يتم التحكّم في الوزن بشكل كبير عن طريق الهرمونات. تُظهِر الأبحاث أن الهرمونات تُؤثّر على الشهية ومقدار الدهون التي تخزنها. الهرمون هو عبارة عن مادة كيميائية تُصنّعها خلايا مُتخصصة، وعادةً ما تكون داخل غدة صماء، ويتم إطلاقه (الهرمون) في مجرى الدم لإرسال رسائل إلى جزء آخر من الجسم. وغالباً ما يُشار إلى هذه الرسائل باسم “رسائل كيميائية”. توجد الهرمونات في جميع الكائنات الحية مُتعددة الخلايا، ودورها هو توفير نظام اتصال داخلي بين الخلايا الموجودة في أجزاء بعيدة من الجسم.
ما هي الهرمونات التي تتحكم بزيادة الوزن؟
1- هرمون الأنسولين
الأنسولين: هو عبارة عن هرمون يصنعه عضو يقع خلف المعدة ويُسمّى البنكرياس. هناك خلايا متخصصة داخل البنكرياس تُسمّى جزر لانجرهانز (مصطلح الأنسولين يأتي من insula اللاتينية التي تعني الجزيرة). تتكون جزر لانجرهانس من أنواع مُختلفة من الخلايا التي تصنع الهرمونات، والأكثر شيوعاً هي خلايا بيتا التي تنتج الأنسولين.
يُفرز هرمون الأنسولين بكميات صغيرة طوال اليوم وبكميات أكبر بعد الوجبات. كما يسمح الأنسولين للخلايا بتناول سكر الدم من أجل الطاقة أو التخزين، اعتمادًا على ما هو مطلوب في ذلك الوقت. الأنسولين هو أيضًا هرمون تخزين الدهون الرئيسي في الجسم. يُخبر الخلايا الدهنية بتخزين الدهون ويمنع تكسير الدهون المُخزّنة.
عندما تكون الخلايا مقاومة للأنسولين (شائعة جدًا)، ترتفع مستويات السكر في الدم والأنسولين بشكل ملحوظ. يُمكن أن تُؤدي مستويات الأنسولين المُرتفعة بشكل مُزمن (تُسمّى فرط الأنسولين) إلى العديد من المشاكل الصحية، بما في ذلك السمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي. الإفراط في تناول الطعام وخاصة السكر والكربوهيدرات المكررة والوجبات السريعة يدفع مقاومة الأنسولين ويزيد من مستويات الأنسولين.
إليك بعض النصائح لتطبيع مستويات الأنسولين وتحسين حساسية الأنسولين:
- تجنّب أو تقليل السكر: كميات عالية من الفركتوز والسكروز تُعزز مقاومة الأنسولين وترفع مستويات الأنسولين.
- تقليل الكربوهيدرات: يُمكن أن يُسبب النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات انخفاضًا فوريًا في مستويات الأنسولين.
- البروتين: البروتين يرفع الأنسولين على المدى القصير. ومع ذلك، يجب أن يُؤدي ذلك إلى انخفاض طويل الأمد في مقاومة الأنسولين من خلال مُساعدتك على فقدان دهون البطن.
- تضمين الكثير من الدهون الصحية: يُمكن أن تُساعد دهون أوميجا 3 الموجودة في الأسماك الدهنية في خفض مستويات الأنسولين أثناء الصيام.
- مُمارسة التمارين الرياضية بانتظام: النساء البدينات اللواتي تمشين بسرعة أو الركض تحسن في حساسية الأنسولين بعد 14 أسبوعًا في دراسة واحدة.
- احصل على ما يكفي من المغنيسيوم: غالبًا ما يكون الأشخاص المقاومون للأنسولين لديهم نسبة أقل من المغنيسيوم، ويُمكن أن تعمل مُكمّلات المغنيسيوم على تحسين حساسية الأنسولين.
- شرب الشاي الأخضر: قد يُقلّل الشاي الأخضر من مستوى السكر في الدم ومستويات الأنسولين.
2- هرمون اللبتين
يتم إنتاج هرمون الليبتين عن طريق الخلايا الدهنية. يُعتبر “هرمون الشبع” الذي يُقلّل من الشهية ويجعلك تشعر بالشبع. بصفته هرمونًا للإشارة، فإنَّ دوره هو التواصل مع ما تحت المهاد، وهو الجزء من الدماغ الذي ينظم الشهية وتناول الطعام. يخبر هرمون اللبتين الدماغ أن هناك ما يكفي من الدهون في التخزين ولا حاجة إلى المزيد، ممّا يُساعد على منع الإفراط في تناول الطعام.
عادة ما يكون لدى الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن أو السمنة مستويات عالية جدًا من الليبتين في الدم. في الواقع، وجدت إحدى الدراسات أن مستويات الليبتين لدى الأشخاص الذين يُعانون من السمنة المُفرطة كانت أعلى 4 مرات من الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
إذا قلل هرمون الليبتين من الشهية، فيجب أن يبدأ الأشخاص الذين يُعانون من ارتفاع مستويات الليبتين في تناول الطعام بشكل أقل ويفقدون الوزن. ولسوء الحظ في السمنة لا يعمل نظام اللبتين كما يجب. ويُشار إلى ذلك بمقاومة الليبتين.
عندما تضعف إشارات هرمون اللبتين، لا تصل الرسالة إلى التوقف عن الأكل إلى الدماغ، لذلك لا تدرك أن لديك ما يكفي من الطاقة المخزنة. يتم تقليل مستويات الليبتين أيضًا عندما تفقد الوزن، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل من الصعب جدًا الحفاظ على فقدان الوزن على المدى الطويل. يعتقد الدماغ أنك تتضور جوعًا، ويدفع إلى تناول المزيد من الطعام. هناك سببان مُحتملان لمقاومة هرمون الليبتين وهما مستويات الأنسولين المُرتفعة بشكل مُزمن والالتهاب في منطقة ما تحت المهاد. فيما يلي بعض الاقتراحات لتحسين حساسية اللبتين:
- تجنّب الأطعمة التي تسبب التهابات: قلل الأطعمة التي تُسبب الالتهاب، خاصة المشروبات السكرية والدهون المتحولة.
- تناول أطعمة معينة: تناول المزيد من الأطعمة المضادة للالتهابات، مثل الأسماك الدهنية.
- مُمارسة الرياضة بانتظام: يُمكن أن يُؤدي النشاط المُعتدل إلى تحسين حساسية اللبتين.
- الحصول على قسط كافي من النوم: أظهرت الدراسات أن النوم غير الكافي يُؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون اللبتين وزيادة الشهية.
- المُكمّلات الغذائية: في إحدى الدراسات، خسرت النساء اللواتي يتبعن نظامًا غذائيًا لفقدان الوزن تناولن حمض ألفا ليبويك وزيت السمك وزناً أكبر ولديهما انخفاض أقل في الليبتين مقارنة بتلك الموجودة في مجموعة التحكّم.
3- هرمون جريلين
يُعرف هرمون جريلين باسم “هرمون الجوع“. عندما تكون المعدة فارغة، فإنها تطلق جريلين، والتي ترسل رسالة إلى ما تحت المهاد تخبرك أن تأكل. عادةً تكون مستويات جريلين أعلى قبل الأكل وأقل بعد ساعة من تناول الوجبة. ومع ذلك، في الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن والسمنة، غالبًا ما تكون مستويات جريلين الصيام أقل ممّا هي عليه في الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
وقد أظهرت الدراسات أيضًا أنه بعد تناول الأشخاص الذين يُعانون من السمنة المفرطة وجبة، ينخفض الجريلين قليلاً. وبسبب هذا لا تتلقى منطقة ما تحت المهاد إشارة قوية للتوقف عن الأكل، ممّا قد يُؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام. فيما يلي بعض النصائح لتحسين وظيفة جريلين:
- السكر: تجنّب شراب الذرة عالي الفركتوز والمشروبات المحلاة بالسكر، والتي يُمكن أن تضعف استجابة الجريلين بعد الوجبات.
- البروتين: إنَّ تناول البروتين في كل وجبة، وخاصة وجبة الإفطار، يُمكن أن يُقلّل من مستويات جريلين وتعزيز الشبع.
4- هرمون الكورتيزول
يُصنع هرمون الكورتيزول في قشرة الغدد الكظرية ثم يُطلق في الدم، ويتم نقله في جميع أنحاء الجسم. تحتوي كل خلية تقريباً على مستقبلات للكورتيزول، وبالتالي يُمكن أن يكون للكورتيزول الكثير من الإجراءات المُختلفة اعتماداً على نوع الخلايا التي يعمل عليها.
الكورتيزول هو هرمون تنتجه الغدد الكظرية. يُعرف باسم “هرمون الإجهاد” لأنه يتم إصداره عندما يشعر الجسم بالضغط. مثل الهرمونات الأخرى، من الضروري البقاء في مستوياته الطبيعية بالجسم. ومع ذلك، يُمكن أن تُؤدي مستويات الكورتيزول المُرتفعة بشكل مُزمن إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن.
يبدو أن النساء اللواتي يحملن الوزن الزائد حول الوسط يستجيبن للضغط مع زيادة أكبر في الكورتيزول. ومع ذلك، يُمكن لنظام غذائي صارم أيضًا أن يرفع الكورتيزول. في إحدى الدراسات، كان لدى النساء اللواتي تناولن نظامًا غذائيًا منخفض السعرات الحرارية مستويات أعلى من الكورتيزول وأبلغن عن شعورهن بالتوتر أكثر من النساء اللواتي تناولن نظامًا غذائيًا عاديًا. يُمكن أن تُقلل هذه الاستراتيجيات من مستويات الكورتيزول:
- نظام غذائي متوازن: اتبع نظامًا غذائيًا متوازنًا وحقيقيًا يعتمد على الغذاء. لا تقطع السعرات الحرارية إلى مستويات مُنخفضة للغاية.
- التأمل: مُمارسة التأمل يُمكن أن تُقلّل بشكل كبير من إنتاج الكورتيزول.
- استمع إلى الموسيقى: أفاد الباحثون أنه عند تشغيل الموسيقى المهدئة أثناء الإجراءات الطبية، لا يرتفع الكورتيزول بنفس القدر.
- النوم أكثر: وجدت إحدى الدراسات أنه عندما فقد الطيارون 15 ساعة من النوم على مدار الأسبوع، زادت مستويات الكورتيزول بنسبة 50-80 ٪.
5- هرمون الإستروجين
الإستروجين: هو هرمون يلعب أدوارًا مُختلفة في الجسم. يُساعد على تطوير والحفاظ على كل من الجهاز التناسلي والخصائص الأنثوية لدى الأناث، مثل الثدي والشعر. ويُساهم الإستروجين في الصحة الإدراكية وصحّة العظام ووظيفة الجهاز القلبي الوعائي والعمليات الجسدية الأساسية الأخرى.
الإستروجين هو أهم هرمون الجنس الأنثوي. يتم إنتاجه بشكل رئيسي عن طريق المبيضين، ويُشارك في تنظيم الجهاز التناسلي للأنثى. يُمكن أن يُؤدي كل من مستويات الإستروجين المُرتفعة والمُنخفضة جدًا إلى زيادة الوزن. هذا يعتمد على العمر وعمل الهرمونات الأخرى والحالة الصحية العامة.
للحفاظ على الخصوبة خلال سنوات الإنجاب، يبدأ هرمون الإستروجين في تعزيز تخزين الدهون عند البلوغ. بالإضافة إلى ذلك، قد يُحفّز اكتساب الدهون في النصف الأول من الحمل. تميل النساء البدينات إلى الحصول على مستويات هرمون الإستروجين أعلى من النساء ذوات الوزن الطبيعي، ويعتقد بعض الباحثين أن هذا يرجع إلى التأثيرات البيئية.
أثناء انقطاع الطمث، عندما تنخفض مستويات هرمون الاستروجين لأنه ينتج أقل في المبيضين، يتحول موقع تخزين الدهون من الوركين والفخذين إلى الدهون الحشوية في البطن. هذا يُعزز مقاومة الأنسولين ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض. يُمكن أن تُساعد استراتيجيات التغذية ونمط الحياة هذه في إدارة هرمون الاستروجين:
- الألياف: تناول الكثير من الألياف إذا كنت ترغب في تقليل مستويات هرمون الاستروجين.
- الخضروات الصليبية: قد يكون تناول الخضروات الصليبية آثارًا مفيدة على الإستروجين.
- بذور الكتان: على الرغم من أن مركب فيتويستروغنز فيها مثير للجدل، لكن يبدو أن بذور الكتان لها آثار مفيدة على هرمون الإستروجين في معظم النساء.
- التمرين: يُمكن أن يُساعد النشاط البدني في تطبيع مستويات هرمون الإستروجين لدى كل من النساء قبل انقطاع الطمث وبعد سن اليأس.