مفهوم الندم في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الندم في علم النفس هو المشاعر السلبية التي يمر بها الناس عند إدراكهم أو تخيلهم أن وضعهم الذي هم عليه كان من الأفضل لو فكروا أو تصرفوا بشكل مختلف، وهكذا ينشأ الندم من المقارنة بين نتائج الخيار المختار والبدائل غير المختارة التي يتفوق فيها الأخير على الأول، حيث تنعكس هذه المشاعر المؤلمة على الدور السببي للفرد في الوضع الحالي دون المستوى الأمثل.

مفهوم الندم في علم النفس

يعتبر مفهوم الندم في علم النفس نوع من العواطف التي يتميز بها السلوك الإنساني للبشر، حيث أن مفهوم الندم في علم النفس مصحوب بمشاعر يجب أن يعرفها المرء بشكل أفضل، من خلال الشعور بالغرق، والأفكار حول الخطأ الذي ارتكبه والفرص الضائعة منه، والميل إلى ركل النفس وتصحيح الخطأ، والرغبة في التراجع عن الحدث، والحصول على فرصة ثانية، والقيام بذلك بالفعل إذا أتيحت الفرصة.

بعبارة أخرى يتم اختبار مفهوم الندم في علم النفس على أنه حالة مكروهة تركز انتباه الفرد على الدور السببي للفرد في حدوث نتيجة سلبية، وبالتالي فإن المشاعر القائمة على المعرفة هي التي تحفز المرء على التفكير في كيفية حدوث الحدث السلبي وكيف يمكن تغييره، أو كيف يمكن للمرء أن يمنع حدوثه في المستقبل.

الندم فيما يتعلق باتخاذ القرار في علم النفس

يعتبر مفهوم الندم في علم النفس فريدًا من حيث علاقته بصنع القرار وبالتالي بمشاعر المسؤولية عن النتيجة السلبية، حيث يشعر المرء فقط بالندم على النتيجة السيئة في حين أنه في وقت ما يمكن للمرء أن يمنع حدوث النتيجة، بالطبع يمكن أن تكون المشاعر الأخرى نتيجة للقرارات، على سبيل المثال قد يصاب المرء بخيبة أمل من نتيجة القرار، أو يكون سعيدًا بالعملية التي اتخذ من خلالها الاختيار، ولكن يمكن أيضًا تجربة جميع المشاعر الأخرى في المواقف التي لا يتم فيها اتخاذ قرارات.

في حين أن الندم مرتبط حصريًا بالقرارات على سبيل المثال يمكن أن يصاب المرء بخيبة أمل من الطقس ويكون سعيدًا بهدية عيد ميلاد، لكن لا يمكن أن يندم على هذه الحالات ما لم يقترح نفسه هدية مخيبة للآمال، وبالتالي للأسف فإن الوكالة الشخصية والمسؤولية أمران أساسيان، بينما في المشاعر البغيضة الأخرى مثل الغضب والخوف وخيبة الأمل، تكون الفاعلية للنتائج السلبية إما غير محددة، في البيئة أو في عامل آخر، ومن ثم فإن مفهوم الندم في علم النفس هو المشاعر النموذجية المتعلقة بالقرار، بمعنى أنه يتم الشعور به استجابةً لقرار ما وأنه يمكن أن يؤثر على عملية صنع القرار.

العلاقة بين مفهوم الندم في علم النفس واتخاذ القرار واضحة أيضًا في ارتباط الندم بالتفكير المضاد، الأفكار المضادة للواقع هي أفكار حول ما يمكن أن يكون، فمن المهم أن نلاحظ أنه ليس كل الأفكار المغايرة للواقع تنتج الندم، فقط على وجه التحديد تلك التي تغير النتيجة السيئة إلى نتيجة جيدة عن طريق تغيير القرار أو الاختيار، وهكذا عندما تمطر في طريق عودتنا إلى المنزل من العمل ويبتل الشخص، يشعر الشخص بالندم عندما يولد فكرة مغايرة للواقع حيث أحضر الشخص مظلة، ولكن ليس عندما يولد واقعا معاكسا يحدث فيه.

شدة رد الفعل على مفهوم الندم في علم النفس

يمكن أن تكون تجارب مفهوم الندم في علم النفس نتيجة لنتيجة سلبية نتجت عن قرار بالتصرف أو قرار بعدم التصرف، بمعنى آخر قد يندم المرء على خطايا الإغفال وذنوب التكليف، حيث ركزت الأبحاث النفسية في الأسف المبكرة على ما إذا كان الناس يندمون على أفعالهم أي المتمثلة في اللجان أكثر من ندمهم المتمثلة في الإهمال، ومنها أشار هذا البحث إلى أن الناس يميلون إلى الندم على أفعالهم أكثر من تقاعسهم.

أظهرت الأبحاث النفسية اللاحقة أن أي نوع من الندم هو الأكثر حدة الندم أو التقاعس عن العمل يعتمد على الوقت الماضي منذ القرار المؤسف، وعلى المدى القصير يميل الناس إلى الشعور بمزيد من الأسف حيال أفعالهم من خلال الأشياء الغبية التي فعلوها أو اشتروها، ولكن على المدى الطويل، يميلون إلى الشعور بمزيد من الأسف على تقاعسهم في المدرسة التي لم ينتهوا منها مطلقًا، أو المهنة أو العلاقات الاجتماعية والشخصية والنفسية.

هذا النمط الزمني لمفهوم الندم في علم النفس ناتج بشكل أساسي عن عدة عوامل تقلل من الندم على الإجراء بمرور الوقت على سبيل المثال يتخذ الأشخاص إجراءات تعويضية أكثر وينخرطون في أعمال إصلاح نفسية للندم على الإجراءات أكثر من الندم على التقاعس، والعوامل التي تزيد من الندم على التقاعس عن العمل بمرور الوقت على سبيل المثال قد ينسى الناس بمرور الوقت سبب عدم تصرفهم في الفرص، مما يجعل التقاعس عن العمل أمرًا لا يمكن تفسيره.

عامل إضافي ينتج هذا النمط الزمني هو أن الناس ينسون الأفعال المؤسفة أسهل من الفشل المؤسف في التصرف، مما يؤدي إلى توافر معرفي أكبر للفشل في التصرف.

عامل آخر يحدد شدة الندم هو مبرر القرار حيث يشعر الناس بالأسف الشديد على القرارات التي يصعب تبريرها، والقرارات التي تستند إلى أسباب قوية تنتج ندمًا أقل من القرارات التي لم يتم التفكير فيها جيدًا، وقد يفسر هذا التبرير أيضًا متى تكون الأفعال أكثر ندمًا من التقاعس عن الفعل وعندما يكون العكس صحيحًا، فعند تأمل اثنان من مدربي فرق كرة القدم وقرر أحدهم إشراك نفس اللاعبين الأسبوع الماضي بينما يقرر الآخر تغيير الفريق، الآن كلا الفريقين يلعبان ويخسران، فأي مدرب يشعر بالأسف أكثر؟

أظهرت الأبحاث النفسية أن المشاركين يشيرون إلى المدرب النشط، أي الشخص الذي غير فريقه، باعتباره الشخص الذي سيشعر بالأسف الشديد، ومن الواضح أن هذا يُظهر ندمًا أكبر على العمل أكثر من التقاعس عن العمل من خلال تكرار الاختلاف التقليدي في عدم الفعل، لكن الآن نضع في الاعتبار نفس الموقف ولكن مع المعلومات الإضافية أن القرار الحالي بتغيير الفريق أو عدمه يأتي بعد هزيمة سابقة.

من سيشعر الآن بالأسف الشديد المدرب الذي يحاول جاهدًا تحسين الوضع عن طريق تغيير الفريق، أم المدرب الذي يلعب ببساطة مع نفس اللاعبين الذين خسروا المباراة السابقة؟ في هذه الحالة يشير المشاركين إلى المدرب السلبي باعتباره الشخص الذي يشعر بالأسف الشديد، فمن الواضح أن هذا القرار لم يكن له ما يبرره، وبالتالي فإنه يثير المزيد من الأسف، فالسجل الخاسر يستدعي اتخاذ إجراء، والتقاعس الذي يتعذر تفسيره يؤدي إلى مزيد من الندم في المواقف التي تتطلب اتخاذ إجراء، وبالتالي قد ينتج عن كل من قرارات التصرف وقرارات التخلي عن العمل الندم.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: