اقرأ في هذا المقال
ترى الفيلسوفة مارجريت لوكاس كافنديش أنّ ما يجب أن يكون للكائن حرًا هو أن يكون لديه ما يشاء من القيام بما يحلو له دون عائق أو تدخل، وهي تعتقد أنّ العديد من الكائنات غير حرة في الواقع لأنّ لديهم أهدافًا التي يعمل عالم الكائنات المحيط بها على إحباطها وحظرها، وإنّ أهداف كافنديش في أن يكون فيلسوفًا وعالمًا وزعيمًا سياسيًا هي مثال على ذلك، وتقترح في العديد من نصوصها أنّ الاستجابة المناسبة للعقبات والقيود التي تفرضها الجلسة الكاملة في العالم الحقيقي هي تطوير وتوظيف قدرة الخيال لدينا، لنمذجة عوالم بديلة أكثر ملاءمة لقيمنا واهتماماتنا واحتياجاتنا.
فلسفة كافنديش في أسباب الميل لعالم خيالي:
كما تقترح عددًا من الأسباب التي تجعل بناء عوالم خيالية مفيدًا:
1- تسمح لنا بتجربة نسخة من الحياة التي منعنا من متابعتها في العالم الفعلي.
2- تمتعهم بالسكن.
3- تسمح لنا بالتمسك بالذات التي نحدد بها عندما لا يكون العالم الفعلي متسعًا لنا للتعبير عنها.
4- يسمحون لنا بالتسجيل في السجل وللأجيال القادمة لماذا لم تكن تلك الذات خيارًا قابلاً للتطبيق.
أسباب أخرى:
تكتب كافنديش في (إلى جميع السيدات النبيلات والجديرات) مقدمة إلى العالم المحترق، أنّه إذا منعتها الحياة الواقعية من تجسيد الحياة التي تتعرف عليها فإنّها ستنشئ تناظرية لتلك الحياة في خيالها، كما أنّ هناك عدد من الأسباب الواضحة التي تقترحها كافنديش حول سبب فائدة بناء عوالم خيالية، وهناك أسباب إضافية قد تكون لديها أيضًا، ولكن طرحها نيابة عنها هو تكهن أكثر قليلاً ويتطلب مزيدًا من البحث، حيث تشمل الأسباب:
5- أنّها تسمح لنا بنمذجة صورة لعالم قد يكون، أي بمعنى لنمذجة طريق قد نصل من خلاله، وتسليط الضوء على العوائق غير المرئية التي قد تكون في طريقنا.
6- يعتادون عقول الآخرين ويهيئونهم للتغيير الذي قد يشعروا به بشكل مفاجئ وحاد.
7- السجلات المكتوبة لأكثر تخيلاتنا نجاحًا قد تنجو وتؤمن لنا حياة أخرى من الشهرة.
كانت كافنديش محافظة إلى حد ما في سياستها، ولكن هذا لا يعني أنّها لم تفرد ظواهر معينة للنقد، ولا يعني ذلك أنّها كانت تنفر من التغيير الاجتماعي من حيث المبدأ، ففي بعض المقاطع من أعمالها الفلسفية كانت بالتأكيد تعارض الممارسات التي تديم عدم المساواة بين الجنسين، وهي تصمم عوالم الخيال العلمي التي تكشف كيف يمكن تقليل عدم المساواة بشكل كبير إذا كان عالمنا مختلفًا تمامًا، كما تشير في بعض المقاطع إلى أنّ ميزة نمذجة سيناريوهات بديلة في الخيال بدلاً من فرضها بشكل مباشر على العالم، هي أنّه يمكن تجنب أنواع معينة من العنف والاضطراب.
كما تتحدث كافنديش عن الطريقة التي لا تؤدي بها المشاركة في القصص الخيالية إلى بعض النتائج الصعبة والإشكالية التي قد تحدث إذا تم الكشف عن تلك القصص في الحياة الواقعية، فنحن نعلم أنّ كافنديش شهدت أهوال الحرب الأهلية في وقتها، وقد تؤيد وجهة النظر القائلة بأنّ التغيير الاجتماعي يجب أن يكون تدريجيًا إذا كان سيحدث على الإطلاق وألّا يؤدي إلى مثل هذه العواقب، على وجه الخصوص إلى نوع من رد فعل عنيف يعيد التقدم إلى الوراء أكثر.
فالكتابة هي بلا شك منصة يمكن أن تجعل مقاومة التغيير الاجتماعي أكثر مرونة، وإذا كان التقليد سائدًا ومتجذرًا واستفادت كتلة حرجة من الأفراد من استمرار وجوده، فسيتم مواجهة محاولة قلبه في الحياة الواقعية بنفس القوة على الأقل، وقد يبدو الخيال أكثر مرونة وعلى المدى الطويل قد يصبح السيناريو الممتع بشكل واضح مألوفًا لدرجة أنّه غير ضار، وإذا كنا مؤلفي هذا السيناريو فقد نشتهر بلعبنا دورًا في تغيير العالم.
فلسفة كافنديش والتكيف مع الحياة:
تفترض كافنديش أنّ العوالم الخيالية ممتعة للعيش فيها، وإنّها هنا تعكس وجهة نظر لا جدال فيها، على الأقل إذا أخذنا على محمل الجد مستوى المتعة التي يبدو أنّ الأفراد يضمنونها من الضياع في كتاب أو مسرحية أو أي عالم خيالي آخر، وسيواجه الشخص في بعض الأحيان قدرًا كبيرًا من الإحباط في حياته اليومية، وقد يكون ذلك الشخص غير صبور للعودة إلى قصة انغمس فيها، فتقترح كافنديش نفسها أنّه في عالم يتخيل بوضوح يمكن أن يكون مصدر رضا أكبر من العالم الذي أمامنا.
قد نعترف بأنّ كافنديش على حق في أنّ العالم الخيالي يمكن أن يكون في كثير من الأحيان بديلًا مرحبًا به لشؤوننا اليومية الفعلية، ولكن قد نشعر بالقلق من أنّها تبالغ في القضية إذا افترضت أننا نستطيع أن نكون عادلين كأننا نتخيل حياة نتعرف عليها بقدر الإمكان من خلال عيشها في الواقع، وهناك فرق بين أن تسكن في عالم من الشخصيات الخيالية وبين أن تعيش في عالم يمثل شوقنا إلى حياة حرمنا منها.
إن العيش في هذا النوع الأخير من العالم قد يجلب اليأس، ولا يبدو أنّ كافنديش تعتقد ذلك لكنها قد تفترض أيضًا أنّ هناك متعة في تسجيل سبب قطع عالم معين عنا، وبدلاً من مجرد السماح لأنفسنا بالانحلال في واحدة من الحياة التي لديها تم توفيرها، وقد تفترض أيضًا أنّه يمكننا تحقيق حياة ما بعد الشهرة إذا كتبنا عن عوالم بديلة وماذا عنهم وبطريقة تساعدهم على أن يكونوا، وإذا كان هناك عالم بديل مرغوب فيه أكثر بكثير من العالم الذي نجد أنفسنا فيه فقد يكون لسجل مكتوب عنه تأثير شخصي واجتماعي.
فلسفة كافنديش وتكيف المرأة:
تتحدث كافنديش بالفعل في مجموعة واسعة من النصوص عن الطرق التي لا يتكيف بها عالم القرن السابع عشر، والذي يحيط بها مع مساعي النساء وأهدافهن كما هو الحال بالنسبة لملاحقات الرجال وأهدافهم، وتقول في بعض هذه النصوص إنّ مناخ المرأة كان عدائيًا لدرجة أنّه من الصحيح في الواقع أنّ النساء لا يتمتعن بنفس القدرات التي يتمتع بها الرجال: فالمرأة إما تُحرم من التدريب والخبرة ذات الصلة أو لا يؤخذون على محمل الجد ولا يُسمح بقدراتهم كمنصة.
تشير كافنديش إلى أنّ منفذًا واحدًا لطاقات الفرد الذي تم حظره من متابعة تطلعاته الموجهة نحو الخارج هو الكتابة، ففي عالم ملتهب وبيل في كامبو ونصوص أخرى تستخدم كافنديش بالفعل هذا المنفذ لسن أدوار يتم حرمانها بانتظام من النساء في الجلسة الكاملة في إنجلترا في القرن السابع عشر، ولا تسمح الجلسة المكتملة للنساء بتولي أي عدد من الأدوار، ولا تمنحهن الفرصة لاكتساب المهارات المطلوبة والتدريب والمعرفة، ولكن حتى لو حصلت المرأة على هذا التدريب فهناك شعور مهم بأنّها ستظل تفتقر إلى القدرات اللازمة للأدوار المعنية.