اقرأ في هذا المقال
- الذكاء من الناحية العضوية
- الذكاء من الناحية الاجتماعية
- الذكاء من الناحية السلوكية والنفسية
- علاقة الذكاء بالعادات من الجانب التأويلي الغير وراثي
- العادات العقلية ومصادر الذكاء الحركية والحسية
لكي نستطيع أن نكوّن معنى دقيق للذكاء سنعالجه من ثلاثة نواحي وهي: الناحية العضوية والناحية الاجتماعية والناحية السلوكية والنفسية، وسيتم ربطه بتكوين وتشكيل العادات من كل جانب هذه الجوانب.
الذكاء من الناحية العضوية
تعني الناحية العضوية أنّ قدرة نمط محدد من السلوكيات الكامنة في البنية الجسمية للكائنات الحية، أي أنّ كل كائن حي يقوم بأداء أنماط محددة من السلوكيات حسب بنيته الجسمية، ويعتبر الكائن الحي ذكيًا إذا كان يستعمل هذه الإمكانيات في المواقف التي تتطلب منه استخدامها، وتكون بهذا المعنى هذه القدرة الجسمية موروثة بمعنى أنّها تحتوي تواجد فروقات في قوة الاستخدام لهذه القدرات بين جميع الكائنات الحية من الجنس ذاته، فنحن نلاحظ أنّ كل الحيوان لديه القدرة على إجراء بعض الأعمال، كما لديه القدرة على تعديل بعض سلوكياته الغريزية التي ورثها من نوعه.
كما نلاحظ أيضًا أنّه كلما زاد تعقيد الكائن الحي زادت قدرته على تعلم الأعمال الجديدة والتصرف في المواقف الجديدة، ومن الممكن استخدام بنية الجهاز العصبي وتعقيد بنيته أساسًا لتعقيد الكائنات الحية، حيث كلما كان الجهاز العصبي ذو بنية تعقيديه كاملة من الجانب العضوي يصبح الكائن الحي قادر على القيام بسلوكيات أكثر تنوعًا وذو أنماط مختلفة أكثر، وهذا يظهر جليًا بالأنماط السلوكية المتنوعة والمختلفة للإنسان ذو الجهاز العصبي الكامل التعقيد.
وهكذا حاول علماء النفس الفسيولوجي من أمثال بيترسون أنهم قاموا بتعريف الذكاء على أنّه عبارة عن قدرة نمط محدد من السلوكيات الكامنة في البنية الجسمية للكائنات الحية، وكذلك هو عبارة عن أداة بيولوجية تعمل على توحيد النتائج من مختلف التأثيرات المتشابكة ونقل أثرها في السلوك المحدد.
الذكاء من الناحية الاجتماعية
في هذا الجانب يعد الذكاء مرتبطًا بعدة عناصر تنتج عن التفاعل والترابط والتنظيم الاجتماعي ضمن العديد من البيئات المختلفة، وقد تسمى هذه العوامل والعناصر أيضًا بالنظم الاجتماعية، بيد أنّها تتكامل جميعًا فيما يسمى بالثقافة العامة، وقد حاول بعض العلماء البرهنة أنّ الفروق في الأداء يعود إلى العوامل الاجتماعية والعوامل الناتجة عن حضارات الأمم المتقدمة.
الذكاء من الناحية السلوكية والنفسية
يرى علماء النفس أنّ الذكاء نمط السلوك المعقد والمتعدد ومتغير بتغير المواقف والذي يحدده نوع معين من الاختبارات، والواقع أنّ تعريف الذكاء من علماء النفس تمت معرفته عن طريق مظاهره وليس عن طريق العوامل
الداخلية فيه، ولكن في الاتجاه السيكولوجي يدخل في صلب الذكاء نفسه وبمظاهره والعوامل الداخلة في تركيبه، وهذه الناحية فسرت الذكاء بطريقة موضوعية أفضل من الناحيتين العضوية والاجتماعية فهي تعتبر عوامل مؤثرة على الذكاء.
ليس هناك شيء أكثر أهمية من التعرف وبشكل مستمر على العلاقة التي تربط الذكاء وتكوين العادات ومن المقارنة بين مختلف الحلول المطروحة لهاتين المسألتين ففرضياتهما واحدة (حيث إنّ الذكاء يكمل الأجهزة التي تشكل نهايتها العادات) فنجد ما يختبئ بالعادات من ترابطات وراثية وتصورية، ومن وجهة نظر العلاقة بين الذكاء والعادات فإنّ العادة تعد حدثاً أوليًا يفسر الذكاء، أما من وجهة نظر المحاولات والأخطاء ترجع العادة إلى نوع من نهاية الحركات المختارة بعد محاولة تجريبها وهنا يتميز الذكاء، أما تكيف السلوك فيعتبر الذكاء نوعًا من التوازن المتعلق بالنشاط التكيفي إياه مما تشكل العادة أشكاله البدائية.
علاقة الذكاء بالعادات من الجانب التأويلي الغير وراثي
أما فيما يختص بالتأويلات غير الوراثية لعلاقة الذكاء بالعادات فأنّه نجد من جديد ثلاث أمزجة وهي:
1- ملائمة المذهب الحيوي.
2- المذهب القبلي.
3- وجهة نظر الشكل.
أي العادة المشتقة من الذكاء والعادة غير المرتبطة بالذكاء والعادة التي تفسر على أنّها ذكاء، وهنا المسألة الوحيدة التي تهمنا هي من ناحية العلاقة بين العادة والذكاء هي أن نتأكد أولًا مما إذا كانت كلا من الوظيفتين مستقلة، ومن ثم إذا كانت كل الوظيفتين مستقلة ومن ثم إذا كانت الواحدة منها مشتقة من الأخرى، وأخيرًا عن أي شكل من أشكال التنظيم المشتركة تنبثق بدرجاتها المختلفة من أهداف تفسير النظرية (المدرسة القبلية للعمليات الذهنية) أن تنفي عنها كل صلة مع العادات.
طالما أنّ العمليات الذهنية تنبثق من بنية داخلية مستقلة عن التجربة في حين تكتسب العمليات الذهنية بواسطة احتكاكها بالعادات، وإذا أجرينا في الواقع عملية استبطان لهذين النوعين من الحقائق في الخطوات النهائية لها فيظهر لنا أنّّ في اختلافهما تبدو العلاقة عميقة في حين تبدو سطحية في تشابههما، وذكر دولا كروى أنّ في حالة إجراء تطبيق حركة عادية ضمن ظروف متجددة يبدو أنّها تتضمن نوعًا من الشمولية، ولكن عند جعلها بشكل لا واعي يحل الذكاء محل إحدى الشموليات المختلفة تمامًا مما ينتج عن خيارات متعددة وعن تفهم، وهذا صحيح كليًا كلما تعمقنا في نشوء العادة لكونها متناقضة لممارستها اللاإرادية استنتجنا تشابك النشاطات التي تعمل في البداية.
العادات العقلية ومصادر الذكاء الحركية والحسية
من ناحية ثانية إذا عدنا إلى الوراء إلى مصادر الذكاء الحركية والحسية نهتدي إلى مضمون التعليم بالإجمال أنّه ضروري، إذن قبل استنتاج هذين النوعين من البيانات أن نتسائل أثناء تميزنا العامودي بين سلسلة التصرفات ذات الدرجات المتباينة وأن ننتبه أفقياً إلى درجة حداثتها ونهايتها، وإذا لم يكن نوع من الاستمرارية بين الترتيبات القصيرة المدى والجامدة نسبيًا والتي أطلقنا عليها عادات وبين الترتيبات طويلة المدى والأبعد مسافة وذات التحرك الأكبر والتي تميز الذكاء، وهو ما لاحظه تمامًا العالم بوتنجيك الذي حلل تكوين العادات الغرائزية الفطرية عند الحيوانات اللافقارية بوجه خاص، حيث كلما أجاد في اكتشاف تشابك العناصر للعادة ازداد ميله من جعل الترتيبات الخاصة بالعادات تابعة للذكاء وملازمة للجسم.
تفترض العادة دومًا العلاقة بين الوسيلة والهدف فالتصرف ليس سلسلة من الحركات المترابطة بشكل آلي، بل نتيجة نحو الاكتفاء معين مثل لمس الطعام أو التحرر، وإذا أردنا أن نعطي الحق لبونتجيك بتشابك الأكثر بساطة بين الحاجة والاكتفاء لكونها مصدر وليست نتيجة لتفاعل الترابطات فأننا نستعجل في تفسير الذكاء المطروح على أنّه حدوث أولي، وتقود هذه الفرضية إلى سلسلة من الصعوبات المطابقة تمامًا لتلك الموجودة في التحليل المقابل الخاص بالإدراك الحسي، فالعادة كالإدراك الحسي غير قابلة للانعكاس لأنها متجه ذات اتجاه واحد دومًا نحو النتيجة إياها، في حين أنّ الذكاء قابل للانعكاس.
فإذا تعلمنا عادة ما مثل الكتابة المقلوبة أو من اليمين إلى الشمال فأنّها تؤدي إلى نشوء عادة جديدة، حيث أنّ عملية الذكاء عكسية تفهم من الناحية السيكولوجية لدى فهم العملية المباشرة، ومن ناحية أخرى فإنّ الفهم العقلي لا يغير إلّا قليلًا من الإدراك الحسي حيث أنّ المعرفة لا تؤثر بتاتًا على الوهم، كذلك الإدراك الحسي الأولي لا يصبح بالمقابل عملية ذكاء، أي وفي نفس الوقت لا يغير الذكاء إلّا قليلًا من العادة المكتسبة، وخصوصًا أنّ نمو الذكاء لا يتبع وبصورة مباشرة تكوين العادة.