على الرغم من حقيقة أن العواطف تؤثر على كل قرار نتخذه والطريقة التي نرى بها العالم، لا يزال هناك الكثير من الغموض الذي يكتنفه؛ بسبب وجود هذه المشاعر، بحيث يستمر البحث عن العواطف في استكشاف أسباب هذه المشاعر وكيف تؤثر هذه المشاعر علينا.
مفهوم العاطفة في علم النفس:
غالبًا ما يتم تعريف العاطفة في علم النفس بأنها وضعية صعبة ومركبة من الشعور وينتج عنها تغيرات بدنية ونفسية تؤثر على التفكير والتصرف، وترتبط العاطفة بالعديد من المفاهيم النفسية، بما في ذلك المزاج والشخصية والمزاج والتحفيز، وفقًا للمؤلف ديفيد جي مايرز، تضم المشاعر الإنسانية، والاستثارة الفسيولوجية والسلوكيات التعبيرية والتجربة الواعية.
تمارس العاطفة في علم النفس قوة هائلة بشكل لا يصدق على السلوك البشري، بحيث يمكن أن تدفع هذه المشاعر القوية إلى اتخاذ إجراءات قد لا يؤديها الشخص عادةً أو لتجنب المواقف التي يستمتع بها.
والعاطفة في علم النفس هي حالات بيولوجية مرتبطة بجميع الأجهزة العصبية وناجمة عن تغيرات فسيولوجية عصبية مرتبطة بشكل مختلف بالأفكار والمشاعر والاستجابات السلوكية ودرجة من المتعة أو الاستياء، ولا يوجد حاليًا إجماع علمي على التعريف، وغالباً ما العواطف تتشابك مع المزاج والشخصية، والتصرف والإبداع والدافع.
وزادت البحوث على العاطفة بشكل كبير في الماضي مع العديد من النواحي المتنوعة، بما في ذلك علم النفس، وعلم الأعصاب، وعلم الأعصاب العاطفية، وعلم الاجتماع من العواطف، وإن النظريات العديدة التي تحاول شرح أصل العواطف وعلم الأعصاب والخبرة ووظيفة المشاعر قد عززت فقط المزيد من البحث المكثف حول هذا الموضوع.
تؤثر العاطفة في علم النفس على طريقة ترميز واسترجاع ذكريات السيرة الذاتية، بحيث يتم إعادة تنشيط الذكريات العاطفية بشكل أكبر، ويتم تذكرها بشكل أفضل ويتم تكريس المزيد من الاهتمام لها، ومن خلال تذكر إنجازاتنا وإخفاقاتنا السابقة في الماضي تؤثر ذكريات السيرة الذاتية على كيفية إدراكنا وشعورنا تجاه أنفسنا، أي أنها ترتبط وتؤثر في الذاكرة.
حالاتنا العاطفية هي مزيج من الاستثارة الفسيولوجية والتقييم النفسي والتجارب الذاتية، وتُعرف هذه معًا باسم مكونات العاطفة، وتستند هذه التقييمات إلى تجاربنا وخلفياتنا وثقافاتنا وقد يكون لدى الأشخاص المختلفين تجارب عاطفية مختلفة حتى عندما يواجهون ظروفًا مماثلة.
وجهات النظر في تفسير مفهوم العاطفة في علم النفس:
لماذا بالضبط لدينا مشاعر؟ ما الذي يجعلنا نمتلك هذه المشاعر؟ وضع الموجهين النفسيين والمهتمين وعلماء النفس نظريات مختلفة لشرح كيف ولماذا وراء تفسير مفهوم العاطفة في علم النفس، والتي تتمثل من خلال ما يلي:
1- النظرية التطورية للعاطفة في علم النفس:
كان العالم تشارلز داروين هو من أشار أن العاطفة تقدمت؛ لأنها كانت قابلة للتوافق وسمحت للإنسان والحيوان بالبقاء والتكاثر، بحيث تؤدي مشاعر العاطفة بالأشخاص إلى البحث عن أصدقاء ومعارف والتكاثر، وتجبر مشاعر القلق الأشخاص على القتال أو الفرار من مصدر الخطر.
وفقًا لهذه النظرية للعاطفة في علم النفس، فإن عواطفنا موجودة لأنها تؤدي دورًا توافقياً، بحيث تحفز العاطفة الأشخاص على الاستجابة بسرعة للمنبهات في البيئة المحيطة، مما يساعد على تحسين فرص النجاح والبقاء على قيد الحياة.
يلعب فهم عواطف الآخرين أيضًا وظيفة مهمة في الصحة والبقاء على قيد الحياة، فإذا واجه الشخص حيوانًا له مخالب مثلاً، فمن المحتمل أن يدرك بسرعة أن الحيوان خائف أو دفاعي وتركه بمفرده، من خلال القدرة على تفسير العروض العاطفية للأشخاص والحيوانات الأخرى بشكل صحيح، يمكن الاستجابة بشكل صحيح وتجنب الخطر.
2- نظرية جيمس لانج للعاطفة في علم النفس:
تعد نظرية جيمس لانج واحدة من أشهر الأمثلة على النظرية الفسيولوجية للعاطفة في علم النفس، بحيث صمم عالم النفس ويليام جيمس وعالم الفسيولوجيا كارل لانج نظرية جيمس لانج للعاطفة بنمط مستقر، والتي تقول أن العواطف تحدث نتيجة ردود الفعل الفسيولوجية للأحداث.
تقترح هذه النظرية أن رؤية مثير وعنصر خارجي يؤدي إلى رد فعل فسيولوجي، بحيث يكون رد الفعل العاطفي هذا يعتمد على كيفية تفسير الشخص لردود الفعل الجسدية، على سبيل المثال، افتراض أننا نمشي في الغابة ورأينا دب، فنحن نبدأ في الارتجاف على الأغلب، ويمكن حصول تسارع في القلب، بحيث تقترح نظرية جيمس لانج أننا نستنتج أننا خائفين.
ونظرية جيمس لانج تؤكد من العاطفة التي تنشأ من الإثارة الفسيولوجية، وتذكر ما تعلمناه عن الجهاز العصبي الودي واستجابتنا للقتال أو الهروب عند التهديد، إذا واجهتنا بعض التهديدات في بيئتنا، مثل الأفعى السامة في الفناء الخلفي الخاص بنا، فإن الجهاز العصبي الودي الخاص بنا سيبدأ إثارة فسيولوجية كبيرة.
3- نظرية كانون بارد للعاطفة في علم النفس:
اختلف هذه التفسيرات مع ما سبقها في تفسير مفهوم العاطفة في علم النفس على مجموعة معايير متنوعة، منها اقترح أنه يمكن للأشخاص تجربة ردود فعل فسيولوجية متعلقة بالعواطف من غير الإحساس فعليًا بهذه العواطف، على سبيل المثال، قد يتسارع قلب الشخص لأنه كان يمارس الرياضة البدنية، وليس لأنه خائف بشكل نفسي.
وأشار كانون أيضًا أن الأفعال العاطفية تحصل بسرعة كبيرة جدًا، بحيث لا تكون مجرد آثار لحالات نفسية، فعندما يلاقي الشخص خطرًا في البيئة، وغالبًا ما يشعر بالخوف قبل أن يبدأ في تجربة الأعراض النفسية المرتبطة بالخوف، مثل المصافحة والتنفس السريع وسرعة ضربات القلب.
4- نظرية الإدراك الحسي في العاطفة في علم النفس:
تستخدم النظريات التي تتعامل مع الإدراك تصورًا واحدًا أو عدة تصورات من أجل العثور على العاطفة وتفسيرها في علم النفس المعرفي، ومزيج حديث من النظريات الجسدية والمعرفية للعاطفة هو نظرية الإدراك الحسي، وهذه النظرية هي نظرية جامعية جديدة في المجادلة بأن الاستجابات الجسدية مركزية للعواطف، لكنها تؤكد على مغزى العواطف أو فكرة أن العواطف تدور حول شيء ما، كما تتعرف عليه النظريات المعرفية.
الادعاء الجديد لهذه النظرية هو أن الإدراك القائم على المفاهيم غير ضروري لهذا المعنى من العاطفة، وبدلاً من ذلك فإن التغييرات الجسدية نفسها تدركها المحتوى الهادف للعاطفة بسبب حدوثه سببيًا من خلال مواقف معينة، وفي هذا الصدد تُعتبر العواطف مماثلة لملكات مثل الرؤية أو اللمس، والتي توفر معلومات حول العلاقة بين الموضوع والعالم بطرق مختلفة.
5- نظرية الأحداث الوجدانية في العاطفة في علم النفس:
نظرية الأحداث العاطفية هي نظرية قائمة على التواصل طورها هوارد إم فايس و راسل كروبانزانو والتي تبحث في أسباب وبنى وعواقب التجربة العاطفية خاصة في سياقات العمل، وتقترح هذه النظرية أن العواطف تتأثر وتتسبب في الأحداث التي بدورها تؤثر على المواقف والسلوكيات.
يؤكد هذا الإطار النظري أيضًا على الوقت في ذلك، البشر يختبرون ما يسمونه حلقات العاطفة وسلسلة من الحالات العاطفية ممتدة بمرور الوقت ومنظمة حول موضوع أساسي، بحيث تم استخدام هذه النظرية من قبل العديد من الباحثين لفهم العاطفة بشكل أفضل من العدسة التواصلية، وتمت مراجعتها بشكل أكبر بواسطة تأملات في نظرية الأحداث العاطفية.