التغيرات التي يتعرض لها المراهق
إنّ التَّغيّرات التّي يتعرّض لها المراهق تُولّد عندهُ الكثير من الأُمور التي يرغب بتحقيقها، وبالتالي يواجهُ الكثير من الضوابط والحدود والضغوطات التي يفرضها المجتمع والصّراعات المُترتّبة عليها، بالنّظر إلى ذلك يتوجّب على الأكبر سنّاً في حياة المراهقة إحاطتهِ بالحُبِّ والاهتمام واستيعاب جميع مشاكله وتفهُّمها، فهو بحاجَة إلى التوجيهِ والإرشاد المُستمرِّ من غير جرح مشاعرهِ وكيانهِ واستقلالهِ.
تبدأ مرحلة المراهقة غالباً عند انتهاء مَرحلة الطفولة المُتأخّرة تقريباً من سنِّ الثالث عشر وحتى سنِّ الثامن عشر، وقد تمتدّ إلى عمر الواحد والعشرين.
الفرق بين البلوغ والمراهقة
إنّ الفرق بين البلوغ والمراهقة هو أنّ المُراهقةَ سلسلة من التَّغيّرات التي تحدث بشكلٍ مُتدرّج في جميع النّواحي الجسميَّة والنّفسية والعقلية والاجتماعيّة التي تصل في نهايتها إلى النّضج، أمّا البلوغ فهو اكتمال النّموّ البيولوجي والفيسيولوجي بمعنى نضج الوَظائف الجنسيّة، وتبدأ الأجهزة التناسليّة بإفراز الهرمونات الجنسيّة للمراهق، فيُصبح جسم المُراهق الذكر أو الأنثى قادراً على التّكاثر، وإنّ البلوغ هو سمةٌ من سمات المُراهقة وأوّل وأبرز علاماتها وأول دلالة عليها.
مرحلة المراهقة عند الفتيات
تتعرّض الأُنثى إلى الكثير من التَّغيُّرات الجسديّة ممَّا يؤثّر بشكل كبير على الحالة النفسيَّة التي تتعرَّض لها الفتاة المراهقة، وتحدُث التّغيُّرات على جميع المجالات والمظاهر النّمائيَّة للأنثى، وتكون التّغيُّرات الجسميّة للإناث أكثر بكثير تغيُّرات جسم الذكور.
التغيرات الجسمية للفتاة
يُعدُّ النّموُّ الجسمي من أهمِّ العلامات التي تُميِّز مرحلة المُراهقة عن غيرها من المراحل العمريّة الأُخرى للفتاة، إذ تمتاز بسرعتها النّمائية وظهور علاماتها بشكل مُتفاوِت، وتبدأ الغدة النّخامية في الدّماغ بتنشيط عمل الغدد الجنسيّة؛ لتبدأ مَرحلة التكامل الأُنثوية عند الفتاة، وتبدأ الأعضاء التّناسليّة بأداء عملها عن طريق إفراز الهرمونات وتظهر حالة الحيض (الدورة الشهرية) لأوّل مرّة كأول علامة من العلامات الخاصة بالنّمو التام للجهاز التّناسلي، وبدء عمل المبايض في الرَّحم.
بالإضافة إلى النّمو العضوي السّريع من زيادة في الوزن والطول، وبروز الثديين مع ظهور الشَّعر في بعض أجزاء الجسم، ويستمرّ نموّ المراهقة بشكل سريع في المراحل الأولى، وتقلّ سرعتهُ تدريجيّاً ما بين عمر الثامنة عشر والواحد والعشرين، نظراً للنّشاط الهرمونيِّ.
وقد تظهر بعض حبوب الشّباب على وجه المُراهقة وتختلف هيئتها الجسمية ممّا يدفعها إلى شدَّة الاهتمام بنفسها وبجسدها وحساسيتها تجاه أيّ نقد أو مُقارنة قد توجّه لها، وتظهر حاجاتها للتَّكيُّف مع هذه التَّغيُّرات بالتالي يتطلَّب ضرورة الحصول على النّوم الكافي، والراحة، والتّغذية السليمة، والاستجابة السليمة من قبل الأهل لكلّ هذه التَّغيُّرات التي تحدث؛ إذ يؤثّر ذلك بشكل إيجابي أو سلبيٍّ على اتّجاهات المُراهقة ومفهومها لذاتها وسلوكيّاتها الاجتماعية.
التغيرات الانفعالية للفتاة
إنّ الانفعالات في هذه المرحلة مُندفعة وغير متّزنة، وقد يكون مبالغ فيها ولا تَتناسب مع الموقف المُسبّب، ولا يَستطيع المراهق التَّحكُّم بالموقف، ويظهر التّناقض في الانفعالات تجاه نفس الموقف أو نفس الشخص فتظهر ازدواجيّةُ في المشاعر بين مشاعر الحُبِّ والكُره والخوف والتَّهوّر والشجاعة، أو التديّن الزائد أو الحماس واللَّامُبالاة.
كما يتّجهُ المُراهق إلى تكوين شخصيّه مُستقلّة انفعاليّاً بعيداً عن المؤثّرات الانفعالية النفسيّة للوالدين والأهل والأقارب، بالإضافة إلى انغِلاق الذَّات والانطوائيّة والشّعور بالخَجل، وتَذبذُب الانفعالات تجاه التّغيرات الجسدية وكيفية التّكيف معها، ويتصاحب مع كلّ هذا شعور المُراهق بالذّنب تجاه الأفكار الجديدة التي قد تطرأ على تفكيرهِ.
وقد يظهر عليهِ بعض التَّردُّد وتدنّي ثقتهِ بنفسهِ، ويصل إلى استعمال خياله كوسيلة للتنفيس الانفعالي النَّفسِيِّ في أن يعيش ما يَرغب في تحقيقه حتى لو كان مُستحيلاً، وتعويضهُ لنقصِه الذي يشعر بهِ تجاه نفسهِ وحلّ المشاكل والعقبات التي قد يواجهها، وتعيش الفتاةُ المُراهقة حياةً عاطفيّةً يملؤُها العطاء والتّضحية ولفت الانتِباه والحساسيِّة المُفرطة تجاه المُثيرات، ويجب التّعامل مع الفتاة المُراهقة بشكل متّزن ومُتعاطف، واحتواء الانفعالات الصّادرة بشكل مُتفهّم؛ لِما في ذلك من الأثر الكبير في تركيب الصّورة النهائيّة لشخصيّة الفتاة في نهاية هذه المرحلة.
التغيرات الاجتماعية للفتاة
تّرتبط التّغيرات الاجتماعيّة للمُراهق بالتّنشئة الاجتماعيّة السليمة في مراحلهِ العمرية الأولى، فينشأ مُراهقٌ متّفقٌ مع الجماعة سواء داخل الأسرة أو خارجها إذ يَكتسب السّلوك الاجتماعي من خلال تَعاملاتهِ وتفاعُلاتهِ مع المجتمع كلّما اتَّسعت دائرة المعارف لديهِ يتعرّض للكثير من المواقف الاجتماعيّة المُختلفة التي يجب عليهِ الاستجابَة لها بشكل سليم.
ويتدرّج النّموّ الاجتماعي من خلال التّجارب الشخصيَّة للمُراهق، فيظهر وبشكل واضح وصريح اهتمام الفتاة بمظهرها الشّخصيِّ من خلال ارتداء الملابس المُلفتة للأنظار، أو تقليدها لشخص حولها سواء في المظهر أو التَّصرّفات، أو تقليدها للشخصيّات المُهمَّة والمعروفة.
وقد يظهر اهتمامها بالجنس الآخر بالإضافة لنموّ القيم والمعتقدات والمعايير الاجتماعية وتَميل إلى عمل الخير ومُساعدة الأصدقاء ومشاركة أصدقائها انفعالاتهم وإبداء التّعاطف معهم، وتُحاول المُراهِقةُ في هذه المرحلة تكوين علاقتها الاجتماعيّة المُستقلّة والخُروج من دائرة الأسرة ومعارفهم، والتَّوسُّع في مُشاركة الأفكار والخِبرات مع أصدقائها، وتكون اختيارها لهم حسب المُيول والاهتمامات المُشتركة بينهم.
التغيرات العقلية للفتاة
إنّ نموّ القُدرات العقليّة وتطوّرها يظهر بشكل ملاحظ في هذه الفترة، كما تظهر الفُروق الفرديّة بين المُراهقين في قدراتهم الخاصّة حسب المهارة الخاصة بهم والذّكاء اللَّذين يتميّزون فيهِ عن غيرهم، فواجب أولياء الأمور والمُدرسين ملاحظة هذه الفروق، وذلك لتهيئة الفرص المُناسبة لرفع كفَاءة كلّ فرد حسب المجال الذي يتميّز فيهِ.
إنّ الوظائف العقليّة تكوِّن قدرة المُراهق على التَّذكّر ويَستطيع استعمال خياله المجرَّد بالاعتماد على الألفاظ لا أكثر، بالإضافَة إلى نموّ وتطوّر مهارات التَّفكير العُليا مثل التّحليل والتّركيب، ويصبحُ إدراكه للمفهوم المجرّد عالٍ مثل الزَّمن والمُستقبل وقدرة التّخطيط لهُ، وتزيد قدرتهُ على الانتباه مُقارنة مع مَراحلهِ العمريّة الأولى فيكون انتباهه أفَضَل حسب طول مدّة الانتباه أو حسب مدى صعوبة الموضوع الذي يُثير انتباهَه، ويقوم المُراهق بتَصنيف نفسِه ومُقارنتها مع من حوله في المجتمع فيكتشف تميُّزهُ في مجال مُعيَّن.