص يعرف عقله أو بعض الجوانب منه بطريقة مختلفة وأفضل مما يعرفه عن الآخرين من عقول الناس، وربما أيضًا بطريقة مختلفة وأفضل مما يعرفه عن العالم الخارجي.

وربما تنشأ هذه المعرفة المميزة من منظور الشخص الذي لديه المعرفة الذاتية من خلال شيء مثل الاستبطان في واحد أو أكثر من الحواس الموصوفة في الإدراك الحسي، حيث أنه مثلما توجد مجموعة متنوعة من الأساليب لاكتساب المعرفة أو الوصول إلى أحكام حول الحالات والعمليات العقلية للفرد، والتي تنطبق عليها تسمية الاستبطان بدقة أكثر أو أقل أو مثيرة للجدل.

هناك أيضًا مجموعة متنوعة من أشكال الامتياز والوصول مع أنواع مختلفة من الامتيازات والتي تنطبق عليها فكرة الوصول بدقة أكثر أو أقل أو متنازع عليها، وكما قد يتوقع المرء فإن طرق الاستبطان المختلفة لا تتوافق جميعها بشكل جيد مع الأنواع المختلفة من هذه الامتيازات.

أصناف الكمال في دقة الاستبطان في علم النفس

هناك العديد من أصناف الكمال التي ترتبط في دقة الاستبطان في علم النفس التي تتمثل في مفهوم العصمة وعدم الشك والعجز والإيحاء بالنفس، حيث يُنسب التقليد الفلسفي الجوهري في هذه الأصناف إلى العالم رينيه ديكارت نوعًا من الكمال المعرفي لبعض أحكامنا أو أفكارنا أو معتقداتنا أو معرفتنا على الأقل حول أذهاننا مثل العصمة أو عدم الشك أو الاستقامة أو التنبيه الذاتي.

عندما ننظر في مفهوم الحكم المرتبط في الفكر والاعتقاد بأن المعرفة تعود للفرد الذي يبحث عن أهم المعلومات التي تستهدف نظرية معينة، حيث أن أصناف الكمال في الاستبطان هي اقتراح يَنسب ذاتيًا حالة أو عملية عقلية، والحكم بأن الشخص قد يكون معصوم من الخطأ فقط في حالة، إذا أصدر هذا الحكم، فمن غير الممكن أن يكون خطأ.

يعتبر الاستبطان هنا دقيق وغير قابل للشك فقط في حالة إذا أصدرنا مفهوم الحكم الصحيح، فلا يمكننا الشك في حقيقة النظرية المعرفية مثلاً أنها غير قابلة للإصلاح فقط في حالة إصدار الحكم، فلا يمكن لأي شخص آخر إظهار أن ما نعتبر نحن صحيح بأنه خطأ، وإنه لإيحاء الذات إذا لم يكن من الممكن أن يكون الحكم صحيحًا دون وصولنا إلى الفكر والاعتقاد بأنه صحيح.

تعتبر أصناف الكمالية في دقة الاستبطان في علم النفس مثل العصمة وعدم الشك وعدم القابلية للإصلاح جميعها لها شكل إذا حكمنا الفكر والمعتقدات، في حين أن الإيحاء الذاتي له شكل إذا كان الاستبطان دقيق فيكون الحكم على أنه دقيق.

يستخدم علماء النفس الاستقامة للإشارة إلى العصمة على النحو المحدد في أصناف الكمال في دقة الاستبطان في علم النفس، بينما يستخدم آخرين بمعنى أكثر تحديدًا اشتقاقيًا لشيء مثل غير قادر على التصحيح إذا كانت المعرفة خطأ منذ البداية عند إصدار الحكم أو الفكر أو المعتقدات.

اشتهر ديكارت بتأييده لعدم الشك في دقة الاستبطان في علم النفس والذي يمتد أيضًا إلى حالات عقلية مثل الشك، والفهم، والتأكيد، ويبدو أن لديه تصورات حسية، حيث يبدو أيضًا أنه يدعي أن الفكرة أو التأكيد على الوجود في مثل هذه الحالات صحيح تمامًا، على الأقل إذا كان هذا الفكر واضحًا ومتميزًا، تبعه في هذا العديد من العلماء مثل العالم ديفيد هيوم.

في المقابل يبدو أن حسابات التكافؤ الذاتي والاكتشاف الذاتي في دقة الاستبطان في علم النفس للتأمل أو معرفة الذات تقف في حالة توتر مع أصناف الكمال وخاصة مفهوم العصمة، فإذا كان الاستبطان أو معرفة الذات ينطوي على عملية سببية من حالة عقلية إلى إسناد ذاتي متميز وجوديًا لتلك الحالة، فيبدو أنه مهما كانت مثل هذه العملية موثوقة بشكل عام، فهناك حتمًا مجال من حيث المبدأ للتدخل والخطأ.

الحالات الذهنية للتلميح الذاتي في دقة الاستبطان في علم النفس هي تلك الحالات التي إذا كان لدى شخص ما أو على الأقل شخص لديه القدرات الخلفية المناسبة، فإنه يعتقد بالضرورة أو يحكم أو يعرف ذلك، حيث أنه غالبًا ما يُنظر إلى الحالات الواعية على أنها توحي للذات بمعنى ما، من حيث أن مجرد امتلاكها ينطوي أو يتطلب أو يتضمن نوعًا من التمثيل أو الوعي لتلك الحالات.

ادعاءات الإيحاء الذاتي على عكس ادعاءات العصمة، وعدم قابلية الشك، وعدم القابلية للإصلاح من حيث أصناف الكمال في دقة الاستبطان في علم النفس، حيث أنه لا يتم تقديمها عادةً على أنها مزاعم حول الاستبطان، وقد يكون هذا بسبب أن المعرفة المكتسبة من خلال التنبيه الذاتي ستبدو ثابتة وتلقائية، وبالتالي تنتهك شرط الجهد عند الاستبطان.

ضمانات دقة الاستبطان في علم النفس

لقد جادل عدد من علماء النفس حول أشكال امتياز الشخص الذي يمتلك المعرفة الذاتية لنفسه وغيره التي تتضمن نوعًا من الضمان المعرفي، ليس فقط الدقة المشروطة كمسألة حقيقة تجريبية، ولكن شيء أقوى من ذلك دون احتضان العصمة أو عدم قابلية الشك أو عدم القابلية للإصلاح أو التنبيه الذاتي في أصناف الكمال لدقة الاستبطان.

على سبيل المثال يجادل بعض علماء النفس بأن معرفة الذات بحقائق نفسية معينة مثل أنا ألوح بذراعي أو أرى عصفور، عند الوصول إليها بالطريقة العادية بدون مساعدة، محصن ضد الخطأ من خلال التعرف الخاطئ على ضمير الشخص الذي يمتلك معرفة ذاتية بنفسه وبتفكير غيره، هذا على الرغم من أن المرء قد يكون مخطئًا في التلويح بذراعه مثلاً أو في رؤية العصفور، لا يمكن أن يكون المرء مخطئًا بسبب التعرف على الشخص الذي يلوح به عن طريق الخطأ أو العصفور.

يرى علماء النفس أن هذه الحصانة تنشأ لأنه لا توجد حاجة لتحديد الهوية في المقام الأساسي، وبالتالي لا توجد فرصة لسوء التعريف لدقة الاستبطان في علم النفس، في هذا الصدد يجادل المفكرين أن معرفة أن ذراعًا معينًا يتحرك هو ذراع الشخص نفسه ليس محصنًا من الخطأ في التعرف لأنه ربما يكون ذراع شخص آخ ، تم التعرف عليه بشكل خاطئ في المرآة مثلاً، وهذا يختلف عن المعرفة، مما يعرف بالنية في العمل.

جادل بعض علماء النفس أيضًا عن الاستحالة المفاهيمية للعمى الذاتي الاستبطاني فيما يتعلق بمعتقدات المرء ورغباته ونواياه ولأسباب مختلفة نوعًا ما آلامه مثلًا، حيث أن المخلوق الذي يعاني من العمى الذاتي سيكون مخلوقًا عقلانيًا لديه تصور للحالات العقلية ذات الصلة، ويمكنه أن يستمتع بفكرة أن لديه هذا أو ذاك المعتقد أو الرغبة أو النية أو الألم، ولكنه مع ذلك يفتقر تمامًا الوصول المتعمق إلى نوع الحالة العقلية المعنية.


شارك المقالة: