التي تسمى أحياناً بمسمى دولة العمال هي دولة ذات سيادة يتم تكريسها بشكل دستوري لإنشاء الاشتراكية.
لمحة عن الدولة الاشتراكية:
غالباً ما يستخدم مصطلح الدولة الشيوعية بشكل مترادف في الغرب تحديداً عند الإشارة إلى الدول الاشتراكية ذات الحزب الواحد، والتي تحكمها الأحزاب الشيوعية الماركسية اللينينية، على الرغم من أن هذه الدول دول اشتراكية رسمياً في عملية بناء الاشتراكية.
لم تصف هذه الدول نفسها أبداً بالشيوعية ولم تطبق مجتمعاً شيوعياً، بالإضافة إلى ذلك فإن عدداً من الدول التي تعد دولاً رأسمالية متعددة الأحزاب تشير إلى الاشتراكية في دساتيرها، ففي معظم الحالات تشير إلى بناء مجتمع اشتراكي أو تسمية الاشتراكية أو الادعاء بأنها دولة اشتراكية أو تضمين مصطلح جمهورية الشعب أو جمهورية اشتراكية بالاسم الكامل لبلدهم.
على الرغم من أن هذا لا يعكس بالضرورة هيكل ومسارات التنمية للأنظمة السياسية والاقتصادية لهذه البلدان، حالياً تشمل هذه البلدان الجزائر (بنغلاديش، غيانا، الهند، نيبال، نيكاراغوا، كوريا الشمالية، البرتغال، سريلانكا وتنزانيا).
تنشأ فكرة الدولة الاشتراكية من المصطلح الاشمل لاشتراكية الدولة، ويعد الأسلوب السياسي الذي تحتاجه الطبقة العاملة لاستعمال سلطة الدولة وسياسات الحكومة من أجل نظام اقتصادي اجتماعي، قد يعني هذا إما نظاماً يتم فيه تأميم وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل أو خضوعها لملكية الدولة أو ببساطة نظام تكون فيه القيم الاجتماعية أو مصالح العمال لها الأولوية الاقتصادية.
ومع ذلك فإن مفهوم الدولة الاشتراكية يدافع عنه بشكل أساسي الماركسيون اللينينيون، وقد تم تأسيس معظم الدول الاشتراكية من قبل الأحزاب السياسية الملتزمة بالماركسية اللينينية أو بعض الاختلافات الوطنية منها مثل: الماوية أو التيتوية، حيث إن الدولة سواء كانت اشتراكية أم لا وهي الأكثر معارضة من قبل الأناركيين الذين يرفضون فكرة أنه يمكن استخدام الدولة لتأسيس مجتمع اشتراكي بسبب طبيعتها الهرمية والقهرية معتبرين الدولة الاشتراكية بمثابة تناقض.
يعد مصطلح الدولة الاشتراكية غير لازم أو يأتي بنتائج عكسية ويرفضه العديد من الماركسيين الكلاسيكيين والليبراليين والأرثوذكس والاشتراكيين التحرريين وغيرهم، من المفكرين السياسيين الاشتراكيين الذين ينظرون إلى الدولة الحديثة على أنها نتيجة ثانوية للرأسمالية التي لن يكون لها أي وظيفة في النظام الاشتراكي.
يجب التفريق بين الدولة الاشتراكية والديمقراطية الليبرالية متعددة الأحزاب التي يقوم بحكمها حزب اشتراكي يعبر عن نفسه، حيث لا تكون الدولة مجبورة بصورة دستورية بإنشاء الاشتراكية، في مثل هذه الأمور لا يتم هيكلة النظام السياسي وآلية الحكومة بصورة خاصة لمتابعة تطوير الاشتراكية، حيث تعد بالمعنى الماركسي اللينيني هي دول ذات سيادة تخضع لسيطرة حزب طليعي ينظم التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في البلاد نحو تحقيق الاشتراكية.
من الناحية الاقتصادية ينطوي هذا على تطوير اقتصاد رأسمالي للدولة مع تراكم رأس المال الموجه من الدولة بهدف طويل المدى لبناء القوى المنتجة للبلاد مع تعزيز الشيوعية العالمية في الوقت نفسه، حيث يميل الأكاديميون والمعلقون السياسيون وغيرهم من العلماء إلى التمييز بين الدول الاشتراكية الاستبدادية والدول الاشتراكية الديمقراطية، حيث تمثل الأولى الكتلة السوفييتية والأخيرة تمثل دول الكتلة الغربية التي كانت تحكم ديمقراطياً من قبل الأحزاب الاشتراكية مثل: بريطانيا وفرنسا والسويد والدول الاجتماعية الغربية والديمقراطيات بشكل عام من بين أمور أخرى.
خلفية الدولة الاشتراكية:
كانت أول دولة اشتراكية هي الجمهورية السوفييتية الاشتراكية الروسية التي تأسست سنة 1917، ففي سنة 1922 اندمجت مع جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفيتية والجمهورية الاشتراكية السوفيتية عبر القوقاز والجمهورية الاشتراكية السوفيتية الأوكرانية في اتحاد فيدرالي واحد، حيث يسمى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (الاتحاد السوفييتي).
لقد قام الاتحاد السوفييتي بإعلان نفسه دولة اشتراكية والتزامه ببناء اقتصاد اشتراكي في دستوره لسنة 1936، ودستور سنة 1977 اللاحق، حيث كان يحكمها الحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي كدولة الحزب الواحد ظاهرياً مع منظمة مركزية ديمقراطية، مع بقاء الماركسية اللينينية إيديولوجيتها الرسمية الموجهة حتى حل الاتحاد السوفييتي في 26 ديسمبر سنة 1991.
تأسست جمهورية الصين الشعبية في 1 أكتوبر سنة 1949 وأعلنت نفسها دولة اشتراكية في دستورها لسنة 1982، حيث اعتادت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أن تكون دولة ماركسية لينينية، ففي سنة 1972 تبنت الدولة دستور جديد غير إيديولوجية الدولة الرسمية إلى جوتشي، والتي تعتبر إعادة تفسير كورية مميزة للإيديولوجية السابقة.
في نفس الوقت فإن الدلالات المباشرة إلى الشيوعية في جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية غير مدرجة في وثائق إنشائها، على الرغم من أنها تعطي سلطة بشكل مباشر للحزب الحاكم الحاكم الحزب الثوري الشعبي الماركسي اللينيني، حيث تنص ديباجة دستور جمهورية فيتنام الاشتراكية على أن فيتنام دخلت فقط مرحلة انتقالية بين الرأسمالية والاشتراكية بعد إعادة توحيد البلاد في ظل الحزب الشيوعي الفيتنامي في سنة 1976.
ينص دستور جمهورية كوبا لسنة 1992 على أن دور الحزب الشيوعي الكوبي هو “توجيه الجهد المشترك نحو أهداف وبناء الاشتراكية (والتقدم نحو مجتمع شيوعي)”، حيث يحتفظ دستور سنة 2019 بهدف العمل على بناء الاشتراكية.
الأنظمة السياسية لهؤلاء الماركسيين اللينينيين تدور الدول الاشتراكية حول الدور المركزي للحزب الذي يتمتع بالسلطة النهائية، داخلياً يمارس الحزب الشيوعي شكلاً من أشكال الديمقراطية يسمى المركزية الديمقراطية.
خلال المؤتمر ال 22 للحزب الشيوعي للاتحاد السوفييتي في سنة 1961، حيث أعلن نيكيتا خروتشوف الانتهاء من البناء الاشتراكي وأعلن الهدف المتفائل المتمثل في تحقيق الشيوعية في عشرين عاماً، حيث كانت الكتلة الشرقية كتلة سياسية واقتصادية من الدول الاشتراكية المتحالفة مع الاتحاد السوفييتي في شرق ووسط أوروبا، والتي التزمت بالماركسية اللينينية والحكم على النمط السوفييتي والتخطيط الاقتصادي في شكل نظام القيادة الإدارية والاقتصاد الموجه، حيث تمت الإشارة إلى الهيكل الاجتماعي الاقتصادي في الصين باسم “رأسمالية الدولة القومية” والكتلة الشرقية (أوروبا الشرقية والعالم الثالث) على أنها أنظمة بيروقراطية استبدادية.
نظريات الدولة الاشتراكية:
النظرية الماركسية:
تصور كارل ماركس والمفكرون اللاحقون في التقليد الماركسي الدولة على أنها تجسد مصالح الطبقة الحاكمة، جزئياً من الضرورة المادية للتشغيل السلس لأنماط الإنتاج التي تترأسها، حيث يتتبع الماركسيون تشكيل الشكل المعاصر للدولة ذات السيادة إلى ظهور الرأسمالية كنمط إنتاج مهيمن بمبادئها ووظائفها التنظيمية المصممة خصيصاً لإدارة وتنظيم شؤون الاقتصاد الرأسمالي؛ لأن هذا يشمل الحكم والقوانين التي تم تمريرها لمصلحة البرجوازية ككل.
أيضاً لأن المسؤولين إما يأتون من البرجوازية أو يرتكزون على مصالحهم، فقد قام ماركس بالتعبير عن الدولة الرأسمالية بأنها دكتاتورية البرجوازية، استقراءاً من ذلك وصف ماركس حكومة ما بعد الثورة من جانب الطبقة العاملة أو البروليتاريا بأنها ديكتاتورية البروليتاريا؛ لأن المصالح الاقتصادية للبروليتاريا يجب أن توجه شؤون الدولة وسياستها خلال دولة انتقالية، ففي إشارة أخرى إلى إنشاء اقتصاد اشتراكي، حيث تحل الملكية الاجتماعية محل الملكية الخاصة، وبالتالي يتم القضاء على الفروق الطبقية على أساس الملكية الخاصة، فإن الدولة الحديثة لن يكون لها وظيفة وستتلاشى تدريجياً أو تتحول إلى شكل جديد من الحكم.
تأثر الفيلسوف الاشتراكي اليوتوبي ما قبل الماركسي هنري دي سان سيمون وضع فريدريك إنجلز نظرية أن طبيعة الدولة ستتغير أثناء الانتقال إلى الاشتراكية، حيث وصف كل من سانت سيمون وإنجلز تحول الدولة من كيان يهتم بشكل أساسي بالحكم السياسي على الناس (عن طريق الإكراه وخلق القانون) إلى “إدارة الأشياء” العلمية، التي من شأنها أن تهتم بتوجيه عمليات الإنتاج في مجتمع اشتراكي في الأساس لم تعد دولة.
على الرغم من أن ماركس لم يشر أبداً إلى الدولة الاشتراكية إلا أنه جادل بأن الطبقة العاملة يجب أن تستولي على جهاز الدولة والحكومة من أجل الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، حيث دكتاتورية البروليتاريا ستمثل هذه الدولة الانتقالية وستشمل مصالح الطبقة العاملة التي تهيمن على سياسة الحكومة بنفس الطريقة التي تهيمن بها مصالح الطبقة الرأسمالية على سياسة الحكومة في ظل الرأسمالية (دكتاتورية البرجوازية)، حيث جادل إنجلز أنه مع تطور الاشتراكية ستتغير الدولة في الشكل والوظيفة.
النظرية اللينينية للدولة:
في حين لم يكن لدى ماركس وإنجلز والمفكرين الماركسيين الكلاسيكيين الكثير ليقولوه عن تنظيم الدولة في مجتمع اشتراكي، بافتراض أن الدولة الحديثة خاصة بنمط الإنتاج الرأسمالي، حيث كان فلاديمير لينين رائداً لفكرة الدولة الثورية بناءً على نظريته، أيضاً حزب الطليعة الثوري والمبادئ التنظيمية للمركزية الديمقراطية.
تكيفاً مع ظروف روسيا شبه الإقطاعية تضمن مفهوم لينين لديكتاتورية البروليتاريا حزباً طليعياً ثورياً يعمل كممثل للبروليتاريا ومصالحها، حيث وفقاً لأطروحات أبريل للينين فإن هدف الثورة وحزب الطليعة ليس إدخال الاشتراكية (يمكن تأسيسها فقط على نطاق عالمي)، بل وضع الإنتاج والدولة تحت سيطرة سوفييتات نواب العمال.
بعد ثورة أكتوبر في روسيا عزز البلاشفة سلطتهم وسعى للسيطرة على الشؤون الاجتماعية والاقتصادية للدولة والمجتمع الروسي الأوسع وتوجيهها؛ من أجل الحماية، ضد الانتفاضة المضادة للثورة والغزو الأجنبي وتعزيز الوعي الاشتراكي بين السكان الروس وتعزيز التنمية الاقتصادية في نفس الوقت.