فلسفة كافنديش في دور العقل في المادة الغير مادية

اقرأ في هذا المقال


السؤال الأساسي حول الفلسفة المادية هو ما إذا كانت هناك أشياء غير مادية في العالم، وبشكل تقريبي اعتقد الفيلسوف توماس هوبز أنّه لا توجد مثل هذه الأشياء كما اعتقد المزيد بوجودها، بينما اعتقدت الفيلسوفة مارجريت لوكاس كافنديش أنّه لم يكن هناك شيء في الطبيعة، ولكن هناك مواد غير مادية خارقة للطبيعة.

فلسفة كافنديش في إدراك العقل للمواد الغير مادية:

بينت فلسفة كافنديش بأنّ كل ما يسمى غير مادي هو لا شيء طبيعي ومادة طبيعية غير مادية، وهذا فعليًا هي لا معنى لها، وتلتزم كافنديش بالقول إنّ الأفكار والعقول التي نواجهها هي جزء من الطبيعة وهي مادية، وهي بذلك لا تنكر وجود مبسط للمواد غير المادية، كما إنّها ملتزمة بالرأي القائل بأنّه لا توجد مواد طبيعية غير مادية.

ومع ذلك فإنّ المشكلة التي تظهر هي أنّ كافنديش تبدو أيضًا ملتزمًا بالقول إنّ العقول البشرية لا تستطيع إدراك أو اكتشاف المواد غير المادية وأننا لا نستطيع تكوين أفكار عنها، وتقترح كافنديش بشدة أنّه يمكننا التفكير والتحدث عن المواد غير المادية في ملاحظتها أنّها في الواقع قد تحيط بنا، وتقول أنّه حتى لو فعلوا ذلك فلن نكون أكثر حكمة، ولكن يبقى السؤال حول كيف يمكن أن تسمح كافنديش بأن نكون قادرين على التفكير أو الحديث عن المواد غير المادية على الإطلاق، وإذا لم نكن قادرين على إدراكها أو اكتشافها أو امتلاك أفكار عنها.

هناك عدد من الطرق التي قد تناور بها كافنديش هنا، ويمكن للمرء أن يدافع عن الفرضية القائلة بأنّه على الرغم من أنّ عقولنا الطبيعية (وبالتالي المادية) لا يمكن أن تشكل تصورًا لما هو غير مادي، إلّا أنّ هناك جانبًا آخر من أذهاننا -وهو جانب غير مادي- ويمكن أن تشكل مفاهيم غير مادية، وتلمح كافنديش إلى الأطروحة عندما تقول أنّ العقل الطبيعي لا يمكن أن يكون لديه فكرة عن كائن غير مادي، تاركًا مفتوحًا أنّ العقل غير الطبيعي يمكن أن يكون لديه فكرة عن كائن غير مادي.

تكمن المشكلة بالطبع في أنّ كافنديش لا تبدو أنّها قادرة على السماح للعقل الطبيعي بأن يكون لديه فكرة عن السبب غير الطبيعي، أو أنّه يمكن أن تطرح فرضية أنّ العقل غير الطبيعي يمكن أن يشكل مفاهيم عن غير مادية.

اللغة الغير مادية في فلسفة كافنديش:

هناك مناورة أخرى التي يمكن أن تقوم بها كافنديش هي القول إنّها عندما تتحدث بلغة غير مادية، فإنّها تستخدم مصطلحات لا تعتبرها مرجعية ولكنها لا تزال تؤدي دورًا تواصليًا مهمًا، على سبيل المثال عندما تتحدث عن الأرواح غير المادية التي قد تحيط بنا، والطريقة التي لن تكون فيها شيئًا بالنسبة لنا، فقد تحاول توضيح نقطة في لغة خصومها، وإنّهم يتحدثون بلغة غير مادية وقد ترغب كافنديش في محاولة إشراكهم، وفي الواقع فإنّ الاقتراح التفسيري النهائي هو أنّه في بعض الحالات قد تستخدم كافنديش لغة المواد غير المادية لإظهار التقوى والتفاني.

بالنسبة إلى كافنديش فإن البحث الفلسفي ليس مسألة محاولة الالتقاء على فهم كل ما هو موجود، كما إنّها بدلاً من ذلك مسألة إرضاء فضولنا فيما يتعلق بتفاصيل تلك الأشياء التي نالت اهتمامنا بالفعل (أو القادرة على جذب) انتباهنا، وإنّها مسألة محاولة الالتقاء فيما وصفته لغتنا بأنّه حقيقي، وقد تكون هناك أشياء غير مادية ولكنها لا يمكن أن تكون موضوع تحقيق (على الأقل ليس من جانبنا).

كما أنّه لا يمكننا التحدث أو التفكير أو التنظير عنها، ويبدو أننا بالمعنى الدقيق للكلمة لا يمكننا حتى التأكيد على أنّ هذه الأشياء قد تكون موجودة حيث ليس لدينا أي أفكار عنها، ومع ذلك تتحدث كافنديش عنهم ولا يزال لدينا السؤال التفسيري عن السبب.

فلسفة كافنديش في المادة الذكية:

اعتراض كافنديش المحتمل هو في الواقع استجابة مختزلة لحجة كافنديش بأنّ الأجسام التي تحيط بنا تحتاج إلى أن تكون ذكية إذا أرادت إظهار الترتيب الذي تفعله، والاعتراض ببساطة هو أنّ الأجسام ليست ذكية ولذا يجب أن يكون هناك تفسير آخر لهذا النظام.

وبعبارة أخرى تقدمها كافنديش للرأي القائل بأنّ المادة تفكر وهي ذكية فهي من السلوك المنظم للأجسام، كما كان أحد الألغاز القديمة لفلسفة القرن السابع عشر والعلم هو كيفية تفسير هذا السلوك، ويضع كودوورث اللغز بدقة شديدة، فأولاً تقدم ثلاثية من حيث أنّه نظرًا لأنّه لا يتم إنتاج كل الأشياء بالصدفة أو بواسطة آلية المادة غير الموجهة، ولا يمكن التفكير بشكل معقول في أنّ الله نفسه يفعل كل الأشياء على الفور وبمعجزة، كما يمكن أن نستنتج جيدًا أنّ هناك طبيعة بلاستيك تحته والتي بصفتها أداة أقل شأناً وتابعة، تقوم بتنفيذ هذا الجزء من العناية الإلهية والذي يتألف من الحركة المنتظمة والمنظمة للمادة.

استقر كودوورث على القرن الثالث من ثلاثية بعد استبعاد الاثنين الآخرين، فالأجساد غبية وميتة وبالتالي فهي ليست مصدر نظامها الخاص، وسيكون من حق الله أن يهتم بشؤون الجسد بنفسه، ويعتبر كودوورث أيضًا خيارًا رابعًا وهو أنّ السلوك المنظم للأجسام مضمون بوجود قوانين الطبيعة.

يخلص كودوورث إلى أنّه ليس خيارًا إضافيًا بعد كل شيء ولكنه يندرج في الخيارات الثلاثة الأخرى وهي أنّ هؤلاء الرجال لا يبدو جيدًا لفهم أنفسهم في هذا، وبقدر الضرورة إما أن تفترض أنّ قوانين الحركة الخاصة بهم تنفذ نفسها، أو تُجبر دائمًا على الاهتمام بالإله في الحركة الفورية لكل ذرة من المادة في جميع أنحاء الكون، ومن أجل تنفيذها ومراقبتها لا يمكننا أن نتوصل إلى أي استنتاج آخر غير هذا، وأنّهم يفعلون ذلك ولكن بغير مهارة وبدون وعي يثبتون ذلك الشيء ذاته الذي يعارضونه في الكلمات، وأنّ قوانين الطبيعة الخاصة بهم فيما يتعلق بالحركة ليست في الحقيقة أي شيء آخر سوى طبيعة بلاستيك.

يشير كودوورث هنا وستوافق كافنديش على أننا لا نأخذ في الحسبان السلوك المنظم للأجسام من خلال وضع قوانين الطبيعة إذا كنا لا نعرف ما هو قانون الطبيعة أو كيف يعمل، من وجهة نظر بلاستيك يتم تأمين السلوك المنظم للأجساد بواسطة عقول غير مادية (أو طبائع بلاستيكية) ترتبط بالأجساد وتعمل على إبقائها على القضبان.

وفي شيء مثل الطريقة التي توجه بها عقولنا (غير المادية) أجسادنا بذكاء، فإنّ الطبيعة البلاستيكية توجه بذكاء الأجسام التي تتكون منها عالم النبات والحيوان والمعادن، وتوافق كافنديش على ذلك، وبالرغم من هذا فإنّها ستثير اعتراضًا على أنّ العقول التي تتحرك وتتلامس مع الأجساد وتتعلق بها يجب أن تكون مادية.


شارك المقالة: