الفارابي

اقرأ في هذا المقال


من هو الفارابي؟

هو أبو نصر محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي، ولد في عام”874″ للميلاد في مدينة فاراب الواقعة في إقليم تركستان والتي تُعرف حالياً باسم كازاخستان، اشتهر بذكائه وفطنته إلى جانب قدرته على اتقان العديد من العلوم الحكمية.

يعود السبب وراء تسميته بالفارابي إلى المدينة التي ولد وعاش فيها والتي كانت تُعرف بالفاراب، عُرف عن أبوه بأنّه كان قائداً للجيش البغدادي، ومن ثم انتقل إلى سوريا، اشتهر الفارابي كغيره من العلماء بكثرة تنقّله وسفره وترحاله، حيث استقرّ في بداية حياته في بغداد ومن ثم انتقل إلى سوريا طلباً للعلم، كما أنّه جاب معظم بلدان العالم، ومن ثم قرر العودة إلى مدينة دمشق التي استقر فيها وبدأ فيها بإجراء العديد من الأبحاث والدراسات التي حققت نجاحاً عظيماً في ذلك العصر.

كان للفارابي الأثر الكبير في نفوس العديد من العلماء العرب والمسلمين، إلى جانب تأثّره بعدد كبير من أولئك العلماء، ومن أشهر العلماء الذين أثّروا في الفارابي بشكلٍ واضح وكبير ابن سينا وابن رشد، حيث ظهر تأثّره بهم من خلال أبحاثه ومؤلفاته إلى جانب الأسلوب الذي اتبعه الفارابي في أبحاثه.

تمكّن الفارابي من تحقيق العديد من الإنجازات والإسهامات التي جعلت منه واحداً من أهم وأشهر العلماء العرب والمسلمين، هذا وقد كان الفارابي يُسمّى بالمعلم الثاني؛ وذلك نسبةً للمعلم الأول” أرسطو” الذي أثر بشكلٍ كبير في الفارابي كما أنّه عمل على شرح العديد من مؤلفاته.

استقر الفارابي في بداية حياته في مسقط رأسه، حيث اشتهر بدراسة العديد من العلوم والمجالات كالرياضيات والفلك والهندسة والحساب إلى جانب اهتمامه باللغات حيث تميّز الفارابي باتقانه للعديد من اللغات خاصةً اللغة التركية والتي تُعدّ اللغة الأصلية له، هذا وقد كان الفارابي على درايةٍ كاملة بكلٍ من اللغة العربية والفارسية إلى جانب اللغة اليونانية.

بعد أن بلغ الفارابي الخمسين من عمره قرر أن يُغادر مدينته التي ولد وعاش فيها، مُتجهاً إلى العراق؛ وذلك رغبةً منه لإكمال ما بدأ فيه من دراسة وأبحاث وأعمال، حيث عمل الفارابي على تعديل العديد من الأبحاث والتجارب التي كان قد بدأ بها في أولى حياته، حتى تمكّن من تحقيق شهرة عظيمة في العراق.

اتجه الفارابي في اهتماماته إلى دراسة كل ما يتعلّق بالطب والفلسفة والمنطق، حيث أخذ علومه في الطب عن الطبيب المسيحي المعروف في ذلك الزمان باسم “يوحنا بن حيلان”، إلى جانب أنّه تعلّم الفلسفة والمنطق على يد أشهر العلماء والفبلاسفة في ذلك الزمان أمثال أبي بشر متى بن يونس الذي كان واحداً من أشهر مترجمين الكتب اليونانية إلى جانب كونه من أشهر الباحثين والعلماء في علم المنطق.

عُرف عن الفارابي أنّه كان ميسور الحال فقيراً، حيث كان يعيش حياة التقشّف بعيداً عن الثراء والزهد؛ وهذا هو السبب الرئيسي لعدم رغبته في الزواج، حيث ذُكر عنه أنّه لم يكن لديه أي مصدراً للدخل، بل أنّه كان يتناول من سيف الدولة ما يقارب أربعة دراهم”وذلك حسب ماورد” كان ينفقها في ضروريات عيشه، وعلى الرغم من ذلك فقد عُرف عنه أنّه كان قنوعاً بكل ما لديه.

عُرف عن الفارابي أنّه كان يحب العزلة والوحدة، حيث كان يقضي معظم وقته في التأمل والتفكير، حيث ذُكر عنه أنّه كان يقضي معظم وقته في البساتين وعلى شواطئ الأنهار؛ وذلك لإيمانه أنّ الطبيعة ومناظرها هي الوسيلة الوحيدة التي تدفعه إلى كتابة كل ما يدور في ذهنه.

تميّز الفارابي بعبقريته وقدرته على الإستمرار في سبيل الحصول على المعلومات والمعرفة؛ الأمر الذي جعل منه واحداً من أهم المُفكرين في العالم الإسلامي، إلى جانب ذلك فقد كان العديد من الأدباء والباحثين والمُفكيرن الغرب يتحدوث عن عبقريته وعلمه إلى جانب دراسته وأبحاثه، حيث تحدّث المُستشرق الفرنسي ماسينيون عن الفارابي وقام بوصفه أنّه أهم الفلاسفة المسلمين.

إلى جانب ذلك فقد قام المستشرق والباحث والمفكر روجر باركر بالحديث عن مؤلفات الفارابي التي بيّن أنّها هي السبب الرئيسي وراء ظهور عدد كبير من العلماء العرب أمثال ابن سينا وابن رشد، كما أنّه ذكر أنّ تلك المؤلفات هي النور الذي أضاء الطريق أمام العديد من الحكماء في الغرب والشرق، أمّا العالِم دي فو فقد كان من أهم من تكلّم عن الفارابي حيث وصفه بأنّه شخصية غريبة وقوية، ليس من الصعب ولا من السهل أن ينجذب فيها الإنسان، كما أنّه ذكر أنّه أكثر تأثيراً من ابن سينا.

توفي الفارابي وحسب ماورد على لسان العديد من المؤرخين والأدباء في بغداد وذلك في شهر رجب في عام “339” للهجرة على عمر يناهز الثمانين عاماً.


شارك المقالة: