السمنة: هي تراكم الدهون بشكل غير طبيعي؛ ممّا قد يمثّل خطرًا على الصحّة. يُعتبر المقياس الرئيسي للسمنة هو مُؤشر كتلة الجسم (BMI). كما يُعتبر الشخص الذي مُؤشر كتلة جسمه 30 أو أكثر مُصاب بالسمنة المُفرطة، وأيّ شخص لديه مُؤشر كتلة الجسم يساوي أو يزيد عن 25 يعتبر زائد الوزن.
ما هي علاقة السمنة بالهرمونات؟
الهرمونات: هي عبارة رواسب كيميائية تنظّم العمليات الهامة في الجسم. وتُعتبر الهرمونات هي أحد العوامل الرئيسية التي تُسبب السمنة عند الأشخاص. تُؤثّر هرمونات اللبتين والأنسولين والهرمونات الجنسية وهرمون النمو على الشهية والتمثيل الغذائي (مُعدل حرق الجسم للكيلوجول من أجل الطاقة) وتوزيع الدهون في الجسم. الأشخاص الذين يُعانون من السمنة المفرطة لديهم مستويات من هذه الهرمونات التي تشجع على التمثيل الغذائي غير الطبيعي وتراكم الدهون في الجسم.
يُفرز نظام الغدد المعروف باسم نظام الغدد الصماء، الهرمونات في مجرى الدم. يعمل نظام الغدد الصماء مع الجهاز العصبي والجهاز المناعي لمُساعدة الجسم على التعامل مع الأحداث والضغوط المُختلفة. ويُمكن أن تُؤدي زيادة أو نقص الهرمونات إلى السمنة ومن ناحية أخرى، يُمكن أن تُؤدي السمنة إلى تغيرات في الهرمونات.
1- السمنة وهرمون اللبتين
يتم إنتاج هرمون اللبتين بواسطة الخلايا الدهنية ويتم إفرازه في مجرى الدم. يُقلّل الليبتين من شهية الشخص من خلال العمل على مراكز محددة في الدماغ لتقليل الرغبة في تناول الطعام. كما يبدو أنه يتحكم في كيفية إدارة الجسم لمخزونه من دهون الجسم.
الليبتين ينتج عن طريق الدهون لذلك تميل مستويات الليبتين إلى أن تكون أعلى من المستوى الطبيعي لدى الأشخاص الذين يُعانون من السمنة، مقارنة بالأشخاص الذين يكونوا ضمن الوزن الطبيعي. ومع ذلك على الرغم من وجود مستويات أعلى من هذا الهرمون المخفض للشهية، فإنَّ الأشخاص الذين يُعانون من السمنة ليسوا حساسين لتأثيرات الليبتين، ونتيجة لذلك لا يميلون إلى الشعور بالشبع أثناء وبعد الوجبة. هناك ابحاث تبحث عن سبب عدم وصول رسائل اللبتين إلى الدماغ لدى الأشخاص الذين يُعانون من السمنة.
2- السمنة والأنسولين
هرمون الأنسولين هو هرمون يتم إنتاجه عن طريق البنكرياس، فهو هرمون مهم جداً لتنظيم الكربوهيدرات واستقلاب الدهون. يُحفّز الأنسولين امتصاص الجلوكوز (السكر) من الدم في الأنسجة مثل العضلات والكبد والدهون. هذه عملية مُهمة للتأكد من أن الطاقة متاحة للأداء اليومي وللحفاظ على مستويات طبيعية من الجلوكوز في الدم.
في حالة الشخص المُصاب بالسمنة يجب تفقد مستويات الأنسولين أحيانًا وقد لا تكون الأنسجة قادرة على التحكم في مستويات الجلوكوز. هذا يُمكن أن يُؤدي إلى تطوير مرض السكري من النوع الثاني ومتلازمة التمثيل الغذائي.
3- السمنة والهرمونات الجنسية
يلعب توزيع دهون الجسم دورًا مُهمًا في تطوير الحالات المُرتبطة بالسمنة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية وبعض أشكال التهاب المفاصل. الدهون حول البطن هي عامل خطر أعلى للإصابة بالمرض من الدهون المُخزّنة في الوركين والفخذين. يبدو أن الأستروجين والأندروجينات تُساعد على تحديد توزيع الدهون في الجسم. الاستروجين هي هرمونات جنسية يُصنعها المبيض عند النساء قبل انقطاع الطمث. هذا الهرمون مسؤول عن تحفيز الإباضة في كل دورة شهرية.
لا ينتج الرجال والنساء بعد سن اليأس الكثير من هرمون الاستروجين في الخصيتين أو المبيضين. بدلاً من ذلك، يتم إنتاج مُعظم هرمون الاستروجين في دهون الجسم، على الرغم من أنه ينتج بكميات أقل بكثير ممّا يتم إنتاجه في المبايض قبل انقطاع الطمث. في الرجال الأصغر سناً يتم إنتاج الأندروجينات بمستويات عالية في الخصيتين. عندما يكبر الرجل، تنخفض هذه المستويات تدريجيًا.
ترتبط التغيرات في العمر في مستويات الهرمونات الجنسية لكل من الرجال والنساء بالتغيرات في توزيع الدهون في الجسم. بينما تميل النساء في سن الإنجاب إلى تخزين الدهون في الجزء السفلي من الجسم (الوركين والفخذين)، يميل الرجال الأكبر سناً والنساء بعد انقطاع الطمث إلى زيادة تخزين الدهون حول البطن. لا تجمع النساء بعد سن اليأس اللواتي يتناولن مُكمّلات الاستروجين الدهون حول البطن. كما أظهرت الدراسات أن نقص هرمون الاستروجين يُؤدي إلى زيادة الوزن بشكل مُفرط.
4- السمنة وهرمون النمو
تنتج الغدة النخامية التي توجد في الدماغ هرمون النمو الذي يُؤثّر على طول الشخص ويُساعد على بناء العظام والعضلات. كما يُؤثّر هرمون النمو أيضًا على عملية التمثيل الغذائي (المعدل الذي نحرق فيه الكيلوجول للطاقة). وقد وجد الباحثون أن مستويات هرمون النمو لدى الأشخاص الذين يُعانون من السمنة هي أقل من تلك الموجودة في الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
5- العوامل الالتهابية والسمنة
ترتبط السمنة أيضًا بالتهاب مُزمن منخفض الدرجة داخل الأنسجة الدهنية. يُؤدي التخزين المُفرط للدهون إلى تفاعلات الإجهاد داخل الخلايا الدهنية، والتي تُؤدي بدورها إلى إطلاق العوامل المُؤيدة للالتهابات من الخلايا الدهنية نفسها والخلايا المناعية داخل الأنسجة الدهنية (الدهون).
6- هرمونات السمنة عامل خطر للإصابة بالمرض
ترتبط السمنة بزيادة خطر الإصابة بعدد من الأمراض، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية وأنواع عديدة من السرطان، وانخفاض نوعية الحياة. على سبيل المثال، يرتبط زيادة إنتاج هرمون الإستروجين في دهون النساء الكبار في العمر المُصابات بالسمنة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، ممّا يُشير إلى أن مصدر إنتاج هرمون الإستروجين مُهم.
7- هرمونات السلوك والسمنة
الأشخاص الذين يُعانون من السمنة المُفرطة لديهم مستويات هرمونية تُشجع على تراكم دهون الجسم. يبدو أن السلوكيات مثل الإفراط في تناول الطعام وقلة التمرين المنتظم، بمرور الوقت “تعيد ضبط” العمليات التي تنظم الشهية وتوزيع الدهون في الجسم لجعل الشخص أكثر عرضة من الناحية الفسيولوجية لزيادة الوزن. يحاول الجسم دائمًا الحفاظ على التوازن، لذلك فهو يُقاوم أيّ اضطرابات قصيرة المدى مثل اتباع نظام غذائي صحي.
أظهرت دراسات مُختلفة أن مستوى هرمون اللبتين في الدم ينخفض بعد اتباع نظام غذائي منخفض الكيلوجول. قد يُؤدي انخفاض مستويات الليبتين إلى زيادة شهية الشخص وإبطاء عملية التمثيل الغذائي. قد يُساعد هذا على تفسير سبب استعادة أخصائيو الحمية عادة وزنهم المفقود. من المُمكن أن يُساعد علاج اللبتين في يوم من الأيام أخصائيي الحميات في الحفاظ على فقدان الوزن على المدى الطويل، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل أن يصبح هذا حقيقة.
هناك أدلة تُشير إلى أن التغييرات السلوكية طويلة المدى، مثل الأكل الصحي ومُمارسة التمارين الرياضية بانتظام، يُمكن أن تُعيد تدريب الجسم على التخلّص من الدهون الزائدة في الجسم وإزالتها. وقد أظهرت الدراسات أيضًا أن فقدان الوزن نتيجة اتباع نظام غذائي صحي ومُمارسة الرياضة أو جراحة السمنة تُؤدي إلى تحسين مقاومة الأنسولين، وانخفاض الالتهاب والتشكيل المفيد لهرمونات السمنة. يرتبط فقدان الوزن أيضًا بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطان.