مفهوم نشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم نشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي:

نشر المسؤولية هو مفهوم تم توظيفه بعدة طرق مثمرة في علم النفس، حيث أنه هو ظاهرة علم النفس الاجتماعي التي تقل احتمالية اتخاذ الأفراد إجراءات عند وجود عدد أكبر من الأشخاص، ويشار إليه أحيانًا بمفهوم التأثير في المشاهدة للآخرين، وقد بحثت العديد من الدراسات في نشر المسؤولية وأسبابها المحتملة وكيف نشعر بها كأفراد وجزء من مجموعة أكبر.

لتوضيح الأمر ببساطة تحدث ظاهرة نشر المسؤولية عندما لا يتخذ الفرد إجراءً بسبب وجود مجموعة كبيرة من الأشخاص الآخرين، حيث أنه مع زيادة حجم المجموعة تقل احتمالية اتخاذ أي فرد لأي إجراء بشكل عام، ويعتبر مفهوم نشر المسؤولية أكثر شيوعًا في المجموعات الأكبر، عندما لا يتم تعيين أي شخص كقائد، وعندما لا يشعر الفرد بالمسؤولية الشخصية عن التجربة.

يصف علماء النفس الاجتماعي اثنين من المعتقدات المحتملة لدى الناس والتي قد تؤدي إلى تشتيت المسؤولية، الاعتقاد الأول هو أن شخصًا آخر حاضرًا سيتخذ إجراءً، لذلك يختار شخص ما عدم اتخاذ إجراء بنفسه، والاعتقاد الثاني هو أنه لن يتم العثور على مسؤولين شخصيًا عن التقاعس عن العمل نظرًا لوجود العديد من الأشخاص الآخرين، وكلا المنظورين يؤديان إلى عدم قيام الفرد بأي إجراء بسبب وجود أشخاص آخرين.

أسباب مفهوم نشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي:

يمكن تبرير أي إحجام عن التدخل في العديد من المواقف من خلال مفهوم نشر المسؤولية، حيث توجد أسباب للتردد في التدخل في العديد من المواقف، مثل المخاوف من الإحراج عندما لا يكون الوضع في الواقع طارئًا، أو المخاوف من القيام بالإجراءات الضرورية بطريقة غير كفؤة، أو المخاوف على السلامة الشخصية.

يوضح البحث النفسي الاجتماعي أنه في المواقف المرحلية التي يطلب فيها الضحية المساعدة، يحدث هذا التأثير وهناك احتمال أقل بشكل ملحوظ لتدخل كل فرد حيث يزداد الحجم الظاهر للمجموعة المتاحة للتدخل.

يمكن أن ينشأ مفهوم نشر المسؤولية في مواقف اتخاذ القرار الجماعي أيضًا، فعند افتراض أنه يجب اتخاذ قرار معين، وأنه قرار غير يقين أو مخاطرة، أي أن نتيجة القرار قد تكون جيدة، لكنها قد تكون سيئة أيضًا، حيث أنه إذا تم اتخاذ القرار من قبل شخص واحد، فسيقلق هذا الشخص بشأن ما إذا كان القرار الذي سيتخذه هو سيكون قرارًا سيئًا؛ لأنه سيشعر بالمسؤولية عن القرار السيء.

أيضًا سيحمل الآخرين هذا الشخص المسؤولية وينتقدونه وربما يعاقبونه، ومن ناحية أخرى افترض أن المجموعة هي التي تتخذ قرارًا بشأن الإجراء الذي سيتم اتخاذه، وبشكل حدسي سيشعر كل فرد يشارك في عملية صنع القرار الجماعي أنه لن يكون مسؤولاً عن نتيجة القرار المشترك إذا كان القرار سيئًا، وبعد كل ذلك لم يكن القرار ليُتخذ إذا لم يوافق عليه الآخرين.

أمثلة على مفهوم نشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي:

هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها نشر المسؤولية، قد يلاحظ الشخص ضررًا في الحياة اليومية أو يعرف ضررًا أكبر تسببه بعض الشركات أو مجموعات الأشخاص، ولتوضيح أحد الأمثلة لنفترض أن شخص يقود سيارته على الطريق ولاحظ وجود حريق صغير على جانب الطريق، قد يعتقد لنفسه أنه يبدو خطيرًا، ومع ذلك لاحظ وجود العشرات أو المئات من السائقين الآخرين الذين شاهدوا الحريق وسيشاهدونه، وبالتأكيد شخص ما سوف يتصل بإدارة الإطفاء، وربما شخص ما لديه بالفعل،  لذلك قرر عدم الإبلاغ عن الحريق والمضي قدمًا مما يدل على مفهوم نشر المسؤولية.

يمكن أن يظهر مفهوم نشر المسؤولية أيضًا في بيئات العمل، على سبيل المثال قد نلاحظ تعرض عامل مبتدئ لسوء المعاملة بطريقة ما، وربما يكونون مرهقين أو يتقاضون رواتب منخفضة أو مضايقات، وربما نعتقد أن شخصًا آخر قد لاحظ بالفعل سوء المعاملة ويتعامل معها، بالإضافة إلى ذلك قد نعتقد أننا لسنا مخطئين لأن الضرر سببه مجموعة كبيرة من المؤسسة المهنية وليس نحن بشكل فردي.

العوامل المؤثرة في مفهوم نشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي:

تظهر عقود من البحث النفسي أن العديد من العوامل قد تؤثر على ما إذا كان الأشخاص في المجموعة يتخذون إجراءات أثناء حالة الطوارئ أو الموقف الذي يتطلب المساعدة أم لا، تشمل العوامل الشائعة التي قد تؤثر على تأثير مفهوم نشر المسؤولية من خلال ما يلي:

الألفة:

إذا كان الأفراد في المجموعة يعرفون الشخص الذي يحتاج إلى المساعدة، فمن المرجح أن يتدخلوا.

الوضوح:

عندما يكون ما يحدث غير واضح، تقل احتمالية اتخاذ الأشخاص لأي إجراء.

الاتصال:

عندما يقوم الفرد بإجراء اتصال مع الشخص الذي يعاني، فمن المرجح أن يساعد، وقد تكون هذه لحظة تواصل بالعين، أو إدراك أوجه تشابه بينهم وبين الشخص الذي يكافح أو الشخص الذي ينادي الفرد على وجه التحديد.

التأهيل:

إذا كان الفرد مؤهلاً بشكل خاص للمساعدة في موقف معين، فمن المرجح أن يتخذ إجراءً.

حجم المجموعة:

بشكل عام كلما كانت المجموعة أكبر قل احتمال قيام الفرد بالمساعدة.

التمييز:

الأفراد الذين يتوصلون إلى موقف به تحيزات موجودة مسبقًا حول هوية الشخص المحتاج المتنوعة هم أقل عرضة لاتخاذ إجراءات، حيث أنه قد يشمل ذلك العرق والجنس والحالة الاجتماعية والاقتصادية والمظهر الجسدي.

الاستفادة من نشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي:

يمكن أن يساعدنا فهم هذه الظاهرة في اتخاذ الإجراءات كأفراد وكمجتمع أكبر، حيث يوجد عدة طرق يمكننا من خلالها الاستفادة من توزيع ونشر المسؤولية في علم النفس الاجتماعي في حياتنا لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتشجيع النتائج الإيجابية، وفهم الصعوبات، وتتمثل هذه الاستفادة من خلال ما يلي:

شرح التقاعس الاجتماعي:

سواء تعلق الأمر بتغير المناخ أو عدم المساواة في الدخل أو التمييز، فإن نشر المسؤولية غالبًا ما يلعب دورًا يمكننا أن نفهم التقاعس الاجتماعي من خلال هذه العدسة، حيث يمكن أن يوفر هذا المفهوم أساسًا لفهم سبب عدم معالجة هذه المشكلات، علاوة على ذلك يمكننا أن نتصرف بأنفسنا بطرق صحية وحازمة، على الرغم من وجود أشخاص آخرين يتخذون إجراءات، ويجب علينا أن نتخذ خطوات لمكافحة ظاهرة التقاعس عن العمل هذه.

استهداف الأفراد:

عندما يحتاج الشخص إلى شيء ما فمن المرجح أن يكون أكثر فعالية خاصة في السؤال المستمر من أجل الحصول وطلب معلومات خاصة ومتعلقة بنفس الموضوع، أولئك الذين تلقوا طلبات شخصية كانوا أكثر عرضة لتقديم المعلومات، وفي الوقت المناسب، حيث أنه قد يكون هذا مفيدًا في التسويق وطلب التبرعات وطلب المساعدة في وقت الحاجة وتشجيع الناس على القيام بدور قيادي.

المكافآت والحوافز:

في البيئة التعاونية قد يفتقر الأفراد إلى الحافز للأداء الجيد، وعندما يعمل الأفراد بجد قد تكون الإنتاجية أفضل، وعندما يسمع الفرد أن هذه البيئة بحاجة إلى تحقيق المزيد من الإنتاجية فإن نشر المسؤولية قد يدخل حيز التنفيذ، يمكن لهذا الشخص بذل جهد لتقديم مكافآت وحوافز مخصصة، حيث من المرجح أن يستجيب الشخص لمكافأة فردية.

الوصول للقيادة:

يمنحنا فهم نشر المسؤولية أيضًا فرصة للدخول في دور قيادي أو تعزيز دورنا الحالي كقائد، وذلك عندما يقود الشخص مجموعة محددة من الأفراد وتولي مجموعة من المهام.


شارك المقالة: