أهم تحديات نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


من الناحية التاريخية فإن أحد الدوافع الرئيسية للثقة في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس ومصدر واحد لمصلحتها الدائمة هو إمكاناتها الطبيعية، ووفقًا لعلماء النفس المعرفيين المؤمنين بالثبات، يمكن تفسير الخصائص المعرفية من جهة الموثوقية، والتي يمكن فهمها بدورها دون الرجوع إلى أي مفاهيم معرفية غير مخفضة مثل الأدلة أو المعرفة.

المعتقدات المبررة مقابل غير المبررة في نظرية المعرفة الموثوقة

تدّعي عملية الموثوقية في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس أن المعتقدات التي تشكلت من خلال عمليات موثوقة حدسيًا تعتبر مبررة، وأن القيم التي تشكلت من خلال عمليات غير موثوقة تعتبر بشكل حدسي غير مؤكدة، فهناك الكثير من الأمثلة على العمليات التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى معتقدات خاطئة مثل التفكير بالتمني، والاعتماد على الارتباط العاطفي، ومجرد الحدس أو التخمين، والتعميم المتسرع.

القيم الناتجة عن مثل هذه العمليات تعتبر بشكل حدسي غير مؤكدة في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس، لذلك هناك ارتباط كبير بين عدم موثوقية العملية وعدم تفسيرها، وبالمثل هناك بعض الأمثلة على العمليات التي تؤدي عادةً إلى المعتقدات الصحيحة مثل العمليات الإدراكية القياسية، والتفكير الجيد، والاستبطان، حيث أن هناك علاقة قوية بين موثوقية العملية والاعتقاد المبرر.

يجب أن نلاحظ بالطبع أن عملية الشرح والتفسير ليس مفهومًا قاطعًا بحتًا في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس، ويمكننا بالفعل أن نعتبر بعض القيم والعقائد أكثر تأكيدًا وتبريرًا من غيرها، علاوة على ذلك فإن حدسنا للتبرير المقارن يتماشى مع معتقداتنا حول الموثوقية المقارنة للعمليات المسببة للاعتقاد هذا يتوافق بشكل جيد مع موثوقية العملية.

أهم تحديات نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس

حتى الآن أثير عدد من المشاكل من أجل موثوقية العملية في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس ولتي تتمثل بالتحديات وردود الفعل مثل مشكلة الاستبصار ومشكلة العمومية وغيرها، حيث يمكن توضيح هذه التحديات والمشاكل من خلال ما يلي:

1- مشكلة الاستبصار

قدم العالم لورانس بونجور (1980) أحد التحديات المبكرة للنظريات الموثوقة لأهم التوضيحات والتفسيرات في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس، فيما يتعلق باستبصار افتراضي لديه كلية استبصار موثوق بها تمامًا، لكن ليس لديه دليل أو أسباب مع أو ضد الاحتمال العام لسلطة مع أو ضد امتلاك مثل هذه القوة، حدسيًا كما يقول بونجور أن نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس ليس له ما يبرره في التمسك بهذا الاعتقاد.

يبدو أن موثوقية العملية تشير إلى غير ما تم بناءَه في مشكلة الاستبصار؛ نظرًا لأن قوة استبصار نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس تتمتع بنسبة حقيقة عالية، لذا يبدو أن الاعتمادية على هذا النحو خطأ، وتتمثل إحدى الاستجابات في اختيار متغير من صدق العملية البسيطة، والتي تحمل أسماء الصدق والثبات على مرحلتين أو موثوقية القائمة المعتمدة، بدلاً من تقديم تفسير مباشر لماهية الفهم، حيث يسعى هذا النهج إلى إعطاء نظرية عن كيفية قيام الناس العاديين بإسناد التوضيح.

يقدم المعتمدين في القائمة المعتمدة للتخمين في المرحلة الأولية الذي يتمثل في تشكيل آراء حول موثوقية أو عدم موثوقية عمليات تشكيل معتقدات متنوعة، باستخدام الملاحظة أو الاستدلال لاستخلاص استنتاجات حول سجلات المسار لهذه العمليات في العالم الفعلي، وبالتالي يقومون بإنشاء قوائم ذهنية للعمليات الموثوقة وغير الموثوقة من خلال قوائم العمليات المعتمدة والمرفوضة على التوالي.

في المرحلة الثانية ينشرون هذه القوائم لإصدار أحكام حول معتقدات معينة فعلية أو افتراضية، فإذا كان اعتقاد شخص ما ناتجًا عن عملية مدرجة في القائمة المعتمدة أو تشبه إلى حد كبير واحدة في القائمة المعتمدة، فإنهم يعتبرونها مبررة، وإذا كان ناتجًا عن عملية مدرجة في القائمة المرفوضة يتم تصنيفها على أنها غير مبررة.

في مشكلة وتحدي الاستبصار في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس من المفترض أن التناسب العادي لن يكون لديه عملية استبصار في أي من قوائمها، لكنها قد تكون لديها عمليات مثل الإدراك الحسي الزائد أو التحريك الذهني في قائمتها، وخاصة قائمتها المرفوضة، تبدو العملية أو الكلية التي يستخدمها الاستبصار للوصول إلى إيمانه بالرئيس مشابهة جدًا لإحدى تلك القوى الغامضة والمشبوهة، ومن ثم يصنف اعتقاده بديهيًا على أنه غير مبرر.

هناك رد مختلف على مشكلة الاستبصار في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس هو الاعتراف بأن كون الفرد نتيجة لعملية موثوقة لا يكفي لاعتقاد أن يكون للوهلة الأولى مبرر، بدلا من ذلك يجب تلبية بعض العوامل المرتبطة حيث تم تطوير نسخة واحدة من هذا النهج بواسطة العالم جاك ليونز الذي يجادل بأنه من أجل تبرير الرأي غير الاستنتاجي، يجب أن يكون نتيجة نظام أولي.

2- مشكلة العمومية

ربما تكون مشكلة العمومية هي المشكلة الأكثر نقاشًا حول صدق وثبات العملية في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس، حيث يعتبر أي اعتقاد معين هو نتاج عملية سببية رمزية في عقل أو دماغ الشخص، والتي تحدث في وقت ومكان معينين، مثل هذا الرمز المميز للعملية يمكن كتابته، ومع ذلك في العديد من الطرق الأوسع أو الأضيق سيكون لكل نوع مستوى الموثوقية المقترن به، وغالبًا ما يكون متميزًا عن مستويات الموثوقية للأنواع الأخرى التي يقوم بإنشاء مثيل لها.

ليست كل طريقة لوصف عملية تكوين المعتقدات تنقش الواقع النفسي في مفاصلها، ففي مناقشة لمشكلة العمومية أقر بعض علماء النفس بأن التحول إلى علم النفس سيساعد في تقليل عدد أنواع العمليات المؤهلة، لكنهم عبروا عن شكوكهم في أنه سينتج دائمًا نوع عملية فريد، حيث يمكن أن يكون هناك العديد من أنواع العمليات الحقيقية نفسيا مسؤولة عن رمز معتقد معين.

حاولت التطورات اللاحقة للنهج النفسي معالجة هذا القلق، حيث تم اقتراح أن نوع العملية ذات الصلة سيكون دائمًا إجراء أو استراتيجيات لمعالجة المعلومات، وغالبًا ما تكون هناك أنواع عديدة من هذا النوع ذات موثوقية متفاوتة إلى أجل غير مسمى، ولاختيار النوع المناسب يتوجب اختيار قسمًا يمثل أوسع فئة فرعية متجانسة من الناحية الموضوعية والتي تقع ضمنه عملية الرمز المميز، حيث تكون الفئة متجانسة بشكل موضوعي إذا لم يكن من الممكن التأثير على قسم ذي صلة إحصائيًا.

3- مشكلة التمهيد

إذا كنا نرغب في السماح بالتبرير الأساسي فلا يزال بإمكاننا تقديم تفسير مبدئي لماذا تبدو بعض أشكال التمهيد غير شرعية في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس ويعتبر هذا هو مجال البحث النشط، ومنها فإن أحد الاقتراحات هو أن الأشكال غير المشروعة من التمهيد تتضمن تحقيقات لا يمكن فقدها تقريبًا، حيث يوجد تحقيق لا يخسر في الفرضية هو تحقيق لا يمكن من حيث المبدأ الاعتماد عليه كحِجَج.

4- مشكلة الهزيمة

يأتي التحدي الآخر في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس من ظاهرة الهزيمة المعرفية، فعند النظر لحالة يكون فيها الوكيل بشكل موثوق به اعتقادًا بأنه مُنصف في وقت أولي أي أنه حيادي ويستخدم الوسطية، حيث أقر بعض علماء النفس المشككين بهذا النوع من المشاكل واقترحوا معه إضافة شرط عدم الهزيمة إلى نظرية التبرير المعرفي في نظرية المعرفة الموثوقة في علم النفس.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف، 2015.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم، 1995.علم النفس العام، هاني يحيى نصري، 2005.علم النفس، محمد حسن غانم، 2004.


شارك المقالة: