اقرأ في هذا المقال
- مفهوم الدعابة والفكاهة في علم النفس
- دور الدعابة والفكاهة في تنمية وتطوير المعرفة في علم النفس المعرفي
- دور الدعابة والفكاهة في التنمية والتطوير الاجتماعي
مفهوم الدعابة والفكاهة في علم النفس:
يرتبط مفهوم الدعابة والفكاهة في علم النفس ارتباطًا وثيقًا باللعب ففي الواقع يمكن اعتبار كل منهما شكلاً من أشكال اللعب الذهني، حيث أنه عندما ننخرط في الدعابة والفكاهة، فإننا نلعب بالكلمات والأفكار، بالمقارنة مع أشكال اللعب الأخرى، فإن الدعابة والفكاهة تنطوي على تشويه متعمد للواقع.
على سبيل المثال، قد يرتدي الطفل الذي يشارك في مسرحية تخيلية جادة حذاء والدته ذو الكعب العالي وعباءته المسائية ويضع أحمر الشفاه بطريقة تحاكي عن كثب سلوك الأفراد البالغين، من ناحية أخرى، في اللعب الدعابي الفكاهي، قد يرتدي الطفل أيضاً الفستان للخلف أي بالعكس، أو يرتدي الحذاء على يديه، أو يستخدم أحمر الشفاه لإعطاء نفسه وجه مهرج مضحك، من أجل إحداث تأثير مفاجئ وإثارة الضحك لدى الآخرين.
هذا التشويه للواقع هو جانب من جوانب التناقض والتباين، وهو سمة مميزة للفكاهة والدعابة على العموم، حيث أن هذا التعارض يشير إلى التناقض والتباين بين ما هو متوقع عادة من الشخص وما يتم اختباره بالفعل والقيام به.
دور الدعابة والفكاهة في تنمية وتطوير المعرفة في علم النفس المعرفي:
للتعرف على التناقض الفكاهي الدعابي والتمتع به، يجب أن يكون لدى الأفراد وخاصة الأطفال أولاً فهم لما هو طبيعي حقيقي أو ما هو متوقع منهم القيام به، وبالتالي فإن تطور الفكاهة أو الدعابة خلال الطفولة يوازي التعقيد المتزايد للبنى المعرفية ويعكس تطورًا متزايدًا في اكتشاف التناقض.
يظهر الضحك لأول مرة عند الرضع بعمر 4 أشهر، من ثم خلال العامين الأولين من الحياة، يركز الكثير من فكاهة الأطفال على مراقبة وتنفيذ أشكال مختلفة من التناقض البصري والسلوكي، مثل لعبة الدغدغة والمطاردة، ومنها يضحك الأطفال في هذا العمر أيضًا على التصرفات غير اللائقة للأشخاص أو الحيوانات أو الأشياء المحيطة، مثل تعبيرات الوجه أو الصوت المبالغ فيها أو رؤية كلب يرتدي قبعة.
في وقت لاحق عندما يبدأ الأطفال في تطوير مهاراتهم وقدراتهم اللغوية التي تتضح من خلال الكلام، يبدأون في الضحك على الاستخدامات المتضاربة للغة والحديث، مثل اللعب الصوتي على سبيل المثال.
بحلول سن الرابعة من العمر، يبدأ الأطفال عادةً في الاستمتاع بالتناقض الدلالي، والذي يتم التعبير عنه غالبًا في شكل ألغاز عندما يصلون إلى سن المدرسة الابتدائية، تتضمن روح الدعابة والفكاهة الخاصة بهم تناقضًا مفاهيميًا، مثل قول النكات التي تتضمن معانٍ متعددة.
بعدها في مرحلة المراهقة تنعكس قدرات ومهارات الأشخاص المتزايدة على التفكير المجرد والمنطق الرسمي في أشكال أكثر تعقيدًا وصعوبة من الفكاهة أو الدعابة مثل الهجاء والسخرية، حيث يعتقد العديد من الباحثين أن الدعابة، مثل اللعب بشكل عام تؤدي وظيفة مهمة في تعزيز التطور المعرفي واللغوي من خلال تمكين الطفل من ممارسة وتعزيز المهارات المكتسبة حديثًا.
دور الدعابة والفكاهة في التنمية والتطوير الاجتماعي:
الفكاهة لها أيضًا وظائف اجتماعية مهمة، حيث أنها تعتبر طريقة مفيدة لمشاركة المرح وتكوين الروابط بين الأصدقاء، ومع ذلك يمكن استخدامها أيضًا بطرق عدوانية على سبيل المثال، من خلال المضايقة والفكاهة أو الدعابة المزعجة، وغالبًا ما تكون الفكاهة وسيلة لتحديد وتعزيز قواعد المجموعة من خلال إيصال ما هو مقبول وما هو غير مقبول، والسخرية من الأشخاص المختلفين.
غالبًا ما يميل الأطفال ذوو حس الفكاهة والدعابة القوي إلى أن يكونوا أكثر عدوانية وهيمنة من أقرانهم الأقل روح الدعابة في الوقت نفسه يميلون هؤلاء الأطفال أيضًا إلى أن يكونوا أكثر إبداعًا وابتكاراً، وطلاقة في الكلام والحديث، وثقة بالنفس والذات، ومنفتحين أكثر، وكفاءة اجتماعية وبالتالي، يمكن توجيه روح الدعابة والفكاهة إما نحو غايات تيسيرية اجتماعية أو عدوانية.
الفكاهة هي أيضًا طريقة مهمة للتعامل مع القلق والتوتر، من خلال الضحك والمزاح بشأن شيء يحتمل أن يمثل تهديدًا صريحاً، حيث يمكن أن يكتسب المرء إحساسًا بالسيطرة عليه، ومنها فقد يُنظر إلى تمتع الأطفال الصغار بروح الدعابة في اللعب والنكات للمراهقين على أنها طرق للتعامل مع القلق وانعدام الأمن المتعلق بالوظائف الجسدية والنمو الجسدي.
طوال حياتنا بجميع مراحلها تستمر الفكاهة والدعابة في كونها آلية مهمة للتعامل مع التوتر والشدائد المتباينة، وهكذا على الرغم من مظهرها التافه لنا، فيمكننا القول أنها تلعب الفكاهة والدعابة دورًا مهمًا في أدائنا المعرفي والاجتماعي والعاطفي.