أوقات استجابة الدعاء

اقرأ في هذا المقال


من جود وكرم وفضل الله تبارك وتعالى على عباده، التي لا تُعد ولا تُحصى، أنَّه تبارك وتعالى مُجيب للدعوات دون التقيد بوقت ميعن أو محدد، إلّا أنَّه من كمال فضله وكرمه وإحسانه أنَّه قد جعل بعض من الأوقات يستجيب بها دعوات وأسئلة الفرد الداعي، حيث حثَّنا الله تبارك وتعالى ورسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أن نتحرى تلك الأوقات لنكثف الدُعاء بها.

 ما هي أوقات استجابة الدعاء

تتواجد الكثير من الأوقات التي يستجيب بها الله تبارك وتعالى الدعاء، وهي على النحو الآتي:

ليلة القدر

حيث قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)“، سورة القدر.

وفي رواية عن زوجة النبي عليه الصلاة والسلام أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وأرضاها أنَّها قال: “قُلت يا رسول الله، أرأيت إن علمت أيُّ ليلة ليلةُ القدر ما أقول فيها؟، قال عليه السلام:  قولي: اللَّهُمَّ إنَّك عفوٌ كريم تُحب العفو فاعف عني“. صدق رسول الله الكريم.

جوف الليل الآخر

في حديث عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يقول: “أقرب ما يكون الربُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكُنْ“، وهذا يدلُّ على أنَّه قُرب خاص يقتضي الإجابة إلى جانب كل من العناية والإثابة أيضاً.

وفي رواية عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنَّه سأل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وقال: “يا رسول الله أيُّ الدُعاء أسمع؟، قال عليه السلام: جوف الليل الآخر“.

فحثنا سيدنا محمد عليه السلام أن نتحرى هذا الوقت لكي نُكثف الدعاء به، وهو من أشرف الأوقات، حيث أنَّ الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدُنيا في أثناء الثُلث الأخير من الليل، حيث أنَّه جلَّ جلاله ينزل نزولاً يليق بجلالة رب العباد، حيث قال عليه السلام في هذا الموضع: “ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدُنيا حين يبقى ثُلث الليل الآخرُ يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأُعطيه، من يستغفرني فأغفر له“.

فيعتبر هذا الوقت هو وقت غفلة وخلوة، وهو أيضاً وقت يستغرق به العبد في النوم، حيث أنَّ الله تبارك وتعالى أثنى على المستغفرين في هذا الوقت من الليل، حيث قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ“، سورة آل عمران/ الآية: (17).

ويعتبر الاستغفار أحد أنواع الأدعية التي يتقرب بها العبد من الله تبارك وتعالى، وهو من الأذكار التي يُحبها الله تبارك وتعالى في كل وقت وحين، ولكن الذي يستغفر ربَّه في وقت السحر فإنَّ الله تبارك وتعالى أعدَّ له ذلك الجزاء الكبير والعظيم، وهذا لأنَّ الدُعاء يعمُّ ما كان دفعاً للضرر، أو حتى كان جلباً للسرور، وهو طلب دفع الشر وجلب المسرات.

دبر الصلوات المكتوبة

ويقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: “ومن الليلِ فسبِّحه وأدبار السجود“، صدق الله العظيم، وفي حديث يرويه الصحابي الجليل أبي أمامة رضي الله عنه حيث سأل النبي عليه الصلاة والسلام حين قال له: أيُّ الدُعاء أسمع قال: “جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات“.

ودبر الصوات المكتوبات أي بعد التشهد وقبيل السلام، حيث قال ابن القيم رحمه الله: “ودبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان شيخنا يرجح أن يكون قبل السلام، فراجعته فه فقال: دبر كل شيء منه، كدبر الحيوان“.

وفي دُعاء علَّمه سيد الخلق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وقال في حيث له: “يا معاذ إنِّي لأُحبك، فقال له معاذ: بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، وأنا أُحبك، قال: أوصيك يا معاذ لا تدعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللَّهُمَّ أعني على ذكرك وشُكرك وحسن عبادتك“.

وكثير من الأدلة التي تدل على أنَّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان يدعو الله جلَّ جلاله ويطلب ما يسأله وهذا قبيل السلام وبعد السلام من الصلوات المكتوبة، حيث قال عليه الصلاة والسلام في حديث له: “مُعقبات لا يخيب قائلهن، أو فاعلهنَّ دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثاً وثلاثين تسبيحة“.

كما وثبُت عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قد دعا وطلب سؤاله من الله بعد السلام من الصلاة، ففي حديث له أنَّه بعدما انتهى وفرغ من الصلاة قال: “اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدمت وما أخرت“، وقال عليه السلام أيضاً بعد الفراغ من الصلاة أنَّه قال: “لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له له المُلك وله الحمد وهو على كُل شيء قدير اللَّهُمَّ لا مانع لما أعطيت ولا مُعطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد“.

الدعاء ما بين الأذان والإقامة

ويعتبر الوقت الكائن ما بين الأذان والإقامة من الأوقات التي يُستجاب فيها الدُعاء والتي حثَّنا كل من الله تبارك وتعالى وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على تكثيف الدُعاء آنذاك؛ وهذا لأنَّ الله جلَّ جلاله يستجيب لدعاء المسلم في ذلك الوقت، حيث قال عليه السلام في حديث له: “إنَّ الدُعاء لا يُردُّ بين الأذان والإقامة فادعوا“.

وهذا الوقت من الأوقات المُباركة والتي من الواجب على الفرد المسلم أن يفرغ في هذا الوقت إلى الدُعاء وطلب ما يتمنى ويسأل من الله تبارك وتعالى القادر على تحقيق المعجزات، ويجب عليه أن ينشغل أيضاً بالدُعاء أكثر من العبادات الأخرى.

ساعة من كل ليلة

والدليل على أنَّ هذه الساعة يستجيب فيها الله تبارك وتعالى الدُعاء أنَّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قال في حديث له: “إنَّ في الليل ساعة، لا يوافقها عبدٌ مسلم، يسأل الله خيراً من أمر الدُنيا والآخرة، إلّا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة“.

فالعبد المسلم ينبغي عليه أن يفرح بهذه البشارة الجميلة، فلا بُدَّ للفرد المسلم أن يستيقظ في أثناء الليل بسبب التقلبات، فيغتنم هذه الساعة ويدعو بها الله ويطلب منه ما يشاء.

عند النداء للصلوات المكتوبة

والدليل على أنَّ هذا الوقت يُستجاب به الدُعاء، هو قول النبي الكريم عليه صلوات الله وبركاته: “ثنتان لا تُردان، أو قَلَّما تُردَّان، الدُعاء عند النداء، وعند البأس حين يُلحم بعضه بعضاً“، صدق رسول الله الكريم.

الدعاء عند نزول الغيث

فيعتبر الدُعاء عند نزول الغيث من الأوقات التي يستجيب بها الله تبارك وتعالى الدُعاء للعبد المسلم المؤمن، حيث أنَّ النبي الكريم قال في حديث له مُدللاً على أهمية الدُعاء في تلك الأثناء: “اطلبوا إجابة الدُعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث“، وفي رواية أخرى يقول فيها عليه السلام: “ثنتان ما تُردان: الدُعاء عند النداء وتحت المطر“، صدق رسول الله الكريم.

الدعاء في ساعة من يوم الجمعة

وتكون هذه الساعة بعد صلاة العصر في يوم الجمعة، فينبغي على العبد المسلم أن يدعو الله تبارك وتعالى ويتحرى الدُعاء في تلك الأثناء لاستجابة الدُعاء فيها، وفي روايات أخرى قد تكون تلك الساعة هي آخر ساعة من العصر.

عند شرب ماء زمزم مقترنا بالنية الصادقة والخالصة

فإنَّ الدُعاء الذي يدعوه الفرد العبد المسلم بعد شربه لماء زمزم بتلك النية الخالصة لوجه الله تبارك وتعالى الكريم، فإنَّه بإذنه جلَّ جلاله سيستجيب له مهما كان الدُعاء أو السؤال.

الدعاء في السجود

أمَّا بالنسبة للدُعاء في أثناء السجود من بين الأدعية التي أخبرنا بها الله تعالى ورسوله الكريم بأنَّها من الأدعية المستجابة بإذن الله.

المصدر: كتاب الرقية الشرعية من الكتاب والسنة النبوية، محمد بن يوسف الجوراني، 2006. فقه الأدعية والأذكار: عبدالرازق بن عبد المحسن، 1999. أدعية وأذكار: سلسلة العلوم الإسلامية، دار المنهل ناشرون وموزعون. المأثورات، حسن البنا، 2018. من الكتاب والسنة، سعيد بن علي بن وهف القحطاني، شرح ماهر بن عبد الحميد بن مقام.


شارك المقالة: