ضعف تقدير الذات

اقرأ في هذا المقال


هناك أشياء يمكننا السيطرة عليها وأخرى لا يمكننا ذلك، وهذه هي الحقيقة التي علينا أن نتقبلها، ويرجع ضعف تقدير الذات إلى التأثير المتراكم بسبب سوء معاملة الآخرين ﻷحدنا في موقف بذاته، وخصوصاً إذا كان من قريب أو صديق عزيز، فنجد أنّ حلّ الشكلة يكون فيما مضى من مواقف.

مفهوم ضعف تقدير الذات

يشير ضعف تقدير الذات إلى انخفاض الشعور بقيمة الذات أو الإحساس بعدم القدرة على مواجهة التحديات. الأشخاص الذين يعانون من ضعف تقدير الذات غالبًا ما يشعرون بأنهم غير قادرين على النجاح أو أنهم لا يستحقون الحب والاحترام. هذا الشعور الداخلي قد ينجم عن تجارب سلبية سابقة أو نمط تفكير متشائم.

كيف نغير طريقة تفكيرنا

لا يمكننا أن نغيّر الماضي، ولكن من الممكن تغيير الطريقة التي ما زال يؤثر بها علينا، فمن الضروري ترك الماضي وراء ظهورنا، وأن ندرك أنّه لا يمكننا أن نتحكّم بالآخرين أو بالطريقة التي يتعاملون بها معنا.

ولكن يمكننا أن نتحكّم في ردّأت أفعالنا تجاههم، فلا يستطيع أحد أن يغضبنا أو يضايقنا، ولا يستطيع أحد أن يشعرنا بعدم الأهمية أو بالدونية، إلّا إذا سمحنا له بذلك وساعدناه على هذا العمل، أي لا يستطيع أحد أن يؤثر على أرائنا أو عواطفنا ما لم نسمح له بذلك.

علينا أن نأخذ عهداً على أنفسنا، بأن لا نسمح ﻷحد بعد الآن أن يتحكّم في حياتنا أو في ردّات أفعالنا تجاهه، أو تجاه الأحداث والأفعال التي يقوم بها، وأن نمسك وحدنا بزمام الأمور تجاه الأمور التي تخصّنا، وأننا وحدنا من نختار الطريقة التي نمارس بها حياتنا.

وهذا لا يتطلّب تغييراً جوهرياً في شخصياتنا، وإنّما علينا الالتزام التام بإلقاء الماضي وراءنا، وأن ننسى المرات التي تمَّ معاملتنا بها بطريقة سيئة من قبل الآخرين، وأن نفكّر في المستقبل بعيداً عن تجارب الماضي الفاشلة.

أسباب ضعف تقدير الذات

  • تجارب الطفولة السلبية: تلعب الطفولة دورًا كبيرًا في تشكيل تقدير الذات. التعرض للنقد المستمر، المقارنة مع الآخرين، أو نقص الدعم العاطفي من قبل الأهل أو البيئة المدرسية يمكن أن يؤدي إلى تكوين صورة سلبية عن الذات منذ سن مبكرة.

  • التنمر والتمييز: التعرض للتنمر أو التمييز بسبب المظهر أو القدرات أو الخلفية الاجتماعية يمكن أن يترك أثرًا طويل الأمد على الثقة بالنفس. هذه التجارب قد تجعل الشخص يشعر بأنه غير مقبول أو أقل شأنًا من الآخرين.

  • التوقعات العالية أو المستحيلة: عندما يضع الشخص أو المجتمع توقعات عالية يصعب تحقيقها، قد يشعر بالفشل المستمر إذا لم يتمكن من الوصول إلى تلك التوقعات. هذا يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات والشعور بعدم الكفاءة.

  • الفشل المتكرر: التجارب المتكررة للفشل في مجالات مختلفة، سواء كانت أكاديمية، مهنية، أو اجتماعية، قد تترك الشخص بشعور دائم بأنه غير قادر على النجاح، مما يؤثر سلبًا على تقدير الذات.

  • الضغوط الاجتماعية والإعلامية: الضغوط الناتجة عن الإعلام الاجتماعي ومعايير الجمال أو النجاح التي تفرضها وسائل الإعلام تجعل الأفراد يقارنون أنفسهم بالصور المثالية التي يرونها، ما قد يؤدي إلى الشعور بعدم الرضا عن الذات.

تأثيرات ضعف تقدير الذات

  • التأثير النفسي: ضعف تقدير الذات يمكن أن يؤدي إلى مشكلات نفسية مثل القلق، الاكتئاب، والتوتر المزمن. قد يشعر الشخص بأنه غير قادر على تحقيق أهدافه أو أنه لا يستحق السعادة، مما يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية.

  • التأثير الاجتماعي: قد يتجنب الأشخاص الذين يعانون من ضعف تقدير الذات التفاعل الاجتماعي أو إقامة علاقات جديدة خوفًا من الرفض أو النقد. هذا يمكن أن يؤدي إلى العزلة الاجتماعية وصعوبة بناء علاقات صحية ومستدامة.

  • الأداء المهني والأكاديمي: في كثير من الأحيان، يؤثر ضعف تقدير الذات على الأداء في العمل أو الدراسة. قد يشعر الشخص بأنه غير قادر على النجاح أو أنه لا يستحق التقدير المهني، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية أو الإحجام عن السعي نحو التقدم.

  • التردد في اتخاذ القرارات: الأشخاص الذين يعانون من ضعف تقدير الذات قد يجدون صعوبة في اتخاذ القرارات بسبب الخوف من الفشل أو الشعور بعدم الثقة في قدرتهم على اتخاذ الخيارات الصحيحة.

طرق التعافي من ضعف تقدير الذات

  • تحديد الأفكار السلبية وتحديها: من المهم أن يبدأ الشخص بتحديد الأفكار السلبية التي تسيطر على تفكيره بشأن نفسه، مثل “أنا لست جيدًا بما فيه الكفاية” أو “لا أحد يحبني”. بعد تحديد هذه الأفكار، يمكن للشخص أن يبدأ في تحديها من خلال البحث عن أدلة تدحض هذه الأفكار ومحاولة استبدالها بتفكير إيجابي وواقعي.

  • التوقف عن المقارنة بالآخرين: المقارنة بالآخرين هي واحدة من أكبر مسببات ضعف تقدير الذات. كل شخص يعيش تجارب وظروفًا مختلفة، لذا من المهم أن يركز الفرد على رحلته الشخصية وتطوره بدلاً من مقارنة إنجازاته بإنجازات الآخرين.

  • ممارسة الرعاية الذاتية: الاهتمام بالنفس والعناية بالصحة الجسدية والنفسية يعزز من تقدير الذات. الأنشطة التي تساعد على تحسين الحالة النفسية، مثل الرياضة، التأمل، والنوم الكافي، يمكن أن تحسن من الشعور العام بالثقة والقدرة.

  • تحقيق النجاحات الصغيرة: تحديد أهداف بسيطة وقابلة للتحقيق يمكن أن يكون وسيلة فعّالة لتعزيز تقدير الذات. كل نجاح، مهما كان صغيرًا، يساهم في بناء الثقة بالنفس والشعور بالإنجاز.

  • طلب الدعم من الآخرين: قد يكون من المفيد مشاركة مشاعر ضعف تقدير الذات مع شخص موثوق به، سواء كان صديقًا أو فردًا من العائلة. الدعم الاجتماعي يمكن أن يوفر التشجيع والتأكيد على القيمة الذاتية، كما يمكن أن يكون اللجوء إلى معالج نفسي خطوة فعالة للحصول على المساعدة المتخصصة.

  • تعلم مهارات جديدة: السعي لتعلم مهارات جديدة أو تطوير القدرات الشخصية يساهم في تعزيز الثقة بالنفس. كلما تعلم الشخص شيئًا جديدًا أو اكتسب مهارة جديدة، يشعر بتحسن في قدرته وكفاءته الشخصية.

ضعف تقدير الذات هو مشكلة شائعة قد تؤثر على حياة الأفراد بطرق متعددة، ولكن من الممكن التغلب عليه من خلال تطبيق استراتيجيات محددة والعمل على تحسين الصورة الذاتية. مع التحلي بالصبر والمثابرة، يمكن لأي شخص تعزيز ثقته بنفسه وتحقيق توازن نفسي وصحي في حياته، مما يساهم في تحقيق النجاح والسعادة على المدى الطويل.


شارك المقالة: