دائماً ما تحثّنا القصص والحكايات على حب الخير والأعمال المجزية وندرك من نهايتها أن الشر لا يدوم وزائل لا محالة، وفي هذه القصة سنحكي عن عصفورتين جميلتين سيعلّم منهما القارئ لأبنائه حب الوطن والانتماء له، وكما قال الشاعر مصطفى صادق الرافعي في قصيدة لحب الوطن: بلادي هواها في لساني ودمي، يمجدها قلبي ويدعو لها فمي، ولا خير فيمن لا يحب بلاده.
حب الوطن:
كان هنالك عصفورتين جميلتين تطيران مع بعضهما البعض دائماً في كل مكان؛ فهن من أعز الأصدقاء، تعيشان مع العائلة في مكان ما على الأرض، حتى كبرن وأصبحن يعتمدن على أنفسهن في عملية الطيران، ولكن كانت هناك مشكلة ألا وهي أنّ هذه الأرض التي تعيشان فيها باردة جدّاً في فصل الشتاء، وجافة وحارّة في فصل الصيف أيضاً.
في مرة من المرات وفي أثناء طيرهما معاً قالت إحداهما للأخرى في حزن شديد: ما أسوأ هذه الأرض التي نعيش عليها فبردها قارس في الشتاء وصيفها جاف وحار، وفجأةً وفي أثناء حديثهما هبّت عليهما نسمة جميلة من إحدى الأراضي المجاورة، فرحت العصفورتين بهذه النسمة العليلة وأخذت تزقزقان في فرح وسعادة.
تعجبّت هذه النسمة الجميلة من العصفورتين والتي كانتا تقفان على غصن الشجرة وتزقزقان من شدة الفرح بها فقالت لهما: ما هذه الأرض التي تسكنان عليها وكيف تقبلان بذلك؟ هيّا معي فسآخذكما إلى أرض جميلة وفيها الكثير من الماء والسيول والوديان والأشجار والزهور وهي التي أتيتكم منها.
بدأت هذه النسمة بالتحدّث عن أرضها ووصفها بأنّ فيها الماء العذب الذي طعمه كالعسل، وفيها الحبوب اللذيذة حلوة المذاق، وفيها الكثير من العصافير المختلفة الأنواع والجميلة المظهر والريش، ووعدت هذه النسمة العصفورتين أن تأخذهما لتلك الأرض بسرعة كبيرة، وعندما أنهت كلامها وانتظرت الجواب.
قالت إحدى العصفورتين بذكاء: يا أيتها النسمة العليلة أنتِ تتنقلين في كل يوم من أرض لأرض وترين أجمل البقاع والأماكن، ولكن أنتِ لم تجربي أن يكون لديكِ وطن تحبّينه وتعشقين السكن به. وأكملت قائلة: اذهبي أيتها النسمة العليلة فنحن لا نبدّل هذه الأرض السيئة ذات الظروف القاسية بأي أرض أخرى ولو كانت هذه الأرض بقعة من الجنة.